تتواصل احاديث رواد مقهى العياري حول الحوادث المتتالية للقطارات خلال السنوات التي تلت ثورة البرويطة ..يقسم العم سالم متقاعد السكك الحديدية ان نسبة الحوادث التي حصلت خلال السنوات الاخيرة تجاوزت اضعاف ما وقع خلال ثلاثين سنة مرت على البلاد قبل الانتفاضة…
فوضى عارمة ..هذا قطار منطلق لوحده دون سائقه الذي عن له النزول منه وكان بالامكان وقوع صحايا بالمئات ..وهذا اخر كاد يصطدم بقطار سلع قرب رادس مليان ليلا مما اثار الفزع لدى الركاب ..وذاك خرج عن السكة ..و اخر دهس سيارة ..حال النقل كحال الوطن ارتخاء و فساد وارهاب واغتيالات ..استخفاف بالقانون ..مؤسسات محشوة بالحابل والنابل ..تغول المهربين و استهداف للمتقاعدين في قوتهم ودوائهم …..
ثم هذا خميس النجار حاد الطباع، المتناغم دوما مع ضجيج تجهيزاته و صرير ادواته وفتات النجارة المنتشرة على اذنيه وشعره الاشعث ..وذاك الاستاذ محمود يقرا جريدته وهؤلاء الامجد ولطفي البناء وسالم الجزار الاصلع يلعبون الورق او يتبادلون الاحاديث حول البطالة المتفشية التي تنخر البلاد، وعن غلاء المعيشة وانسداد الافق في وجوه الشباب الحالم بالهجرة والحرقة نحو اوروبا .. وعند كل مباراة كرة قدم يصظف الجميع امام التلفاز الكبير يملؤون المقهى ضجيجا وصياحا هستيريا في ظل روائح النارجيلة والسجائر الخانقة.
يدلف نترة الى المقهى ..يقف على ردهته قليلا ..ويلتفت يمنة و يسرة لتحديد بعص الوجوه ثم يقصد مكمن المنجي كرشة القابع في احدى زواياها يدخن النارجيلة ..
وقبل جلوس نترة. يدور بينهما الحديث التالي :
—اهلا عشيري. يجيبه المنجي كرسة
—اهلا بالاها.
يستطرد نترة
= جبو والا غبو؟؟
المنجي كرشة:
—كواترو جبو عسالي ..ترسيو غبو.
يجيبه نترة :
مليح عشيري ياصحوبة …نولع شيشة ؟
المنجي كرشة:
—ولع بالاها جيراك مخدوم
نترة :
–مشات معاك يا صحوبة.
ينتهي الحديث بينهما فقد عرف نترة ان المنجي كرشة قد باع اربعة هواتف كما فرط في جهاز اعلامية h.p ,الذي افتكه من طالب بالمدرسة العليا للتجارة بمنوبة بعد تهديده بالموسى ..كما فهم نترة ان موعد لقائهما ليلا في المكان المعتاد لاحتساء الخمر وتدخين الزطلة ومده بما اتفقا عليه من بعد خصم ثمن قوارير المرناق وقراطيس اللوز ورطل اللحم المشوي مقومات السهرة الحمراء صحبة البنتين خميسة و سلوى ..سهرة تخضر فيها القلوب و تحمر العيون