تونس المحروسة

منذ 2011 وعلى امتداد 10 سنوات تنهال على رؤوسنا يوميّا امطار وزوابع من المعلومات حول …ايشي فساد … … ايشي ارهاب … ايشي كباب … ايشي عذاب في عذاب …لعلّ اخرها ولن تكون الاخيرة … قضيّة الانتدابات في سلك التعليم ….

انا وبعد قضايا الارهاب اعتبر قضيّة الانتدابات العشوائية والخاضعة حسب ما رشح من معلومات … وفي صورة ثبوتها ..اعتبرها الافظع …لانّ رصاصة الارهاب تقتل فردا ..تقتل عشرة … تقتل مائة … لكنّ رصاصة التعليم تقتل جيلا كاملا …دعوني اذكّر بمكانة التعليم عموما والمعلّم خاصة في بعض الدّول … المعلّم في اليابان مثلا _ اعرف جيّدا انّ اليابان يمثّل كوكبا آخر بحاله .. سيّدي المعلّم في التعليم الابتدائي في هذا اليابان يأتي في المرتبة الثانية بعد الامبراطور في حجم مرتّبه الشهري …

اي نعم … وهم يعلّلون ذلك بالمنطق البسيط والسّليم …يقولون …المعلّم له الفضل على الجميع فلولاه لما كان هنالك طبيب ولا مهندس ولا محام ولا قاضي ولا وزير ولا رئيس حكومة … المعلّم هو الاصل … هو الجذع والبقية اغصان …ونحن هنا في تونس المحروسة _ وهذي فيها وعليها وتونس الكلّ زادة تعرف …هكّة قال ولد الجزيري … اذن تونس المحروسة تجد فيها في هذا الزمن الاعرج معلّما و احيانا استاذا مستوى التاسعة اساسي … ايّة جريمة ارتُكبت في حقّ الاجيال … ايّة خيانة عظمى للوطن …

اطالب ولا اظنكم لا تطالبون .. اناشد ولا اظنكم لا تناشدون … _ المناشدة هنا يالمعنى الوطني للكلمة لا مناشدة هضاكا …اذن اناشد القضاء اناشد احفاد عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز كاشهر رموز للعدل اناشد القاضي الشريف الوطني الغيور المخلص للبلاد وليس للعباد ان يفتح ملفّ التعليم وكلّ الملفات التي وقعت فيها انتدابات وسيفيّاتها _ جمع سي في _ تتلخّص في ديبلومات الولاء لحزب او ايديولوجية ولا كفاءة لها امّا عن الكفاءات الحقيقية فهي مازالت في جلّها تعيش القهر والحرمان من حقوقها الشرعية في الانتدابات …ثمّ يخرج علينا البعض وبكثير من الاستهزاء وقلّة الحياء ليرُدّ عليهم …امشيو اتعلّمو صنعة …

هذه خواطر اوّلية حول ما رشح من اخبار اهملها قسم الاخبار عن ملفّ الانتدابات في الوظيفة العمومية …تحدثت عن التعليم لانّي من الذين يدينون لسادتي المربين طيلة حياتي بالنور الذي زرعوه في العقل والقلب …ولكن يبدو انّ هذا الفساد منتشر في عديد القطاعات … ولانّو الواحد طاح للمصروف طاح _ دعوني اوجّه رسالة ودّية للسيدة وزيرة العدل … سيّدتي الوزيرة اعلم جدّا انّ ملفات الفساد منذ 2011 لا تُحصى ولا تُعدّ واعرف انّ هذا البلد القابع على ضفاف البحر الابيض المتوسّط يلزمه كمية من الجافال تتجاوز المحيط الهادي والاطلسي …واعرف انّ حجم السواد يتجاوز البحر الاسود ولكن ثقتي مبدئيا فيك تجعلني آملا في انّك قادرة على اخراج كلّ تلك الملفّات من البحر المتجمّد ..حتّى نطّلع على كلّ الحقائق عارية …وهذا حقّنا الدستوري في المعلومة …

واضيف فقط سيّدتي وزيرة العدل …اريدك نبراسا للعدالة العادلة …فليأخذ كلّ من اجرم في حقّ تونس جزاءه وكذلك كلّ من كان وراء الاشاعات نصيبه من العقاب ..انذاك نبدأ الحديث عن تونس المحروسة بصدق لا بالشعارات …