حين هاتفني الصديق الزميل عبد القادر المقري ثم محمد الهادي البديري وسالم حمزة قبل ثلاث سنوات ويزيد وفاتحوني في أمر جريدة الكترونية تجمع قدماء الأيام ومن جاورها من صحف ذلك الجيل الذي كان ذهبيا بكل ما تعنيه الكلمة، أقول حين هاتفوني عارضين علي أن أرافقهم في بناء هذا المشروع الجديد، قلت هل يمكن النجاح لجيلنا وسط هذا الحشد من الأصوات التي تحترف الصراخ والعويل منذ 14 جانفي 2011؟
هل يمكن أن نعيش بأقلامنا وحرفيتنا ومهنيتنا وصدقنا ومثابرتنا التي عشنا بها وتألقنا وتميزنا في زمن كان الأصعب من زماننا هذا على مستوى حرية الراي والتعبير مع أصوات تسبب الغثيان، فالأقلام لم يعد لها وجود في زماننا هذا؟ قلت، هل يمكن ان نزاحم وننافس منشطي “طشطرق طربق” والراقصين على أنغام “حوماني” في إدارة رقاب القارئين والمتابعين نحو مشروع جاد لا يحترف البصاق على المشاهدين والقراء؟ قلت، وبماذا يمكن ان نتميّز وسط هذا الحشد من “المتزلفين” (لا أقصد الجميع طبعا) الهاتكين لجميع الاعراض والبائعين للذمم بأبخس الاثمان والمتلونين كالحرباء والكافرين بالنعم؟ قلت، كيف سننجح واليوم الغلبة لمن يشتم الآخر أكثر…ولمن يفضح الآخر أكثر…ولمن يختلق الروايات والأكاذيب عن الآخر أكثر…ولمن يدمن سماع اغنية الشادلي الحاجي “ميحي مع الارياح وين تميحي…”…
كيف سننجح واليوم الغلبة لمن يتلوّن أكثر…ولمن يبيع ذمّته أكثر…ولمن يتماهى مع مزاج الشارع السياسي والثقافي فيقبل ما لا يقبل ويرفض ما لا يرفض ويكتفي برقصة البطن مع كل مزاج أغلبي في البلاد، فاليوم يعشق لحية الغنوشي ويقبّل رأسه ويقسم به على زوجته إن أخطأت يوما في أمر ما، ويحسبه من الصالحين والانبياء…وغدا يكفر بالغنوشي ولحية الغنوشي ويقسم انه منه براء ويعود ليقسم برأس لينين ويقرر الحجّ إلى قبر ستالين وويل لكل من ينعتهم بالسفاحين…إلى حين… فنحن اليوم نعيش على أنغام جيل مراهق من الصحافيين اغلبهم لم يكتب سطرا واحدا في يومية او أسبوعية، جيل يباع ويشترى دون حاجة إلى سمسرة أو مزاد علني ( طبعا لا اقصد الجميع)، جيل وجد ضالته في مواقع التواصل الاجتماعي دون رقيب ولا حسيب، جيل أكل من كل الصحون…وبصق فيها ولم يحمد الربّ …
قلت كل ذلك…وأنا الذي أتعامل مع بعض الصحف العربية وغيرها بمقال اسبوعي وقد لا اجد الوقت الكافي لأكتب شيئا يليق بمقام ذلك الجيل الذي لا يزال بعض الذين فاق عمرهم الخمسين يذكرونه جيدا ويذكرون الكثير من الأسماء التي اثثت مؤسساته الإعلامية وبنت مجده ويذكرون حتى أركانه… ووافقت…نعم وافقت على أن أكون أحد الذين يرفعون بناء “جلنار” إلى أن تبلغ سنّ الفطام… وسنّ الفطام تعني بالنسبة لي أكثر من مائة الف متابع وقارئ جاد…
وكان مقالي الأول بأكثر من مائة سطر ليبلغ عدد المقالات (افتتاحيات ومقالات) طيلة الثلاث سنوات الأولى من عمر “جلنار” الـــ272 مقالا أقصرها بمائة سطر دون هذا الذي تقرؤون مما يجعل مجموع الاسطر التي كتبت في ثلاث سنوات بحساب المائة سطر فقط لكل مقال يناهز الـــ27200 سطرا لو وضعناها في كتاب من حجم أ4 وببنط 16 لأصبحت كتابا من 777 صفحة لم أجامل فيها أحدا…ولم اهتك فيها عرض أي ممن كتبت عنهم وذكرتهم في مقالاتي، لكن أيضا لم أعاد أي من الذين يؤثثون مشهدنا العام سياسيا وثقافيا واجتماعيا…رغم ما قد يذهب إلى ظنّ البعض من مجرّد قراءة العناوين …
من عناوين ما كتبت خلال السنوات الثلاث من عمر “جلنار”: “لا تصدّقوا الرئيس…و لا تصدّقوا الحكومة” و “هل قيس يسكن قرطاج…أم الحجاج…؟؟” و “كم نحن في حاجة إلى لفافة زطلة”!” و”نظامنا متّهم بانتحال صفة… (ديمقراطي) …” و”اتركوهم … إنهم يعيشون ورطة الحكم!” و”حرب القصور تصيب مفاصل الدولة بالقصور…” و“الرئيس يريد إسقاط النظام! …” و “رسالة من عاطل مؤبد إلى أمير المؤمنين وغيرهم … قيس بن المنصف بن محمد سعيّد” و” لا تتركوا قابيل يقتل هابيل … مرّة أخرى!” و”حدثني ابليس قال…” و “يا ساكن قرطاج لا تقل قول أبي العباس: (استعدّوا فأنا السفاح الهائج، والثائر المبيد!)” و “هشتكنا وبشتكنا يا ريّس … ده انت رئيس والنعمة كويّس!” و “منذ متى كان هولاكو ديمقراطيا؟” و “هل أصبح المشيشي خطرا على تونس؟؟”…وهنا نصل إلى السؤال الذي قد يسأله العديد من القراء والمتابعين للمشهد الإعلامي منذ الاستقلال لماذا يتميّزون علينا إعلاميا وصحفيا في الشرق العربي وبالذات في مصر؟
الأمر في غاية البساطة أولا ليس كل بلاد الشرق العربي من تتميّز علينا إعلاميا وصحفيا، هي فقط مصر ولبنان وربما سوريا سابقا وبعض الأسماء من بعض الدول العربية الأخرى، ففي مصر لهم تقاليد منذ بداية القرن الماضي وقبله في صناعة الكتاب فكل صحفي يصبح كاتبا بعد سنة او أكثر صحافة، فنسبة كبيرة من الكتب الصادرة في مصر خلال القرن الماضي هي لأقلام وأسماء كبيرة بدأت حياتها المهنية في الإعلام والصحافة سواء كان ذلك في مصر أو في بقية البلدان التي ذكرت…
هذه الأسماء الكبيرة عادة ما تكون أو كانت قريبة من السلطة، فعلي أمين ومصطفى امين هما أبناء ابنة أخت سعد زغلول وعاشا في بيت سعد وصفية أم المصريين…أما محمد التابعي أستاذ علي ومصطفى أمين وأستاذ محمد حسنين هيكل وغيره من كبار الأسماء الصحفية فقد بدأ حياته صحفيا باسم مستعار في الأهرام ثم كتب في روز اليوسف دون توقيع لأنه كان حينها موظفا في البرلمان المصري، نجح التابعي بمقالاته السياسية في احداث عديد الازمات بين الدستوريين والسعديين، وكان ذلك وراء زيادة توزيع المجلة واستقالته من الوظيفة للعمل بروز اليوسف كمحرر قار، وفي سنة 1937 وبعد أن أسس مجلة آخر ساعة وساهم في تأسيس جريدة المصري اختاره الملك فاروق ليكون الصحفي المصري الوحيد الذي يرافق العائلة الملكية في رحلة طويلة إلى أوروبا ومن هناك انطلق محمد التابعي في مسيرة صحفية جعلت منه أكبر صحفي عصره قبل الثورة وبعدها…
وهنا أسأل هل سمحت لبعضنا الظروف لنكون مثل هؤلاء في تونس؟ هل من يؤثثون منابر الصراخ اليوم يرتقون لمراتب محمد التابعي أو ناصر الدين النشاشيبي وهو صحفي فلسطيني اشتهر كثيرا حين عيّن رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية المصرية؟ هل يمكن اعتبارهم من الصحفيين والمحررين الكبار أو من كتاب الافتتاحيات أومن المحللين الاستراتيجيين، أليس من المعيب لتونس أن نأتي ببعض هواة الصراخ من “لاعقي الأحذية” لبعض الساسة (لا اقصد كل من نراهم طبعا) ونصنع منهم جهابذة في التحليل واستشراف المشهد السياسي سواء كان ذلك بتونس او بالعالم؟…أليس من المخجل أن نسمع بعضهم ولن أذكر الأسماء يتحدثون عما يقع اليوم بغزّة وهم لا يفقهون ما يقولون وإن أعدت عليهم كلامهم سيسالونك ما هذا لم نفهم شيئا؟؟ لذلك لا تجوز المقارنة بين صحفيين عاشروا كبار الساسة في بعض الدول العربية ومكنتهم الدولة من محاورة كبار ساسة العالم، وبين اختيار مجموعة من الأسماء التي لم تكتب يوما سطرا واحدا في جريدة لتقف أمام مئات الآلاف من المشاهدين تصرخ في وجوههم وتقلب الحقائق وتزيف الأحداث لصالح مشغّلها ومن اختارها لذلك المكان…أيخدم هذا الأمر إعلامنا وصحافتنا؟ أيخدم هذا الأمر ساستنا ودولتنا؟ لا…
لنعد إلى مصر مثلا فمحمد حسنين هيكل الذي كان تلميذا لمحمد التابعي وعلي أمين وحتى مصطفى أمين كان قريبا من عبد الناصر ومن حكومات الثورة كما كان فكري أباظة قبلها…وكان شريكا في العديد من القرارات التي قررها عبد الناصر…وكما كان وراء العديد من القرارات الصائبة كان أيضا سببا في النكسة التي كان هو من اسماها كذلك…كما كان وراء سجن مصطفى أمين…وحين طلب منه أنور السادات بعد موت عبد الناصر ان يتعاون معه كما سبق وتعاون مع عبد الناصر كان ردّه كما رواه صديقه ناصر الدين النشاشيبي: حاضر … انا مستعد … ولكن على نفس الشروط والاسس التي كنت اتعاون من خلالها مع جمال عبد الناصر! وسأله السادات: ما هي هذه الشروط يا هيكل؟ واجاب هيكل: (مشاركة في الحكم وفي المسؤولية وفي السلطات وفي الحقوق!) وهنا يضرب انور السادات كفا على كف ويصيح: انت مجنون؟ انت بتقول ايه يا هيكل انا رئيس جمهورية وعايزني اتنازل عن سلطاتي علشان اشركك في الحكم؟!
وافترق الرجلان الصديقان القديمان اللدودان…واحد ذهب لكي يوقع اتفاقية كامب دايفيد..وواحد ذهب لكي يدق على ابواب دور النشر العالمية ويصبح اشهر كاتب ومؤلف سياسي وصحافي في الشرق الاوسط كان يكتب العربية بأسلوب الف ليلة وليلة ويكتب الانكليزية … اأو يكتب له الكاتب الانكليزي (تيدي هوتشكين) الذي كان كاتبا في مجلة “ايفنتس” وصاحبها سليم اللوزي في السبعينات… هكذا تحدث ناصر الدين النشاشيبي الذي اكتوى أيضا بنار محمد حسنين هيكل وحلمي سلام وغيرهما ويضيف النشاشيبي: “دخل هيكل السجن بأمر من انور السادات وخرج من السجن بطلا مصريا وتحداه مصطفى امين ثم موسى صبري شنودة ثم جماعات السادات بألف مقال والف تهديد والف منشور والف كتاب ضده وضد زعيمه عبد الناصر واستطاع ان يصمد امامها كلها وأن يرد عليها كلها وأن يجد وقتا كافيا يقضي فيه اجازة أيام الجمعة وعطلة الصيف في الاسكندرية وفي العزبة وزيارات متكررة الى ايران ولبنان والمجيء الى الاردن للبحث في موضوع زواج احد اقربائه من فتاة اردنية فلسطينية تعيش في عمان”…
هل عاش بعضنا في تونس سواء كان مع بورقيبة أو مع بن علي او مع من تداولوا على حكم البلاد بعد من يسمونها “ثورة” هذا الذي يعيشه كبار الصحفيين في مصر وفي لبنان وسوريا؟ لا…لو أتيحت له هذه الفرصة لكان وضع الإعلام أفضل بكثير مما هو عليه اليوم… فنصف السياسة صحافة… وكل الصحافة سياسة…كبار الساسة يصنعون كبار الإعلاميين والصحفيين…وكبار الصحفيين يكتبون مجد كبار الساسة…
لا غرابة إن نجح الساسة بما يقترحه وينصحهم به رؤساء تحرير بعض الصحف الكبرى…هذا يمكن أن يكون في مصر وفي لبنان …لكن هل لنا في تونس اليوم صحف كبرى…فالكاتب الكبير يولد من عنوان أكبر…والعنوان الكبير يكبر بمن يكتب فيه؟ لا، في تونس اليوم نعيش آخر أيام عمر ما بقي لنا من الجرائد الورقية …كل الحكومات التي تداولت على حكم البلاد بعد من يسمونها “الثورة” ساهمت في الدمار الذي طال الصحافة الورقية المكتوبة في تونس…في فرنسا مثلا تساهم الدولة سنويا بــ 130 مليون يورو لمساعدة الصحف اليومية الكبرى وحتى الصغرى في مجابهة مصاريف الطباعة وخلاص أجور من يكتب فيها…وفي تونس اليوم تُلوَى ذراع بعض الصحف لتنصاع إلى سياساتنا وإن لم تفعل تُحرم من نصيبها من الإشهار الحكومي…لو حافظت حكوماتنا على ما كان عندنا من عناوين وأسماء لكان حالنا السياسي والإعلامي والصحفي أفضل بكثير مما نحن عليه اليوم…ففي تونس هناك الكثير من الأقلام التي تقاعدت دون أن تأخذ حظها كاملا من الظهور في المشهد الإعلامي رغم قدراتها وكفاءاتها…جميعهم احيلوا على التقاعد وكان يمكن أن يكونوا من الذين شهدوا على العصر في العديد من الأحداث …فبعضهم كان قريبا من السلطة وعلى دراية ببعض كواليس الحكم…وكان يمكن أن يساهموا في كتابة العديد من السيناريوهات لأحداث عاشتها البلاد ولا يعلمها العامة…
أعود لما جاء على لسان وقلم ناصر الدين النشاشيبي الذي يقول:
” ليس همي أن أعود إلى الوراء وأكتب عن الأقلام المصرية “المعروفة” التي تطاولت على كل مسؤول عربي في خارج مصر، وجرحت أعراض عائلات عربية كثيرة في بغداد وبيروت ودمشق وعمان إرضاء للاستخبارات المصرية بالذات. ان كل همي أن أترك للقارئ العربي معرفة السر الذي أطاح بالصحافة المصرية وأصابها بالعفن وأدخل السوس والجراثيم إلى هيكلها وروحها! لقد استيقظ المشير عبد الحكيم عامر ذات صباح، وقرر ان يعثر لنفسه على صحافي مصري معروف يوظفه لحسابه ويحارب به عبد الناصر! واذا كان “هيكل” هو سلاح عبد الناصر في “الأهرام”، فلماذا لا يصبح “حلمي سلام” ـ الصحافي القادم من مجلة «الفن والاذاعة والتلفزيون» ـ هو سلاح المشير عامر في جريدة “الجمهورية”! وفعلاً، اصبح حلمي سلام رئيساً لدار التحرير، ولجريدة “الجمهورية” لسان حال الثورة المصرية..!! وشطب أسماء جميع رؤساء التحرير من “الترويسة” المنشورة على الصفحة الأولى، ووضع مكانها اسمه الغالي بالحرف البارز! يعني شطب أسماء طه حسين والشناوي وكاتب هذه السطور، واستبدلها باسم واحد ووحيد واستدعى معظم زملائه في مجلة “الاذاعة والتلفزيون” وأغدق عليهم المرتبات والسيارات وعينهم في دار “الجمهورية”.
وأدرك الناس ان عبد الحكيم عامر قرر ان يحارب رئيسه عبد الناصر، بأسلوب الصحافة والاعلام بالرغم من سوء الاختيار…
وكان ذلك في نهاية عام 1965 وبداية عام 1966. وعندما ذهب حلمي سلام وعرض اسماء الصحافيين المطلوب التخلص منهم من دار “الجمهورية”، أراد المشير أن يعالج الأمر بالدبلوماسية وقال لحلمي سلام:
ـ أنا موافق على هذه الاسماء ولكن لا بد من عرضها على الرئيس عبد الناصر.
وباعتراف حلمي سلام، نفسه، اعترض الرئيس عبد الناصر على نقل اسم واحد من دار “الجمهورية” وهو اسم ناصر الدين النشاشيبي..
وطالب حلمي سلام بحل مجلس إدارة دار “التحرير”، وتركيز السلطات كلها في يده مع حل جميع وحدات الاتحاد الاشتراكي الاربع الموجودة في دار التحرير والاستعانة ببعض الصحافيين العاملين بدار “الهلال” للعمل بدار “الجمهورية”..
ورفض عبد الناصر معظم هذه المطالب…ودخل حلمي سلام دار “الجمهورية” وهي مدينة بمبلغ 360 ألف جنيه وتركها وقد ارتفعت الديون إلى مبلغ 860 ألف جنيه! وهل عجز المشير عن العثور على صحافي مصري آخر يعهد له بـ “الجمهورية” بدلاً من حلمي سلام؟
لا أظن! ولكن المشير الذي كان غارقاً حتى أذنيه في حب الفنانة برلنتي عبد الحميد أراد أن يضمن سكوت حلمي سلام، القادم من مجلة “الاذاعة والتلفزيون”، والشاهد على الكثير من جوانب تلك العلاقة السرية بين المشير من جهة والفنانة برلنتي من جهة اخرى! وكان هذا كله وبكل فصوله المضحكة المبكية، يجري في شهور عام واحد فقط قبل أن تقع حرب عام 1967 ويصاب الجيش المصري بأكبر هزيمة في تاريخه… الحديث! أليس مما يدعو إلى العجب… وإلى الضحك معاً، ان يشغل عبد الحكيم عامر ورؤساؤه انفسهم في التفكير بمشاكل الصحافة المصرية وكيف يتولى احسان عبد القدوس تحرير “أخبار اليوم” ويرأس السباعي تحرير “آخر ساعة” ويرأس بهاء الدين مجلس إدارة “دار الهلال” وينتقل علي ومصطفى أمين من “أخبار اليوم” إلى “المصور”.. وكل هذا واسرائيل تستعد للحرب وتستدعي الاحتياط وتبني وتستورد السلاح وتنتظر ساعة المعركة! “
هذا ما حصل سابقا مع كبار الصحفيين والأسماء في مصر المحروسة التي مجرد ذكرها يجلب الاحترام ورفع القبّعة بشهادة أحد اكبر صحفيي القرن الماضي الفلسطيني ناصر الدين النشاشيبي رحمه الله…هل بمن نراهم اليوم في منابرنا التلفزية وهم من أدار رقاب القراء وابعدهم وحوّل وجهتهم عن قراءة الصحف الورقية للاكتفاء بمنابر كتبت سيناريوهاتها وحواراتها خارج استوديوهات بثها…أبتلك الأسماء التي تعرفون ولست في حاجة إلى ذكرها يمكن كتابة تاريخ جميل قادر على أن يتحوّل إلى صناعة تلفزيونية أو سينمائية تخلد ما عاشته بلادنا …أم أنكم تريدون تاريخا ساخرا كبعض الصور المتحركة لتضحك منه وعنه أجيالنا القادمة وأحفادنا؟؟
تونسنا اليوم في حاجة إلى الصحافي الوطني العنيد والنزيه الذي يحمي أنيابه من الكسر وتفكيره من البتر وعقله من الحجر…ولا حاجة لها بأقلام وأصوات إنكشارية مغسولة الدماغ ومقطوعة اللسان …وهذا ما نحاول أن نكون عليه في “جلنار” …يقول زكريا ثامر الكاتب والأديب والصحفي السوري…”من يعامل الكلمة على أنها بغيّ تستسلم لمن يدفع أكثر يحق له أن يحظى بشرف الانتساب إلى النقابة السرية للقوادين…”…وكل عام و”جلنار” تفوح برائحة الحرفية والمهنية والنزاهة …وعطرها عطر الحياد …لا تعادي ولا تجامل…ولا تتلون بكل ألوان الطيف….السياسي… لغاية في نفس يعقوب…واسحاق …والبعض الآخر…وغدا نحتفل بفطامها بإذن الله…