لنتّفق اوّلا انّ الوطنيّة وفي ايّ مجال لم تكن يوما احساسا ولا فعلا مرادفا لاحلام مراهق صبيّ، يفرح ويبكي لاتفه الاسباب … بل هي شعور بالمسؤولية والعمل على خدمة البلد بكلّ صدق وعمق ..
ونحن الان وعلى بُعد ايام من هذا الحدث الكرويّ العالمي اسأل بل اتساءل هل فريقنا الوطني مستعدّ كما يجب ليحقّق ما لم يحققه طيلة تاريخه الا وهو المرور للدور الثاني ؟؟ عاطفيّا اقول ساطير فرحا تماما كحفيدي يوسف لو تحقّق ذلك ..ولكن دعوني اضع فريقنا الوطني وواقع كرتنا تحت مجهري المتواضع … لا ادري ان كان من حسن حظّي او من سوئه انني ممّن عاصروا الفريق الوطني منذ كأس افريقيا المُقامة بتونس في وسط الستينات ..والتي خسرناها في النهائي امام غانا ..اذن انا عاصرت الفريق الوطني طيلة 60 سنة وفي تقديري الخاص كانت نسخة 78 مع الكبير مجدة الشتـــالي افضل نسخة وهـــاكم الاسبــــاب في تقديـــري ..
تابعت انذاك تلك النسخة على الشاشة العملاقة بباريس حيث كنت ادرس هنالك ..واستمعت الى آراء المحايدين _ فرنسيّين وافارقة _ كانت تونس ـ كرة ـ اكتشافا رائعا بالنسبة لهم .. وكنت مع اصدقائي التونسين هنالك فخورا بالمستوى الراقي الذي قدمه لاعبونا ..ليس فقط في مباراة المكسيك التي سجّل فيها التاريخ اوّل انتصار لفريق افريقي وعربي في دوراته السابقة بل حتى في مباراتي بولونيا والمانيا ..فريقنا الوطني ابدع وامتع واقنع ..والسؤال الذي يُطرح هنا لماذا وكيف وصل فريقنا انذاك لتلك المرحلة من النضج الكروي فابهر العالم؟
في تقديري ليس الامر متعلّقا فقط بتلك “الرشّة” من اللاعبين الافذاذ وهم بالفعل رشّة متميّزة في الخطوط الثلاثة بل هو ارتبط اساسا بمن “شدّ الدمان” كرويا في تلك الحقبة .. واعني هنا المدرّب والادارة الكروية في الجامعة والوزارة … عندما كلّفت السلطة الكروية الحاكمة انذاك عبدالمجيد الشتالي بادارة شؤون فريقنا الوطني لم تُملِ عليه تدخلاتها .. سلّمته المقود بكلّ ثقة وقالت له (انده وربّي معاك) لذلك عمل مجدة بكلّ راحة وعام بحرو برؤيته هو ..دون تدخّل من ايّ كان ..من منّا كان ينتظر في تلك الدورة ان يستبدل الشتالي عتوقة (وما ادراك) بالنايلي ؟؟ لذلك نجح فريقنا الوطني ايّما نجاح …
وهنا بيت القصيد ..بعد تلك الحقبة لم يأت على رأس فريقنا مدرب قادر على فرض كلمته وآرائه باستثناء كاسبرجاك نسبيا فوصل بالفريق الى الدور النهائي بجنوب افريقيا ولم يغفر له العابثون بكرتنا وبتونس ان يختار في تلك الدورة من النجم الساحلي ذلك الكم الهائل من لاعبيه … اذن هو خذلهم عندما لم يوجّه الدعوة لبعض لاعبي فريقهم وانتظروا اوّل فرصة للانقضاض عليه واقالته ..وجاء الاستثناء الثاني والمتمثّل في الجنرال لومار ..ولانّه كان “عظمو كاسح” نجح هو ايضا في الحصول وللمرة الوحيدة على كأس افريقيا …
هذه التجارب الثلاث في تاريخ كرتنا تؤكّد انّ نجاح تونس كرويّا يقتضي وجود ادارة فيدرالية تقف حدودها عند التسيير الاداري ومدربا له من الكفاءة فنّيا و كاريزما بما لا يسمح لايّ كان التدخّل في عالمه …والوضع الحالي الان، هل هذا متوفّر ونحن على قاب ايام من قطر 2022 …قطعا لا ..نحن وللاسف نعيش “سوق ودلّال” ..جامعة تتدخّل في _ الشقيقة والرقيقة من اجل اجندتها … رئيس جامعة له بليون مشكلة مع الوزارة ..مع الجمعيات ..مع الاعلام . واتصوّره مع ذاته ايضا باعتبار احساسه الى حدّ القناعة انه آت من وراء البلايك وانّ الاخرين يكرهونه لهذا السبب ..
لذلك وبمناسبة وغير مناسبة يذكُرنا بانّه من سلالة بنقردان المناضلة وما ادراك …وكأنّ السلالات الاخرى بايعة البلاد …من زاوية اخرى هل المدرب الحالي السيّد القادري هو الرجل المناسب لهذا الكرسيّ .؟.. مع تقديري له كرجل طيّب الملامح . اسأل .ماهو تاريخه في التدريب ؟ انا مع فني شاب نعطيه فرصته ..ولكن بعد ان يكون عاش تجارب ناجحة في مسيرته ..سي جلال نفس مؤمنة وناس طيبة . وعليه ان يحمد رجل ذلك اللاعب المالي الذي سجّل لفريقه هدف ترشّحنا .. .واكهو ..
آتي الان الى معضلة المعضلات في واقعنا الكروي ..ومن يكون غير الاعلام . ؟؟..ومن يكونون غير آفة الكرونيكورات …؟؟… في حضور امثال القوبنطيني والتليلي والزواوي وشيخ المحللين لاعب مدريد سابقا ذاك البوراوي . والقائمة طويلة .. تنتفي الوطنية وتحضر الالوان … وبكلّ شراسة ..وبكلّ بجاحة ..وبكلّ وقاحة ..
اختم بالقول ..كرة القدم في بلدنا هي صورة مصغّرة لحالتنا في مستويات عديدة وهي حالة مزرية للغاية ..والبعرة تدلّ على البعير ومنين هاكة العريّف قالو من هاكي الشجرة .. لذلك سافرح كطفل صغير لو حقق فريقنا الوطني نتائج ايجابية في قطر 2022 ولكن لن اتفاجأ بعكس ذلك ..