جور نار

بين حق الاختلاف … و قطع الأيدي و الأرجل من خلاف

نشرت

في

خبر صغير لفت انتباهي البارحة وسط زحمة الأخبار و لكنه يستحق وقفة … و يتمثل في إنشاء إدارة أو مكتب ضمن وزارة الشؤون الدينية مخصص للأقليات … و بصرف النظر عن هذا التنعيت الذي لا أحبه، و لا عن الميز بين المواطنين في مؤسسة عمومية، فإن في المبادرة جانبا مضيئا أدنى لا نغفل عنه …

<strong>عبد القادر المقري<strong>

فو الله أصبح التونسيون و عقلاؤهم خصوصا، مشتاقين لرؤية من يعترف بحقك في أن تكون الآخر … ليس في الديانة و العياذ بالله (!) بل في تفاصيل غيرها من حياتنا سواء كانت سياسية أو ثقافية أو رياضية أو حتى نباتية … قل مثلا إن رئيس الدولة الحالي يصيبني الكمد كلما رأيته أو الغمّ كلما سمعته، قل هذا و ستنزل على رأسك حجارة من سجّيل … أنصاره كثر و لا يعرف معظمهم لماذا هم أنصاره … قل أيضا ـ من باب الواجب الأخلاقي ـ رحم الله الرئيس السابق، و ستسمع و تقرأ عجائب عن سوادك و فسادك و أموالك المقبوضة رزما من الإمارات … تفتش حسابك المرهون و جيبك المثقوب و معدتك الخاوية و تقول يا ليت كلامهم يطلع صحيحا ǃ

في الكرة دائما هناك معسكر ملائكة و معسكر شياطين … الفريق الطاهر النظيف الشريف هو طبعا الفريق الذي ننتمي إليه، و دار الشرّ و الرشوة و التلاعب و الوسخ و المسخ و الغش و الطش و الرش، هي النادي الذي ينافسنا و خاصة يتغلب علينا و يظفر باللقب …

في الثقافة، حورب تيار 71 لعقود لأنه قطع مع المالوف و البراول و ناعورة الطبوع، و حاول تحديث موسيقانا المسجّاة و إدخال الفكر الأوركسترالي و الأوبرا و الأوبريت … و لم يسلم أفراده إلا حين اكتفى عز الدين العياشي بتقديم المنوعات التلفزية، و حمادي بن عثمان بتلحين تترات المسلسلات، أما القرفي فقد تحول إلى مقنبلة صوتية تدور على نفسها و تشتم كل سائر على الأرض …

في الإعلام كنا قبل 2011 محكومين بمفردات لغة الهادي الغالي و رؤوف يعيش و حامد الدبابي و باقي الدبّابات المتكلمة لغة خشبية لا يمسّها سوء، و أصابت حتى التعليق الرياضي الذي انطبع جميعه بـ “فُقهي” منجي النصري … أما بعد 2011، فإنك إن لم تكن نسخة من فرفشة موزاييك و قاموسها المشكشك من عشرين لغة و لهجة، تدوسك الأرجل … و لو كنت منبرا عموميا …

ما أشد قسوة التونسي على التونسي …

لا تكلمني عن التسامح و الشعب المتسامح … أولا تتسامح معي على ماذا؟ أكلتُ عشاءك؟ خلعتُ دارك؟ قتلتُ أباك؟ أنا لا أتفق معك أو لا أشبهك هذا كل ما في الأمر فمن يسامح من؟ و لم لا يكون مطلوبا مني أنا أن أتسامح معك و أغفر لك اختلافك عني؟

و ها أننا أخيرا أسسنا إدارة للمفروزين دينيا، فهل ننتظر غدا إدارات أخرى لأقليات أخرى؟ و بدل أن تشرف على ذلك وزارة وديعة تقية ورعة كوزارة الشؤون الدينية، لعله يكون أسلم و أضمن لو أوكلناه إلى وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع بجيوشها الثلاثة …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version