تابعنا على

ثقافيا

حقل الثقافة الفلسطينية (ج 3) … الصهاينة بمختلف تسمياتهم، و فلسطين في عصر النهضة

نشرت

في

ربما عرضنا لهذه المادة الثقافية يجعل البعض يتساءلون من هو اليهودي؟ و من هم بنو إسرائيل؟ و ما هي الصهيونية؟ بل من أين أتت أصلا تسمية اليهود؟

<strong>د علي أبو سمرة<strong>

تشير عديد المصادر إلى أن للنبي يعقوب الذي يسمي نفسه “إسرائيل” باللغة الكنعانية (و هي تعني “أسر”: عبد ،و “إيل”: الله، أي عبد الله) ابنا هو الرابع بين إخوته و اسمه “يهوا” أو “يهوذا” و معنى الكلمة بالعربية هو فعل”هادَ” بمعنى رجع و هي تعني عودتهم بعد توبتهم من عبادة عجل السامري في سيناء، و قد يكون اسم لمدينة كنعانية في فلسطين … و أما بنو إسرائيل فهم ابناء النبي يعقوب نسبة إلى اسمه الثاني اسرائيل و محاولة انتساب صهاينة العصر الاستعماريين إليه أكبر كذبة لأنهم لا يمتون له بأية صلة … فهل اليهودي الألماني أو الروسي أو الهندي أو الإسباني أو الإيطالي سامي عربي؟ الجواب كلاّ و مليون كلا .

و لكن أغلب الظن أطلقت اليهودية عليهم لأنهم انصرفوا عن دين موسى عليه السلام و عبدوا عجل السامري … لن أغوص في الأساطير بل ها هي المحكمة الإسرائيلية العليا قامت بتعريف اليهودي بأنه من يرى في نفسه كذلك أي أنه يهودي و لو لم يعتقد بمعتقداتهم و لا يتعبد بطقوسهم و لم يتقيد بشريعتهم … أما تعريفهم الشرعي فهو يشمل كل من ولد من أم يهودية و الأحرى أن نطلق عليهم الجماعات اليهودية لعدم تماسكهم و تجانسهم .و بالتالي فنحن لسنا على عداء مع اليهودية بل عداؤنا مع كل من يؤمن بالحركة الاستعمارية العنصرية الاستيطانية الصهيونية و يغتصب وطننا فلسطين … مقابل ذلك نحترم أبناءنا العرب الفلسطينيين من أتباع الديانة اليهودية و منهم ناطوري كارتا .الذين يعلنون عن عدائهم لإسرائيل الدولة و ينتمون لفلسطين و منهم ممثل بالمجلس الوطني الفلسطيني.

الصهيونية برعت في تجنيد أدوات العصر في تعبئة و استمالة الراي العام الدولي

لقد أتقنت الحركة الصهيونية استغلال أدوات العصر لتعبئة الراي العام الأوروبي والأمريكي والدولي بتوظيف الاختراعات و الفنيات الحديثة من وسائل التواصل لتمرير أفكارها و مزاعمها و خزعبلاتها، تحت سقف المقدس الديني من تلمود و توراه صيغت وتم تزويرها من كهنة و أحبار،مستخدمة ذلك لعرض روايتها مستغلة جهل العالم بحقائق التاريخ و بناء عليه تمكنت من بث سمومها و أساطيرها و أضاليلها عبر السينما ،و التلفزات و السيطرة براس المال على وسائل الإعلام في أوروبا و أمريكا،و حققت نجاحا باهرا في اختراق و استرقاق عقول البشرية .مستغلة بعض من حقائق الدين و التاريخ مثلا المحرقة على يد هتلر التي اكتوى بنارها يهود ألمانيا البسطاء ‘(و معهم كثير من الغجر و البولنديين و الروس و غيرهم) فيما وظفتها الصهيونية العالمية لخدمة مصالح أقلية من كبار رؤوس أموالها ،

،و تمكنت طبعا الحركة الصهيونية من استمالة الراي العام بذكاء مشهود في تأسيس الرحمة الصهيوني لاحقا ،و كسب دعم الدول الاستعمارية في تحقيق هدفها بالدولة رغم ان العديد من يهود ألمانيا و أوروبا الأثرياء مولوا هتلر بسخاء مالي ..كان لا بد من طرح هذه المعطيات امام القاريء ليعرف حجم الظلم الذي تعرض له شعبنا و انتزاعه من عروبته و جغرافيته العربية التي اندمج فيها طوال الحضارة العربية الإسلامية رغم بروز كيان فلسطيني على يد ظاهر العمر و احمد باشا الجزار نهاية القرن الثامن عشر و اواسط القرن التاسع عشر .

و قد تزامن ذلك مع بداية نهاية الدولة العثمانية التي حكمت الوطن العربي لأربعة قرون كللت بتفشي الجهل و تفقير العرب و محاولة فرض اللغة التركية بدل العربية لغة الدولة و غياب تحديث الدولة من تعليم و تنمية … مما أدى إلى تحالف العرب مع الحلفاء في نفس الوقت الذي كانت تحاك فيه مؤامرة سايكس بيكو .1915 لتقاسم المنطقة العربية و التنكر لاستقلالها الذي وعدت به بريطانيا العرب ..

هل الثقافة بلا أدوات تسندهابتطور عصرها ؟

أثبتت الوثائق التاريخية ان اول مطبعة دخلت الى فلسطين العثمانية كان على يد الرهبان المسيحيين عام 1846و قامت هذه المطابع بطباعة كتب في اللغة العربية و آدابها. و منها مطبعة الرهبان الفرنسيسكان ثم مطبعة الارمن.وكانت كل هذه المطابع التي وصل مجموعها الى 13 مطبعة و منها مطبعة المامونية التي كانت تقوم بطباعة جريدة القدس الشريف الناطقة باسم الحكومة العثمانية و قد أدى محاولة. فرض اللغة التركية الى ردة فعل وطباعة الكتب باللغة العربية و خلال هذه الفترة لم يتجاوز عدد الكتب التي تم طباعتها ، مائتي، كتاب (200)و أكدت مراجع التاريخ ان معظم الكتب التي تم طباعتها كانت دينية تؤكد وتخث على فرض الطاعة و الولاء لرجال دين .

المدارس في نهاية العهد العثماني في فلسطين

لم تقدم الحكومة العثمانية للعرب عامة خلال أربعة قرون من الجهل و الظلام و غياب التعليم والعلم و قصرتها على رجال الدين من مسلمين ومسيحيين و يهود بدور عباداتهم … و قالت المراجع التاريخية ان حكومة الاستانة لم تنشئ عاصمة السلطنة العثمانية لم تقدم حتى عام 1880سوى ثلاث مدارس توزعت على نواحيها الإدارية الثلاث في القدس وعكا ونابلس .و هنالك من ذكر انهما مدرستان حكوميتان لا غير ،وعلى الجانب الآخر والصراع الدولي حول تركة الرجل المريض المسألة الشرقية السلطنة العثمانية .بدأت الدول الغربية التنافس على استقدام مطابع لها وبناء مدارس في إديرتها وعلى جوانب كنائسها وتقوم بتعليم اللغة العربية ولغةاضافية لتابعية هذه الكنيسة أو تلك مذهبية او وطنيا من بلجيكية وبريطانية وروسيا والمانية وإيطاليا وأمريكية كانت بداياتها مدارس تبشيريةلكنها سرعان ما تحولت إلى مدراس حكت اللغة العربية بل وحملت نهضة تربوية وطنية على كاهلها في خلق أجيال متعلمة متنورة.

يقول الكاتب شاهين مكاريوس في مقالة نشرت في صحيفة المقتطف عام 1883عن ظاهرة انتشار المدارس الخاصة في القدس وحيفا ويافا وعكا ونابلس وصفد والناصرة وبيسان وصلت إلى عشرين مدرسة فيما بلغ عدد المدارس الخاصة اكثر من سبعين مدرسة فرضت اللغة العربية وكان هنالك ايضا مدرستان واحدة روسية وأخرى المانية لتخريج معلمين ..وفي هذا السياق يستشهد احد رواد النهضة في فلسطين خليل السكاكينى في كتابه ما تيسر (ان التربية في المدارس الحكومية العثمانية والطائفية كانت كتبا دينية ،يتعلم فيها الطلاب سلوك الولاء والطاعة لذوي السلطان الديني و الدنيوي …

(يتبع)

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثقافيا

سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني

نشرت

في

من منصف كريمي

بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسليانة وبالشراكة والتعاون مع جمعية الاتحاف الثقافية تنظم المكتبة الجهوية التي تشرف على ادارتها الاستاذة هيام الدنداني يومي 23 و24 نوفمبر فعاليات الدورة الثانية لـ”ملتقى عبد القادر الهاني للفكر” التي سيكون محورها “ادب الطفل في ظل الواقع الراهن”.

يفتتح الملتقى اشغاله بجلسة علمية أولى برئاسة الأديب مصطفى المدايني وتشهد مداخلات كل من الأساتذة عثمان الشريف الجلاصي (“الترغيب في المطالعة من منظور نفسي اجتماعي بيداغوجي”) وعبد الرحمن الكبلوطي (“أدب الطفل من خلال قصائد لافونتين”) ومراد ساسي (“أدب الطفل وتحديات المستقبل”)، وزهرة حواشي (“كتابي من المهد الى المجد”).

وفي اليوم الثاني من الملتقى اي يوم 24 نوفمبر تنتظم جلسة علمية ثانية برئاسة الكاتبة جميلة الشريف وتقدّم خلالها الأستاذة نجيبة بوغندة مداخلة بعنوان “أي ذكاء نبنيه عند الطفل في ظل الذكاء الاصطناعي؟” تتبعها مداخلة عن “رسم التجربة المسرحية: كيف يتلقى الطفل المسرح ؟” للأستاذ علاء الفرشيشي، وإثر ذلك يقدّم المربي حسن الطاهر الرفاعي عرضا لتجربة “قطائف الاتحاف” في علاقتها بأدب الطفل.

ويختتم الملتقى في اليوم نفسه مع حفل لتكريم أوفى المطالعين وطنيا لسنة 2023.

أكمل القراءة

ثقافيا

بنزرت… ملتقى إقليمي عن برامج المؤسسات الثقافية وتوقيت عملها

نشرت

في

من منصف كريمي

تحت إشراف الأستاذة أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية وتحت شعار “مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية” تنظّم الإدارة العامة للعمل الثقافي بالتعاون مع المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة، الملتقى الدراسي الإقليمي لمديري المركبات الثقافية ودور الثقافة لولايات بنزرت، الكاف، باجة وجندوبة وذلك من اليوم 22 الى 24 نوفمبر.

تفتتح أشغال هذا الملتقى بعرض لمشروع الخطة الوطنية لريادة المؤسسات الثقافية من قبل الاستاذة ربيعة بالفقيرة المديرة العامة للعمل الثقافي. ومن الغد نتظم أشغال الورشة الأولى بعنوان “إطار قانوني وتشريعي ينظم توقيت العمل بالمؤسسات الثقافية” ومن خلال التطرّق الى موضوع “مقاربات الزمن الثقافي وتوقيت عمل المؤسسات الثقافية” بتقديم عرض لمخرجات اللقاءات الجهوية للإقليم الأول حول الزمن الثقافي” وذلك بمشاركة ممثل عن إدارة الشؤون القانونية والنزاعات بوزارة الشؤون الثقافية والاستاذة منيرة بن حليمة مديرة عامة سابقة والاستاذة عفاف المحرزي متفقد أول بالتفقدية العامة والاستاذ كمال هنيد المندوب الجهوي للشباب والرياضة ببنزرت.

اثر ذلك تنتظم أشغال الورشة الثانية بعنوان “البنية التحتية لمؤسسات العمل الثقافي” وموضوعها “واقع البنية الأساسية للمؤسسات الثقافية:الإشكاليات والحلول” من خلال عرض مخرجات اللقاءات الجهوية للإقليم الأول حول البنية التحتية” وذلك بمشاركة الاستاذة شيراز سعيد المكلفة بتسيير الإدارة العامة للتراث والاستاذ زياد العرفاوي كاهية مدير الشؤون المالية وممثل عن إدارة البناءات والشؤون العقارية والاستاذ عاطف الجويني رئيس دائرة المجلس الجهوي ببنزرت والاستاذ علية الهذلي رئيس مصلحة الأبحاث ومتابعة استغلال أملاك الدولة غير الفلاحية بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، والاستاذة أم الزين الطمني المديرة الجهوية للتجهيز والإسكان ببنزرت والاستاذة فاتن بن صالح رئيس دائرة المجلس الجهوي بباجة والاستاذ عماد العبيدي رئيس دائرة المجلس الجهوي بجندوبة والاستاذ رضا بوسليمي منسق برامج بالإدارة الجهوية للتجهيز بجندوبة والاستاذ حسن غضباني تقني رئيس بدائرة المجلس الجهوي بالكاف.

ثم تنتظم أشغال الورشة الثالثة بعنوان “المضامين:نحو تطوير مقاربات العمل الثقافي” وخلالها يتمّ التطرّق الى موضوع “هندسة البرامج الثقافية وتنفيذها وفق آلية المشروع” في تسيير للاستاذ أيمن بن يوسف كاهية مدير بالإدارة العامة للعمل الثقافي وبمشاركة الاساتذة رضا الغربي رئيس مصلحة مؤسسات التنشيط الثقافي بالمندوبية الجهوية ببنزرت وفتحي باباي مدير عام الخلية المركزية للحوكمة ومراد عمارة المندوب الجهوي بولاية تونس والاستاذة يسر الحزقي مكلفة بتسيير مكتب الإعلام.

ثم يقدّم عرض مشروع المنصة الرقمية لنظام المعلومات الخاص بمؤسسات العمل الثقافي من قبل الاستاذة سامية بن شيخة مديرة التنظيم والأساليب والإعلامية ثم عرض لمشروع الدراسة الاستراتيجية من أجل تطوير آليات العمل الثقافي بدور الثقافة والمركبات الثقافية، من قبل الاستاذة ليندا شبيل مديرة الدراسات والنهوض بالعمل الثقافي.

في الفترة المسائية تنتظم ورشة أولى تحت عنوان “إطار قانوني وتشريعي ينظم توقيت العمل بالمؤسسات الثقافية” حول صياغة مشروع “روزنامة توقيت عمل المؤسسات الثقافية” وذلك بمشاركة ممثل عن إدارة الشؤون القانونية والنزاعات والتفقدية العامة. واثر ذلك تنتظم ورشة ثانية تحت عنوان “البنية التحتية لمؤسسات العمل الثقافي” وموضوع “مرفق ثقافي متطور وأكثر جاذبية” في تسيير للأستاذة شيراز سعيد المكلفة بتسيير الإدارة العامة للتراث ومداخلات الأستاذة سلوى عبد الخالق مديرة عامة لمركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي حول “المخابر الإبداعية” والأستاذة الجامعية سيماء صمود وهي خبيرة في إدارة المشاريع ومديرة عامة سابقة بالوزارة حول “المراكز الإبداعية”، والأستاذ عماد عمارة كاهية مدير بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، ليقدّم اثر ذلك الاستاذ محمد المسعودي مؤسس الجمعية التونسية للنهوض والمحافظة على المهن والتراث مداخلة بعنوان “تشكيل الفضاء الثقافي وإعادة تكييفه وتوظيفه حسب خصوصيات الفضاء”.

اثر ذلك تنتظم ورشة ثالثة بعنوان “المضامين: نحو تطوير مقاربات العمل الثقافي” وموضوعها “الشراكة الفاعلة: من أجل مؤسسة ثقافية حاضنة للإبداع” في تسيير للاستاذ خالد عازق مدير مؤسسات العمل الثقافي ومداخلات للاستاذ رمزي القرواشي مدير عام المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة حول”نوادي الإبداع: مشروع تشاركي واعد” والاستاذ يوسف بوفايد وهو خبير لدى المركز الوطني للاقتصاد الثقافي الرقمي حول”مشروع المنتديات الإقليمية للريادة الثقافية والإبداعية الممول من قبل UNESCO “والاستاذ عبد المنعم درويش المنسق الجهوي لمشروع برنامج” Jeun’ess”والاستاذة عايدة الدقي مديرة برنامج “Maghroum’In”والاستاذ الأسعد شوشان مكلف بمأمورية بديوان وزير التربية حول”الشراكة بين وزارة التربية ووزارة الشؤون الثقافية: من أجل بناء مشروع متكامل”، والاستاذة إيمان بالهادي مديرة تنفيذية بمركز إفريقية للأرضية المشتركة حول مساهمة المركز في الإنتاج الثقافي التشاركي ودوره في الوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر.

ويختتم هذا الملتقى يوم 24 نوفمبر بورشات عن التشريعات الخاصة بـ”الزمن الثقافي”،والبنية التحتية، والمضامين، ثم حلقة نقاش تفاعلي فتلاوة التقرير الختامي للملتقى وتوزيع شهائد على المشاركين.

أكمل القراءة

ثقافيا

قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”

نشرت

في

من منصف كريمي

تعرض مساء يوم 23 نوفمبر مسرحية “الجولة الأخيرة” في دار الثقافة بشير خريف بتونس العاصمة، لتكون بداية رحلة مسرحية استثنائية تنبض بالحياة… حيث يعدّ هذا العرض من أبرز الأعمال الفنية لهذا الموسم لأنه عمل فني يأخذنا إلى عالم من الأحاسيس العميقة والعواطف المتناقضة، في تجربة لا مثيل لها على خشبة المسرح… اذ أنها تجربة تُبهر الحواس وتغني للروح.

كتب نص هذا المنتج الفني الكاتب الذي يعيد رسم الملامح الإنسانية، الاعلامي عبد الحفيظ حساينية… صاحب هذا النص المبدع، يعدّ حجر الزاوية في هذا العمل المسرحي الفريد بحبكة درامية محكمة، يُقدّم لنا خلالها قصة “الزيتوني” الرجل الذي يعاني اغترابًا داخليًا في وطنه ويواجه حياة مليئة بالآمال المتناثرة… وقد عمد المؤلّف الى حبك الصراع النفسي لشخصيته بأسلوب غارق في التفاصيل الإنسانية مما يجعل من هذا النص مرآة تعكس واقع كل فرد منا في لحظات العزلة…

اما مخرج العمل حاتم الحشيشة فقد حوّل المسرح من خلال هذا المنتج الفني إلى سحر مرئي، والنص إلى عرض بصري مذهل… لان المخرج معروف بقدرته على استخدام الإضاءة و الموسيقى والرقص في تكامل فني يعزز مشاعر التوتر والراحة في ذات الوقت، ذلك ان كل حركة و كل شعاع ضوء وكل نغمة موسيقية تحمل رسالة تُعمّق من التفاعل بين المسرح والمشاهد فتغمره في عالم يختلط فيه الخيال بالواقع.

ومن جهته تميّز الممثّل منير العلوي في دور “الزيتوني” بآدائه الذي يجسد قسوة الحياة وتناقضاتها… وهو أداء مسرحي يستحق التقدير اذ نجح في تجسيد تداخل مشاعر الألم والأمل والحزن والفرح، ليخلق شخصية حية تشبه كل واحد منا حيث يتنقل بين أبعاد الشخصيات وكأنها ألوان على لوحة فنية، من الحزن العميق إلى لحظات من الضوء، لتكون النتيجة عرضا يعكس معاناة الإنسان في أكثر تجلياتها صدقًا.

أنتجت هذا العمل الفنانة حنان عبيد وقد عرف عنها انها تمنح المسرح روحا جديدة ذلك اننا نجدها في قلب هذا العرض المنتجة التي تمتلك رؤية فنية واضحة اذ جعلت من هذا العمل حقيقة فنية تنبض بالحياة وحرصت على دعمها غير المحدود لهذا المشروع لتؤكّد من خلال ذلك أن الفن ليس مجرد تسلية بل وسيلة لتحقيق التأثير الاجتماعي والجمالي في وقت واحد، ولذلك كانت مساهمتها حجر الزاوية لتحقيق هذا العرض المسرحي الذي لا توقفه حدود إبداعية.

وعموما سيكون لأحبّاء الفن الرابع بمشاهدة هذا العرض موعد خاص مع مزيج من الأداء المدهش والإخراج المتقن والإبداع في النص ليعيشوا تجربة مسرحية لا تُنسى تأخذهم في رحلة عاطفية تتنقل بين ألوان الحياة المتعددة.

أكمل القراءة

صن نار