تابعنا على

جلـ ... منار

جبَلٌ و سنجاب

نشرت

في

وفاء سلطان

لم تستطع قبة في معبد أن تحلّق بي أعلى من أعلى نقطة في سقفها..بالمقابل ما تأملت مليّا في جنح فراشة، أو في برعم غض يتفتق مقاوما أشعة الشمس الحارقة، إلا وصار الكون بامتداده اللامتناهي ساحة بصري، بل صرت أنا الكون…

وفاء سلطان
<strong>وفاء سلطان<strong>

تسحرني تلك البصمات الخفيّة، والتي هي نفسها…يطبعها الكون في كل شيء…تسحرني كما سحرت يوما الفيلسوف الأمريكي Ralph Waldo Emersonوالذي في أحد كتبه المقدسة، ورد حوار دار بين الجبل والسنجاب.استحوذني ذلك الحوار أكثر مما استحوذتني كل الكتب التي نسميها “سماوية”…قال السنجاب في مواجهة الجبل:If I cannot carry forests on my back,Neither can you crack a nut(صحيح أنني لا أستطيع أن أحمل الغابات على ظهري،وكذلك أنت لا تستطيع أن تكسر حبة البندق!)فالجبل الذي لا يستطيع أن يكسر حبة البندق، ليس أقوى من السنجاب…

أشعر بضعفي أمام أي إبداع آخر لا أُجيده…وأشعر بقوتي عندما يقف مبدع آخر مبهورا بابداعاتي….ثم أضحك على نفسي ومن نفسي، لأنني أنا وهو موصولان بنفس المنبع، وكلانا وجهان لحقيقة واحدة….أذكر في طفولتي كنت أقف مبهورة وأنا أراقب ستي أم علي وهي تكوّر أقراص الكبيبات،كانت أصابعها أكثر مرونة من أصابع بيتهوفن…مرت قرابة نصف قرن على ذلك المشهد، ولم أزل أحاول بكل جهدي، أن أقرّص الكبة بمهارة أم علي، حتى يئست من المحاولة…فقبلت عجزي كما أعتز بقدرتي!

لا تستهتر بقدرة أم علي على التقريص، وهل من حق الجبل أن يستهتربقدرة السنجاب على كسر حبة البندق؟؟أم علي وبقدرتها استطاعت أن تطعم أفواها جائعة، فأدت الغاية من وجودها…

…….

أكثر ما يخفف من ضغوط يومي هو أن أراقب فرقا للدبكة…إلى درجة بت أميّز كل شعب من خلال نمط الدبكة التي يمارسها…أغرق في حركات المبدعين وتسحرني أكثر كلما ازدادت انسجاما مع ايقاعات النغم.حاولت مليون مرة في خلوتي وعلى حلبة الرقص، وداخل صفوف للتعليم، حاولت أن أحرك قدما واحدة،مرة واحدة وفقا لنغمة واحدة، فلم استطع!

كنت ابدو كحجلة تميل بثقل على الطرفين، حتى يئست واقتنعت: لو أجدت الدبكة لما أجدت الكتابة….ولو استطاع السنجاب أن يحمل الغابة على ظهره، لما تمكن من كسر حبة البندق!

تسحرني المواهب والإبداعات أيا كان نوعها، لأنها بصمات الإله فينا…ويحزنني أن يعيش إنسان ويموت دون أن يعرف مواهبه….

………

ألم تقف يوما مبهورا أمام برعم صغير غض يتفتح غصبا عن أشعة الشمس الحارقة ظهر يوم تموزي، وتتساءل: ماهي تلك الجذوة من الطاقة التي يملكها ويتحدى بها طاقة الشمس؟كيف اكتسبها؟ وأين هو منبعها؟

يبدو لك أنه ـ بشكل أو بآخر ـ ورغم غضاضته أقوى من الشمس…إذا كانت الشمس تجفف الأنهار، كيف لم تستطع أن تجفف ماءه؟ عشرات المرّات راقبت نساء وهن في حالة ولادة..ولم أكن أقل انبهارا أمام طاقة الدفع لمخلوق في أضعف صوره، ومازال مكبلا بقيود لا تسمح له أن يتمدد مساحة ذرة واحدة!

من أوعز له أن يدفع؟من أين استمد جذوة الدفع؟

كثيرا من المرات قرأت تخطيط القلب الكهربائي…يتوقف القلب خلاله كليا عن العمل ثم يعود إليه،وكل مرحلة تأخذ أجزاء من الثانية..أين تختفي تلك الجذوة عندما تغيب، ومن أين تعود،وبأمر من تغيب وتعود؟هذا الزخم من الألغاز التي لا تستطيع حواسنا الخمس أن تحصيها، ناهيك عن أن تجد لها أجوبة، هذا الزخم يريد المؤمن أن يحصره في كتابه “المقدس” ويقنعني أنه وجدفيه جوابا لكل لغز؟؟؟؟ أليست محاولته باقناعي حماقة بالمطلق،أو في أفضل الأحوال استهتارا بذكائي؟؟…

……….

هذه الجذوة موجودة في عمق كل منا،وعندما غصتُ في عمقي وجدت قلمي… كل جذوة موصولة بالمنبع، ولن أعتدي على حقك في أن تسمي هذا المنبع ماشئت!

الكون…الله….يهوه….المسيح…بوذا…كريشنا…العدم…لكن من العبث بمكان أن نستعير كتابا “مقدسا”، ناهيك على أن نعتمد رجل دين كي يقودنا إلى ذلك المنبع، كما تقاد نعجة إلى مذبحها…

……..

المنبع يصب في داخلك…هو هدّار وساكن…صاخب وصامت….والطريق إليه أسهل من أن تتجرع ماء، وأصعب من أن تشق صخرا..سهل لأن البوصلة التي تقودك إليه هي بصيرتك، وهي أقرب إليك من بياض عينك إلى سوادها… وصعب لأنك ملزم بأن تزيل الغشاوة عن عين البصيرة كي تستطيع أن تقرأ مؤشراتها!

لقد ألقت الأديان بشوائبها فوق بصيرتك، فحجبت عنها رؤية الحقيقة،ألا وهي: لا فرق بين الجبل والسنجاب…. ولا فرق بين أصابع أم علي وهي تقرص الكبة، وبين قدميّ مايكل جاكسون وهي تهتز على الأرض كجناحي طائر الهومينغ….لا فرق بين اختياري للكلمات وبين اختيار جارتنا أم كاسر للألوان وهي تحيك طبق القش…لا فرق بين برعم يتفتق وجنين يدفع ليرى النور..

كل منّا يملك جزءا من دفق ذلك المنبع،وهذا الجزء هو جوهرك، وهو السبيل إلى كونيتك!

مع الزمن تحولت شوائب الأديان إلى صدأ معتق راح يتراكم ويحجب ذلك الجوهر، ويمنع أشعته من أن تسطع، لتساهم في إنارة الحياة اسوة بكل المبدعين الذين تواصلوا مع جوهرهم….لا أحد فينا جاء إلى الحياة إلاّ ويحمل كتابه المقدس تحت ابطه…لكل منا كتابه، كما لكل منا بصماته….عندما تحاول أن تفرض ماتظنه كتابك على غيرك تعرقل دورة الحياة….منذ أول محاولة من هذا النوع بدأت المساومات، وبدأ استغلال الإنسان لأخيه الإنسان،حتى قتلوا الكثير من الإبداعات.

.…

لقد أضعتَ كتابك الذي كان مطويا تحت ابطك، وتحاول الآن أن تفرض ذلك الكتاب المزيف على غيرك، كما فرضه غيرك عليك!

نعم، تلك المحاولة هي أصل الشرور…أما أصل الخير فأن يفتح كل منا كتابه الذي خصّه به الله، ويجيد قراءته….لو لم يفتح السنجاب كتابه، ولو لم يقرأه، لما أبدع في كسر البندق،ولمات شحّا وجوعا…أو لانفجر وهو يحاول أن ينتفخ ليصبح جبلا علّه يتجنب سخرية الجبل!

لو استطاع الجبل أن يقتل بغروره وسخريته اعتزاز السنجاب بهويته الألوهية،لمات شيء جميل جدا في هذه الحياة… لطالما شعرت بهذا الشيء الجميل، وأنا أطارد تلك المخلوقات الجميلة بعدأن نهبت حقلي، وهي تنظر إليّ ساخرة لعدم قدرتي على اللحاق بها…كل منا يسخر من الآخر، دون أن ندري أننا جميعا وجوهٌ لحقيقة واحدة،ألا وهي أننا روافد لنفس المنبع!

…….

كذلك أنت، لأنك صدّقت أوهام الكتب المزيفة التي فُرضت عليك، ورفضتَ أن تفتح كتابك، ساهمت في شحّ هذا العالم وجوعه،بل في تطرفه إلى حد الانفجار!

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

ترامب الثاني: انتظار الفاشية خلف انتصار الـ”ماغا”!

نشرت

في

صبحي حديدي:

بعد الهزيمة المدوية التي مُني بها الحزب الديمقراطي الأمريكي، في شخص مرشحته للرئاسة كامالا هاريس ومقاعد مجلس الشيوخ في وست فرجينيا ومونتانا وأوهايو؛ لم تكن مفاجأة أن النقد الأوضح لخطّ الحزب واستراتيجيته أتى من أحد كبار “المشبوهين المعتادين” القلائل جداً في نهاية المطاف: السناتور برني ساندرز.

صبحي حديدي

ساندرز” يعتبر نفسه مستقلاً، ولكنه ينضوي ضمن تجمّع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ولا ينأى عنهم إلا في مناسبات قليلة؛ لأنه، في واقع الأمر، محسوب عليهم في أعمّ المناسبات.

ما يقوله ساندرز اليوم ليس جديداً من حيث المبدأ، أو هو لا يتصل أساساً باندحار هاريس والحزب الديمقراطي، لأنّ إهمال أولويات الطبقة العاملة، كما يساجل ساندرز اليوم، ليس خياراً طرأ على الديمقراطيين خلال الأشهر القليلة التي أعقبت عزوف جو بايدن عن الترشيح وصعود نجم هاريس؛ بل هو قديم ومتقادم وجزء لا يتجزأ من الشطر الرأسمالي في فلسفة الحزب الديمقراطي، على غرار الحزب الجمهوري وإنْ بفارق هنا أو هناك. كذلك يحيل ساندرز بعض أسباب الهزيمة الأخيرة، بل يوحي ضمناً بأنها الأبرز: “بينما دافعت قيادة الحزب الديمقراطي عن الأمر الواقع، كان الشعب الأمريكي غاضباً وأراد التغيير. وكان على حقّ”.

ليس تماماً، أو على الأقلّ ليس بمعدّل 71.7 مقابل 66.8 مليون ناخب، والفوز في التصويت الشعبي للمرّة الأولى بالنسبة إلى مرشح جمهوري منذ سنة 2004؛ و295 مقابل 226، في المجمّع الانتخابي؛ وليس في 27 مقابل 18، على صعيد الولايات؛ وليس وقد اتضح أنّ أداء هاريس كان أضعف من أداء بايدن 2020 في كلّ الولايات… التأزم، استطراداً، أبعد من مجرّد “غضب” شريحة من الشعب الأمريكي؛ والهزيمة هذه ليست أقلّ من فصل جديد في مسلسل طويل من انتقالات عاصفة وتحوّلات كبرى يعيشها المجتمع الأمريكي، فلا تقتصر على الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحدهما، بل تمسّ سائر فئات الشعب وطبقاته، على أصعدة شتى اجتماعية ــ اقتصادية، ثمّ سياسية ومعنوية وأخلاقية وثقافية، وسواها.

في الوسع الابتداء من حقيقة أولى بسيطة، ماثلة للعيان وأوضحتها أنساق التصويت الاجتماعية والجغرافية والعُمْرية، مفادها أنّ الولايات المتحدة بعد 248 سنة على إعلان استقلالها ليست، بعدُ، مستعدة لانتخاب امرأة إلى منصب الرئاسة؛ وهيهات، تالياً، أن تكون جاهزة لانتخاب امرأة من أصول مهاجرة، آسيوية وسوداء البشرة في آن معاً. وفي باطن هذا المعطى الأول لوحظ أنّ تصويت المجموعات الهسبانية ذهب إلى ترامب بمعدّل 45 بالمائة، رغم التصريحات العنصرية البغيضة التي شهدتها بعض تجمعات ترامب الانتخابية، على مسمع ومرأى منه (كما في تعليق توني هنشكليف ضدّ بورتو ريكو بوصفها “جزيرة القمامة” مثلاً)؛ وهذا فضلاً عن أغلبية عالية لصالح ترامب في أوساط الرجال، لاعتبارات ذكورية لا تخفى.

وجهة أخرى في استدلال مغزى مركزي خلف الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة هي تلك التي تبدأ من تصريح ترامب، خلال خطبة انتصاره، بأنّ الـMAGA (مختصر للحروف الأولى من شعار ترامب الانتخابي باللغة الإنكليزية: جَعْلُ أمريكا عظيمة مجدداً) هي ‘أعظم حركة سياسية في التاريخ’؛ ليس لأنها كذلك بالفعل، فهي أبعد ما تكون عن أيّ طراز من العظمة حفظه التاريخ، بل لأنّ مكوّنات الاستيهام فيها حرّكت عشرات الملايين خلف ترامب: أشدّ تأثيراً من الاقتصاد ومسائل التضخم والقدرة الشرائية، وأدهى استقطاباً من رهاب اللاجئين والمهاجرين والأجانب، وأعمق دغدغة للكوامن الفاشية التي تصاعدت وتتصاعد في نفوس أمريكيين كُثُر ابتداء من العقدين المنصرمين.

كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

وفي قلب الـ”ماغا” كان يتنامى هوس “القومية الأمريكية” الذي لم يعد غريباً أو ناشزاً أو نادر الاستخدام كما كانت الحال قبل صعود ترامب، ومنذ شيوع هستيريا تعظيم أمريكا سنة 2015، حين تضاعفت أكثر فأكثر النزعات العنصرية والمناطقية، وفلسفات “التفوّق” العرقي الأبيض. كذلك، في جزء متمم، لم تعد الولايات المتحدة حصينة تماماً إزاء مؤثرات العالم خارج المحيط، ولم يعد تكوينها المجتمعي ــ الذي ساد الاعتقاد بأنه متعدد المنابت، تعددي الأعراق ــ بمنأى عن يقظة القوميات هنا وهناك، في العالم بأسره ثمّ في أوروبا حيث المنبع الثقافي الذي يغذّي قسطاً غير ضئيل من “القِيَم” الأمريكية.

وكي لا يُظلم ترامب أو تُنسب إليه وحده شرور الـ”ماغا” فإنّ غالبية الإدارات الأمريكية السابقة، منذ عهد وودرو ولسون وليس رونالد ريغان أو جورج بوش الأب والابن؛ لم تفعل سوى محاولة تطوير المشروع الإمبريالي الأمريكي، السياسي والاقتصادي والثقافي، تحت هذه المظلة بالذات: سطوة أمريكا العظمى! ولم نعدم كاتباً أمريكياً ظريفاً جنح ذات يوم إلى الشكوى من “واجب مقدّس” أُلقي على عاتق أمريكا تجاه العالم، اتخذ سلسلة تسميات مثل “الإمبراطورية بالصدفة العمياء” و”الإمبريالية بالتطوّع” و”العبء الجديد للرجل الأبيض”. وفي كتاب بعنوان “السلام الأمريكي” صدر للمرّة الأولى سنة 1967 ولم تمنع حرب فيتنام من جعله مرجعاً أثيراً لدى شرائح واسعة من القرّاء في أمريكا، كتب رونالد ستيل: “على النقيض من روما، إمبراطوريتنا لم تلجأ إلى استغلال أطرافها وشعوبها. على العكس تماماً… نحن الذين استغلتنا الشعوب واستنزفت مواردنا وطاقاتنا وخبراتنا”!

والرجل، ترامب، الذي أعلن على الملأ أنّ إعادة انتخابه سوف تخوّله أن يكون دكتاتوراً؛ وأنه سيثأر من خصومه، وعلى رأسهم أولئك الذين كانوا مستشارين في إدارته أو وزراء أو رؤساء أركان أو محامين، بمن فيهم نائبه نفسه؛ وأنّ عودته إلى البيت الأبيض سوف تريح الأمريكيين من واجب الذهاب إلى صناديق الاقتراع الرئاسية، مرّة أخرى أو إلى الأبد… لماذا سوف يعفّ، هذا الرجل بالذات، عن الذهاب إلى أقصى مدى في الفاشية والتسلط وترويض ما يتبقى من قواعد/ نواهٍ ديمقراطية في نظام الولايات المتحدة؟ للبعض أن يتشبث بمقولة رسوخ هذا النظام، وأنه أقوى من أيّة سلطات يمنحها الدستور للرئيس الأمريكي؛ ولكن… كيف يُلجَم رجل كهذا وهو يسيطر على البيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، ومجلس النوّاب، والمحكمة العليا، فضلاً عن كونه القائد الأعلى الفعلي للقوات المسلحة؟

من المنتظَر، بالطبع، أن يغرق كبار “نطاسيي” الحزب الديمقراطي، المختلفين عن ساندرز من حيث المنهج والغاية والوسيلة، في ترحيل أسباب الهزيمة إلى عوامل مثل تأخّر بايدن في قرار عدم الترشيح، أو اختيار تيم والتز شريكاً على البطاقة مع هاريس، أو الأدوار التي لعبتها وسائل الإعلام اليمينية واليمينية المتطرفة، أو تدخّل الاستخبارات الروسية لصالح ترامب من زاوية عدم حماس الأخير للحرب في أوكرانيا، أو حتى الآثار (أياً كانت) لعجز هاريس والديمقراطيين عن كسب الصوت العربي في ولاية متأرجحة مثل ميشيغان؛ وسوى ذلك، ممّا هو كثير متعدد ومتشابك، محقّ أو باطل أو في منزلة بينهما. الراسخ، مع ذلك، أنّ فوز ترامب ليس اختراقاً تاريخياً لشخصه وشخصيته وما بات يمثّل في وجدان ملايين الأمريكيين، فحسب؛ بل هو انتصار ساحق للـ”ماغا” في مدلولاتها الأعمق، والأبعد أثراً وديمومة، من المحتوى الركيك الذي يعلن جعل أمريكا عظيمة مجدداً.

وما يصحّ أن يُنتظر من ترامب الثاني ليس المزيد من التطرّف في السياسة الخارجية، وملفات حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة، وتعزيز التطبيع مع السعودية خصوصاً، وتقليص الحضور الأمريكي في الأطلسي، فقط؛ بل ما هو آت على صعيد الداخل الأمريكي، أيضاً، لجهة انحسار يمين الجزب الجمهوري، مقابل صعود اليمين المتشدد: العنصري أكثر، والانعزالي أشدّ، والشعبوي أنكى، و… الفاشيّ الأعتى.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

صن نار