استفاقت تركيا على ما وصف بأنه “زلزل سياسي”؛ إثر حملة اعتقالات واسعة شنتها السلطات التركية على رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، المعارض أكرم إمام أوغلو، وأشخاص مرتبطين به، في خطوة تسببت في هبوط قياسي لليرة التركية، ووصفتها المعارضة بأنها “انقلاب ضد الرئيس القادم”.
وطالت حملة الاعتقالات إلى جانب إمام أوغلو، المنتمي لـ”حزب الشعب الجمهوري” المعارض، 106 أشخاص آخرين، بينهم رؤساء بلديات فرعية في مدينة إسطنبول وصحفيون، وذلك على ذمة التحقيق في قضيتين منفصلتين.
وتتعلق القضية الأولى بتهم فساد و”تشكيل منظمة إجرامية”، وصدر قرار اعتقال 100 شخص على ذمتها، بينهم إمام أوغلو، في حين تمثلت القضية الثانية بـ”مساعدة منظمة إرهابية”، وتشمل 7 أشخاص، بينهم كذلك رئيس بلدية إسطنبول.
وقد شهد مقر شرطة إسطنبول ، الأربعاء، تجمعات كبيرة إثر اعتقال رئيس بلدية المدينة، وأفادت وسائل إعلام محلية بأن السلطات أغلقت عددًا من الشوارع الرئيسية في إسطنبول، كما تم إيقاف العمل في إحدى محطات المترو.
وتجمع مواطنون في شارع وطن بمنطقة الفاتح٬ احتجاجا على إيقاف إمام أغلو٬ كما شهدت منطقة بيازيد بمنطقة الفاتح أيضا اشتباكات بين الشرطة والمحتجين الرافضين.
كما شهدت مدينة موغلا توترات واسعة بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، حيث خرج مواطنون إلى الشوارع في احتجاجات ضد فرق الشرطة. وفي خضم هذه الأحداث، اقترب رئيس بلدية مارماريس، أجار أونلو، من الحواجز الأمنية، معبرًا عن استيائه بقوله: “أنا رئيس بلدية، يا رجلا غير أخلاقي”، منتقدًا تصرفات الشرطة.
وبعد اعتقال إمام أوغلو، تجمع المواطنون أمام مقر حزب الشعب الجمهوري في موغلا، وأصدروا بيانًا صحفيًا، ثم توجهوا في مسيرة نحو محكمة موغلا، مرددين شعارات احتجاجية.
وواجه المتظاهرون حواجز أمنية أمام المحكمة، حيث تدخلت الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد. ومن بين المتأثرين بالغاز المسيل للدموع كان رؤساء بلديات وسياسيون.
وفي سياق متصل، أدلى رئيس بلدية طرابزون، مصطفى باك، بتصريحات قال فيها: “أقرأ لكم رسالة مرشحنا الرئاسي، رفيقنا الموقر أكرم إمام أوغلو: (ستعطي أمتنا الإجابة اللازمة للأكاذيب والمؤامرات والفخاخ، وأولئك الذين يأكلون حق العبودية، وأولئك الذين يسرقون إرادة الشعب. أنا موكل إلى الله أولاً ثم إلى أمتنا. تحياتي)”
وأضاف باك: “أصدقائي الأعزاء، نحن نمر بفترة صعبة. لقد تحدثنا اليوم، وقلنا، ونكرر القول منذ أيام: إنهم يتآمرون ضدنا باستمرار، يعتقلون رؤساء بلدياتنا بأسباب غير عادلة. نقول مرة أخرى من هنا: لن نخاف منكم، ولن نتراجع أبدًا. لن نسمح لمن يتجاهلون إرادة الشعب بالمرور، وسنواصل كفاحنا في الشوارع والساحات وفي كل مكان”.
وفي هذا السياق أعلنت محافظة إسطنبول حظر الاجتماعات والتظاهرات في الفترة من 19 إلى 23 آذار/مارس الجاري، لضمان النظام العام. كما تم إغلاق محطات المترو المؤدية إلى ميدان تقسيم في إسطنبول، في إجراءات أمنية مشددة.
من جهتها، قالت دائرة الاتصالات التابعة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأربعاء، إن الرئاسة ستواصل الدفاع عنه ضد ما وصفته بأنها “حملة تشهير غير عقلانية”.
يذكر أن إمام أوغلو رئيس البلدية الكبرى (اسطنبول)، كان تمكن في آخر انتخابات من انتزاع المدينة الاستراتيجية من حزب العدالة والتنمية الحاكم لولايتين متتاليتين.
وكان إمام أوغلو تقدم قبل أسابيع قليلة بطلب إلى حزب “الشعب الجمهوري” للترشح عنه في الانتخابات الرئاسية، وهو ما دفع الأخير إلى الإعلان عن انتخابات تمهيدية داخلية في 23 آذار / مارس الجاري، يخوضها رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لوحده.
وينظر في الأوساط التركية إلى إمام أوغلو على أنه منافس محتمل لأردوغان الذي يتمتع بفرصة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال إجرائها قبل موعدها المحدد عام 2028.
وتبعا لذلك تعرض إمام أوغلو لجملة من المضايقات منها إصدار جامعة إسطنبول قرارا بإلغاء شهادته الجامعية بدعوى التزوير .
ويقطع هذا القرار على إمام أوغلو الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يشترط القانون التركي على المرشح للرئاسيات حمل شهادة جامعية.