جور نار
جولة في أروقة وزارات التربية والتعليم العربية (السجل الاصطلاحي)*
نشرت
قبل سنة واحدةفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiri
جلب انتباهي وأنا أتجوّل في مواقع بعض وزارات التربية والتعليم في البلدان العربية الاختلاف الكبير في المصطلحات المستعملة هنا وهناك للتعبير عن تفاصيل شؤون التربية والتعليم.

على إثر هذا التجوال، قلت لِم لا أقوم بعملية جرد لجزء من هذا السجل الاصطلاحي الذي يُترجم أحيانا عن تباين في الرؤى والتصوّرات (سنعود إليه لاحقا في الجزء الثاني الذي أسميتُه “السجل الدّلالي”) ولكنه طريف وجدير بالتوقّف عنده، نُروّح به عن أمزجتنا المُتعبة ونُطلّ من خلاله على بيوت إخوتنا التربوية لنرى كيف يُوزّعون حِبرهم ويؤثّثون محافظ أبنائهم ويُهندسون أقسامهم.
نبدأ بالشقيقة موريتانيا
وزارة التربية هناك يُطلق عليها وزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي، وهي حسب رأيي تسمية متفرّدة مشحونة بمعاني التأديب والتثقيف والتربية والإصلاح، خاصة أن النسيج المُجتمعي في شنقيط (الاسم القديم لموريتانيا) ظل لعهود طويلة تحكمه القبليّة والبداوة. أما وزير التربية فمتحصل على عديد الشهائد الجامعية ومنها “شهادة المتريز بملاحظة لاباس” !
من النتوءات المسجلة أيضا في الحقل التربوي الموريتاني أن وزارة التهذيب تفرض على التلاميذ زيّا مدرسيا موحّدا (قميصا قصير الذراعين وبنطلونا للأولاد، وبنطلونا ومعطفا للبنات) لكن ما يدعو للاستغراب شيئا مّا هو الإجراء الخاص بــ ” البنات البالغات سن الخطاب الشرعي“، واللواتي يُفرض عليهنّ اضافة خِمار بلون القميص أي اللون الوردي أو ارتداء ملحفة كثيفة بنفس اللون.
اللافت أيضا أن مكوّنا أساسيا في المنظومة التربوية الموريتانية هو المحاظر الموريتانية (جمع محظرة) وهي عبارة عن مدارس قرآنية بدويّة متنقّلة منذورة “لنشر الإسلام وقيمه”.
كذلك في وزارة التهذيب الوطني الموريتانية لا يتم الحديث عن مناظرات للانتداب في خطة معينة بل عن “اكتتاب” ويتحدّثون عن المسابقات بدلا من المناظرات. ورد مثلا في بلاغ رسمي “فتح مسابقة لاكتتاب 6 أطر لصالح سلطة حماية المعطيات الشخصية“
الملاحظة الموريتانية الأخيرة تهمّ اللغات الوطنية المُدرّسة في شنقيط وهي البولارية والسنونكية و الولفيه وهو مؤشر على التنوّع الثقافي الكبير في هذا البلد والإكراهات الموضوعية الإضافية التي تفرض نفسها أمام أي برنامج للإصلاح والتجديد التربوي.
في السّودان المُقسّم، وقفنا على أهم الخصوصيات التالية :
عادت “الخلاوي” بقوة الى الحياة السودانية لتشكل ملاذا يحتضن التلاميذ، وذلك بعد أن أغلقت المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة في كل أنحاء البلاد بسبب وضع عدم الاستقرار الأمني وتتالي الحروب التي مزّقت البلاد، وهي أقدم نظام تعليم تقليدي في السودان. وهذه الخلاوي هي بمثابة المدارس القرآنية ويحدث أن تُدرج العربية والرياضيات في برامجها الدراسية.
الخصوصية الثانية في السودان هي ظاهرة المدارس المتنقلة لتعليم أبناء الرُحّل، ويقوم هذا المشروع على الشراكة الفعلية بين المجتمع المدني، حيث يلتزم المواطنون بتشجيع المعلمين بحوافز عينية ومالية مثلاً (اعطاء المعلم عشرة رؤوس من الضأن وناقة شايل ،والناقة الشّائلُ في القاموس هي النّاقة اللاّقح التي تشُولُ بذنبها للفحل) وجمل ركوب بالإضافة إلى الإعاشة والتزامهم بنقل المدرسة عند الترحال.
الجزئية الثالثة هي وجود عمود ثابت في الإحصائيات الرسمية للتربية يُخصص لما يسمّىى عندهم بــ “أجلاس التلاميذ” أي مقارنة نسبة الجالسين داخل الفصل بنسبة الذين يظلون واقفين، كأن يقال “تشير الدراسات إلى أن % 77.5 من التلاميذ يجلسون فى مقاعد بينما 22.5 % يجلسون ارضاً . هذا بالإضافة إلى أن نسبة النجاح في الامتحانات الوطنية تُحتسب على قاعدة “عدد الجالسين” أي ما يقابل عندنا عدد المُترشّحين أو المسجّلين في الامتحان.
في لبنان،
يعترضك مباشرة امتحان الكولوكيوم Colloquium وهو الامتحان الخصوصي الذي يُجرى في الاختصاصات الطبية وشبه الطبية مثل الطب العام وعلم التغذية وتنظيم الوجبات والقبالة والعلاج الفيزيائي وعلوم التمريض الخ…
لكنّ هناك أيضا تفصيلين آخرين لا يقلاّن طرافة هما :
– الصور الشمسية التي يتقدّم بها المترشحون للمناظرات أو الامتحانات يُشترط أن يكون مُصدّقا عليها من مختار القرية (من المَخترة التي غنّت عنها فيروز في مسرحية ميس الريم) تجنّبا للتدليس وانتحال الشخصية.
– المناشير والمذكرات التي تصدرها وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان يُطلقون عليها عبارة “التعاميم” لكونها تصدر عن المركز ليتم تعميمها على المحافظات.

أما عند جارة جارتنا المغرب، فقد أفضت جولتنا إلى رصد جملة من التباينات هذه أهمّها :
– “الغاشّون المعنيّون بعقوبة الإقصاء” هم ببساطة التلاميذ الذين يرتكبون الغشّ خلال الامتحانات. و”ترصيد” المبادرات هي ما نسمّيه نحن في تونس تثمين المبادرات ورسملتها. أما “الأسدوس” (وجمعها أساديس) فيعني السداسي أو السداسية والمباريات هي المناظرات (فتح مباراة لتوظيف 250 معلما بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأوّلي والرياضة … والتعليم الأوّلي هنا يُقصد به التعليم ما قبل المدرسي).
المترشحون للباكالوريا بصفة فردية يُسمّوهم في المغرب “ترشيحات الأحرار” والحوكمة حِكامة والمعلوماتية معلوميات. هذا ويُطالب المترشحون لامتحان الباكالوريا باستخراج بطاقة تعريف وطنية من مصلحة البطائق الوطنية بمراكز الأمن المغربي.
في سلطنة عُمان، تُسجّل النّتوءات التالية :
تخصص جائزة سنوية يطلق عليها جائزة الإجادة التربوية للمعلم العُماني وهو تقليد محمود ليته يُعمّم على كافة الانظمة التربوية في البلاد العربية لما فيه من تحفيز وتقوية روح المنافسة المُنتجة.
أما المربّون الذين مازالوا على قيد مباشرة العمل فيُطلقون عليهم “المربّون الذين مازالوا على رأس العمل“، والحياة المدرسية هي البيئة الصفّية واختبارات الامتحانات تُسمّى المفردات الامتحانية للاختبارات الوطنية للصفوف، والبلاغ هناك يصبح تنويها (تنويه للطلبة العمانيين الراغبين في الدراسة بماليزيا…) ويقسّم الأطفال المتمدرسون إلى أطفال مواطنين وأطفال غير مواطنين (كأن يُقال في بلاغ رسمي أن يكون لدى الطفل (المواطن) رقم مدني بشهادة الميلاد وأن يكون لدى الطفل (غير المواطن) بطاقة مقيم سارية المفعول بسلطنة عمان (كان من الممكن الحديث عن أبناء المهاجرين بكل بساطة وبدون تجريح).
والترشّح يصبح تقديما والعمل الدوري تدويرا (إعلان فتح التقديم في فرص التدوير الوظيفي)
والشغورات في التخصصات يُصطلح عليها بالشواغر والشهادة إفادة وكشف الأعداد كشف للدرجات … كما يُطلب أحيانا من المترشحين لوظائف معينة أن يكونوا لائقين طبيا للخدمة.
نأتي الآن إلى وزارة التربية والتعليم بالأردن، لنتوقّف بُرهة عند أهم ما يشدّ الانتباه :
الأقسام هي غرف صفيّة ومعلّمو التربية الخاصة بالأطفال الملتحقين بالمدارس العامة والذين لا تتناسب قدراتهم مع زملائهم، هم “مدرّسو الظل” أو “مدرسو الدعم التعليمي”، وبرامج مهننة المعلمين تسمى برامج التنمية المهنية للمعلمين، ومن أجل تحفيز الأطفال الذين يحتاجون “رفع استعدادهم للتعلم” ترصد حوافز خاصة للدارسين والدارسات مثل التغذية والمواصلات والقرطاسية (ويقصد بالقرطاسية الأدوات المدرسية).
أما في مجال توزيع التلاميذ على مسارات التكوين فتتحدث أدبيات وزارة التربية هناك عن “ضرورة بدء عملية التشعيب للمسار الأكاديمي والمسار المهني من الصف التاسع” على معنى بعث الشعب وفتح المعابر.
والتعليم المتمازج هو ما نسميه نحن ببيداغوجيا الإفراق أو تفريد التعليم حيث يتم مراعاة احتياجات المتعلمين جميعا على اختلافها.
نذهب الآن إلى المملكة العربية السعودية لنرصد بعض الاختلافات الطريفة :
تطوير مُخرجات التعليم في ربوعنا يقابلها “تحسين نواتج التعلم في النواحي المعرفية والمهارية وتعديل السلوك” وترشيد الإنفاق العام في التربية يُطلق عليه رفع كفاءة الإنفاق المالي على التعليم، أما مادة الرياضة فتسمى التربية البدنية واللياقة الصحية والدفاع عن النفس.
وما يسرّ الناظر إلى مضامين التكوين في المراحل الدراسية الأولى في السعودية هو برمجة مضامين متقدمة تقطع مع التعليم التقليدي الذي كان مرتكزا بصورة أساسية على التعليم الديني، مثل “المهارات الحياتية والأسرية” منذ السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية والتدريب على “التفكير الناقد” في المرحلة الإعدادية (التي يسمّونها متوسّطة).
ونُنهي أخيرا بالإمارات العربية المتحدة وبتخريجة ذكية ونبيلة جدا، حيث يسمّون أصحاب الحاجيات الخصوصية “فئات أصحاب الهِمم” وتشمل الخلل النفسي والسلوكي وحالات التوحّد وخلل المخاطبة واللغة وضعف البصر الخ…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كل المصطلحات الواردة بهذا المقال مستلّة حرفيا من المواقع الرسمية لوزارات التربية المعنيّة.
تصفح أيضا

عبد الكريم قطاطة:
في جويلية 2004 انتهت حقبة اذاعة صفاقس مع السيّد عبالقادر عقير رحمه الله وغفر له وعُيّن السيد رمضان العليمي كبديل له وتحديدا يوم 12 جويلية…

والسيّد رمضان العليمي شغل قبل تعيينه على رأس اذاعة صفاقس منصي كاتب عام للجنة تنسيق “التجمع الدستوري الديمقراطي” (الحزب الحاكم وقتها) بقفصة ثمّ مديرا لاذاعة تطاوين… وكعادة ايّ مدير عند تسميته اجتمع بالمسؤولين في الادارة بقاعة الاجتماعات المحاذية لمكتبه… ليعبّر وكأيّ مسؤول عن امتنانه لرئيس الدولة صانع التغيير لتشريفه بتلك المهمة… وعبّر وكسائر المديرين عن سعادته بوجوده في صرح اذاعتنا ونوّه بتاريخها وبالسواعد التي عملت فيها… ودون الدخول في تفاصيل اخرى تعرفون جيّدا تلك الخطابات الممجوجة التي يلقيها المسؤولون في مثل تلك التعيينات…
بعد ذلك تعرّف على المسؤولين فردا فردا… ولمّا حان دوري نظر اليّ السيّد رمضان العليمي وقال: (سي عبدالكريم اشكون ما يعرفوش انه اشهر من نار على علم، وهو بالذات عندي حديث خاص معاه)… وانتهى الاجتماع… وبقيت انتظر ذلك الحديث معه… وطال الانتظار… وكتبت له رسالة مطوّلة لم استجدِه فيها العودة الى المصدح فالحرة تجوع ولا تاكل بثدييها… لكن كان من واجبي ان اعطيه فكرة شاملة لا فقط عن وحدة الانتاج التلفزي حيث اُشرف فيها على مصلحة الانتاج، بل عن اذاعة صفاقس بشكل شمولي… وذلك من خلال ما عشته وعايشت فيها مع زملائي من احداث ناصعة البياض واخرى رماديّة حتى لا اقول سوداء…
هذه المراسلة كانت بتاريح 17 سبتمبر 2004 اي بعد شهرين و5 ايام من تعيينه… وها انا اختار الفقرة الاخيرة من مراسلتي الطويلة علّها تًعطي فكرة واضحة عن هدف تلك المراسلة حيث خاطبته بالآتي: (اخي الفاضل… انّ غيرتي على هذه الاذاعة هي وحدها التي جعلتني اكتب اليك فانا لا اطلب برنامجا او فضاء او ما شابه ذلك… ولكنّ الخطر الكبير يتمثّل في عديد الاسماء التي لا يمكن ان تكون امام المصدح وفي عديد البرامج التافهة تصوّرا وانجازا… وفي بعض الاشخاص الذين لا يملكون الحسّ الاذاعي ولا الكفاءة ومع ذلك يديرون امور هذه الدار على هواهم… اخي الفاضل احببت ام كرهت… الآن انت مدير هذه الدار وقدرك ان تعيد لها هيبتها وجمهورها واشعاعها… وهيبتها لن تعود الا من خلال تطبيق القانون ورفع المظالم … وفقكم الله لتسلّق هذه الجبال من المصاعب واعانكم على ان تكونوا كالميزان في عدالته، الذي لا يهمه ان ارتفع بالفحم او باللحم، بالتبر او بالتين… اليست العدالة هي اساس العمران ؟؟)…
السيّد رمضان العليمي كما ذكر في اجتماعه الاول بالمسؤولين وعد بحديث خاصّ معي… وانتظرت ولم يأت ذلك الحديث الخاصّ… وارسلت له المكتوب الذي حدثتكم عنه ولم يأت ذلك الحديث الخاص وها انا انتظر لحدّ اليوم وعده ولم يات ولن يأتي ولا حاجة لي بأن يأتي… لا لانه غادر الاذاعة ولست ادري ماذا اصبح اليوم وكلّ الرجاء ان يكون في صحة جيّدة مع طول العمر… ولكن لانّ الاجابة عن ذلك الوعد الذي لن يأتي جاءتني من احدى الزميلات في اذاعة تطاوين وهي بالاساس مستمعة لي منذ من البريد الى الاثير … وذلك بعد ستّة اشهر من تعيينه على رأس اذاعة صفاقس… حيث خاطبتني عبر مرسال فيسبوكي خاص بالقول: (لا تنتظر مؤازرة من السيّد رمضان العليمي… انه لا يكنّ لك الودّ وهذا عرفته عندما وددت تكريمك في اذاعة تطاوين ولكنّه عبّر بشكل مباشر انّه لا يطيب بذكرك… لكنّي كنت مصممة على تكريمك واذعن لي لكن لبس عن طيب خاطر)…
انذاك فهمت انّ الحديث الخاصّ معي لن يكون وحتى طيلة عهدته باذاعة صفاقس تحادثنا مرّتين فقط… يوم جاءني لمكتبي بوحدة الانتاج التلفزي ليسأل عن مشاكل الوحدة وندرة انتاجها… اي نعم قلبو وجعو على وحدة الانتاج… وتقولوشي عمل حاجة ؟؟ اقسم بالله وكانّه لم يسمع شيئا مما سردته له… المرة الثانية التي قابلته فيها يوم أقام حفلا خاصا لتكريمي سنة 2006 بعد احرازي على وسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الدولة… وهو يصير منو ما يحتفلش بما قرره صانع التغيير؟…
ساعود لموضوع الوسام في ورقات قادمة… سنة 2004 ايضا وبالتحديد في 30 مارس شاء قدر الله ان يحرمني وللأبد من الوجود المادّي لوالدتي عيّادة… كان ذلك يوم اثنين… ولكن في الويكاند الذي سبق يوم الاثنين 30 مارس وتحديدا يوم الاحد 29 مارس كنت والعائلة وبعض من اهلي عائدين من الساحل بعد قضاء نهاية اسبوع باحد النزل… عندما وصلنا الى ساقية الزيت طلبت من سائق السيارة ان يتوقف.. اندهش الجميع لذلك… تصوروا انّ غايتي كان اقتناء قهوة او بعض المكسّرات للسهرة… توقف اذن ونزلت من السيارة وقلت لهم (كمّلوا ثنيتكم انا ماشي لعيّادة نحبّ نطلّ عليها ونبوسها وبعد نجيكم)… اندهش الجميع… يا ولدي اش قام عليك .؟ يا ولدي غدوة امشيلها … يا ولدي الدنيا مغربت .. تي راهي امّك في ساقية الدائر وانت في ساقية الزيت… تي راهو زوز كيلومتر موش شوية… تي هات على الاقلّ نوصلوك…
تعرفوه هاكة البهيم حاشاكم اللي يحرن ؟ اللي يعرفني يعرف انو من طباعي السيّئة وقت نحرن نحرن… وفعلا حرنت وزيد قلت لهم (انا طيلة دراستي الابتدائية كنت نجي من ساقية الدائر لساقية الزيت على ساقيّ… نحبّ نمشي على ساقيّ ونعيش شوية نوستالجيا ذلك الزمن… ايّا امشيو على ارواحكم)… وتوكّلت على الله وخليتهم داهشين في ها المخلوق وفي راسو الكبير وعنادو في احدى تلك اللوحات… صدقا كان هنالك احساس رهيب بداخلي وانا اقطع تلك المسافة… ذكريات… نوستالجيا… سعادة… وحزن لم افهم مأتاه…
وصلت الى مسكن الوالد والوالدة ومعهما اختي نبيهة التي تكبرني بسنة والتي لم تتزوج لإعاقة وُلدت بها ولم تقع معالجتها في زمن كان العلاج الطبّي نادرا جدّا… والتي لازمت الوالد والوالدة طيلة حياتهما، رحم الله الثلاثة… عندما دخلت للمنزل سلّمت على سي محمد… والدي هكذا كنت اناديه لا يا بابا ولا يا بويا ولا يابّا متع جيل توّة… ووجدت اخواتي الثلاث متحلقات حول عيادة… فرحت بي عيادة وباستغراب وقلق عن هذه الزيارة في وقت بدأ الليل يسدل ستائره ونظرت لولدها وسألتني: (يا وليدي لاباس عليكم ؟)… مسكت يدها وقبلتها وقلت لها وراسك الغالي لاباس توحشتك جيت نطلّ عليك اكاهو… تهللت اساريرها ونظرت الى اخواتي وقالت: (ما يعزش بيكم انتوما الكلّ في كفّة وعبدالكريم في كفّة راهو كفّتو تغلب)… وضحك البنات وأجبن (يخخي حتى تقوللنا؟..نعرفوا نعرفوا)… اعدت تقبيل يديها وبشكل جارف، لكأنّ القدر كان يهمس لي… اشبع بيها اليوم لانّها غدا ترحل…
في الغد وانا في مكتبي وكانت الساعة تشير الى الثالثة ظهرا هاتفني احدهم (لم اعد اذكر من هو) وقال لي: امّك مريضة وتحبّ تشوفك… ووجدتني بالنهج الذي تقطن فيه عيّادتي وسي محمد… وتسمّرت ساقاي عن المشي… سيارات رابضة امام المنزل… هذا يعني انّ عياّدة …. نعم دخلت وسالت اخوتي متى ؟ كيف ؟ بالامس كانت في صحة جيدة .. ماذا حدث ؟ لماذا لم تخبروني بما حلّ بها ؟… اجابتني إحداهنّ وقالت… كنا معها نتجاذب اطراف الحديث كما تعرفنا وفجأة قامت وقالت: (صلاتي ابجل من حديثكم سيّبوني نعطي فرض ربّي)… اقامت الصلاة ركعت ثمّ سجدت ثمّ هزّ ربّي حاجتو… وهي ساجدة…
دخلت فوجدتها مسجّاة في لحافها… دلفت اليها بهدوء لم ادر مصدره… رفعت الغطاء عن راسها… قبلت جبينها و قرات عليها نزرا قليلا من سورة البقرة (وبشّر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة) الى اخر الاية واعدت تقبيل جبينها و تقبيل يدها الباردة … والتي هي في برودتها وقتها كانت اشدّ حرارة من وهج الصيف في صحرائنا الكبرى… ورفعت يديّ الى خالقي وقلت (يا ربّي يجعلني كيفها)… لقد اكرمها الله بتلك الموتة الرائعة واستجاب لدعوتها الدائمة… يا ربّي يجعلني نهيّر في الفرش ونهيّر في النعش… ولأنّ الله قال في كتابه العظيم، سورة غافر آية 60: (ادعوني استجب لكم) واعاد نفس المعنى في سورة البقرة الآية 186، فالله اكرمها بان لا تقضّي حتّى يوما واحدا مريضة في فراشها…
الحمد لله اوّلا على قضاء الله… الحمد لله ثانيا على انّي نفذت وصيّتها لي بتلحيدها يوم دفنها… كان ذلك بعد اذان صلاة المغرب في المقبرة التي كنت اخاف من المرور بجانبها طيلة حياتي ليلا او نهارا… ولكن واقسم لكم بالله عندما ذهبت لتلحيدها في تلك الساعة، تحوّلت المقبرة امامي الى نور على نور… والحمد لله ثالثا انها رجتني في حياتها الاّ انقطع عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وان احكي لها واطمئنها عن كل ما يجري في عائلتي…. وعائلات اخوتي… ووعدتها ولا زلت عند وعدي…
رحم الله عيّادة وابي واخوتي واهلي واصدقائي وزملائي… ورحم الله كلّ امواتكم واطال الله عمركم ومتعكم بالصحة والسلام الروحي …
ـ يتبع ـ

جور نار
حرب عالمية… تجارية، دون ذخيرة حيّة… على الأبواب!
نشرت
قبل أسبوع واحدفي
8 أبريل 2025من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrash
محمد الأطرش:
يتساءل الجميع اليوم عن حجم ردود الفعل العالمية المنتظرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هيكل تعريفي جديد للولايات المتحدة في “يوم التحرير الثاني”… وهي التسمية التي أطلقها ترامب على يوم الثاني من أفريل من هذه السنة، ترامب يعتبر ذلك اليوم ثاني أهمّ يوم في تاريخ الماما بعد اعلان استقلالها يوم 4 جويلية من سنة 1776 …

يرى ساكن البيت الأبيض أن الإجراءات التي أعلن عنها يومها ستعيد الحياة للعصر الذهبي لأمريكا، وستجدد من استقلالها حسب رأيه… ولسان حاله يقول انه لم يجد حلاّ لمشاكل الماما الاقتصادية غير فرض ضرائب على دول الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والبرازيل والهند والصين واليابان وكندا والمكسيك والعديد من الدول الأخرى، رغم أنه يدرك جيّدا ان أغلب هذه الدول ستعامله بالمثل وقد لا تخرج الماما من الازمة الاقتصادية بالسهولة التي يتصورها… فدول الاتحاد الأوروبي تسعى لتكوين جبهة موحدة في الأيام المقبلة لتقف في وجه ما قرره ترامب… ومن المحتمل أن يتم الاتفاق حول مجموعة أولى من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار…
هذا التحرك المنتظر يعني بالتأكيد انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض تعريفات ردعية انتقامية على الولايات المتحدة في تصعيد مبكّر لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية اقتصادية عالمية… والخوف كل الخوف أن ترتفع تكلفة الآلاف من السلع لأغلب سكان المعمورة مما قد يدفع أغلب الاقتصادات حول العالم إلى الركود.
وتهدف الجبهة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتكوينها إلى الخروج برسالة موحدة تعبر عن النيّة والرغبة في التفاوض جدّيا مع ساكن واشنطن لإزالة التعريفات… مع التلويح بالاستعداد الدائم للمعاملة بالمثل والرد بإجراءات جمركية ثأرية مضادة، إن فشلت هذه المفاوضات في إزالة التعريفات الجديدة التي يريد ترامب فرضها على الجميع أو في التخفيض منها… ومن بين المنتجات التي حظيت باهتمام الجبهة الأوروبية الموحدة وأثارت قلق الرئيس ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة على “البوربون” الأمريكي (الويسكي) بنسبة قد تصل إلى 50%… وهو الأمر الذي جعل ترامب يهدّد برسوم نسبتها 200% على النبيذ والشمبانيا وغيرهما من المنتجات الكحولية من فرنسا وإيطاليا وغيرهما من دول الاتحاد الأوروبي.
تغطي التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الاتحاد الأوروبي حوالي 70% من صادراته نحو الولايات المتحدة… وقد بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمال فرض رسوم أخرى على العديد من الصادرات الاخرى في المستقبل إن تعنتت الجبهة الأوروبية وردّت بالمثل… وتفيد بعض المصادر ان المفوضية التي تنسق السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي قد تكون اقترحت على أعضائها قائمة بالمنتجات الأمريكية التي يجب ان تخضع لرسوم جمركية إضافية، ردّا على ما فرضه ترامب من تعريفات جديدة على الصلب والألومنيوم بدلاً من الرسوم المتبادلة… ومن المتوقع أن تشمل هذه المنتجات اللحوم الأمريكية، والحبوب، وغيرها من المنتجات التي قد تثير قلق ترامب…
وبالعودة إلى تاريخ الصراعات التجارية التي شهدها العالم، يذكر جميعنا انهيار سوق الأسهم سنة 1929 والإجراءات الحمائية التي تبعته وما وقع في السنوات التي تلته… فقد تمّ القضاء على ثلثي التجارة العالمية إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين د. روزفلت عن تخفيض الولايات المتحدة لجميع التعريفات الجمركية على أي شريك تجاري سيقوم بالمثل… لذلك لا يمكن تجاهل حدوث انخفاض حاد في التجارة العالمية لو تعنّتت جميع الأطراف وواصلت سياسات الردّ بالمثل وعدم العودة إلى رسومات جمركية يقبل بها الجميع …
لكن في هذه الحرب التجارية الطاحنة، لكن هل فكّر ترامب وخصومه في “كيف سيكون حال الدول الفقيرة وشعوبها؟؟” فأغلب الشعوب التي قد تتضرر مما اقدم عليه الرئيس ترامب عانت من أزمة 2008 ولم تخرج من اسقاطاتها وتبعاتها إلى يومنا هذا… وبعضها انهارت اقتصاديا بعد سنوات الكوفيد ولم تخرج إلى يومنا هذا من وجعها ومعاناتها… لذلك علينا ان لا ننسى أن أكبر الخاسرين هم أغلب دول إفريقيا وجنوب شرقي آسيا وبعض دول الشرق الأوسط التي لا تعيش على ما يجود لهم به باطن الأرض… فما يفعله اليوم ترامب وخصومه بالشعوب الفقيرة يعتبر جريمة وطوفانا مدمرا لاقتصاداتها فأغلب هذه الدول تعيش على التسوّل وقروض صندوق النقد الدولي ومساعدات البنك الدولي…
ترامب لم يفكّر في مصير شعوب الدول الفقيرة بل فكّر فقط في إصلاح اختلال ميزان الماما التجاري… ونسي اختلال الميزان التجاري لدول لا يفوق اقتصادها اقتصاد مدينة من مدن أفقر ولاية من ولايات الماما… فهل يزحف الركود التجاري والاقتصادي إلى اغلب دول العالم بما اتاه ترامب بشطحاته الغريبة؟؟ وهل يعود الجميع إلى العقل، أم أن حلقة تصعيد إضافية ستفتح؟؟… ويصل بنا الأمر إلى حرب عالمية تجارية قد تكون …تبعاتها أخطر من كل الحروب التي عرفها العالم؟؟


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الكريم قطاطة:
من طباعي منذ كنت شابا انّ الله وهبني نعمة الصبر على كل شيء… وكان العديد من اصدقائي يغبطونني على (دمي البارد)… وعندما هرعت الى الله تعمّقت في داخلي القدرة على تحمّل كلّ المشاكل ومخلّفاتها… قد اكون واحدا من سلالة ايّوب، ولكن… واذا فاض كأس الصبر كما غنّى شكري بوزيان… واذا علا صوت ام كلثوم بـ (ما تصبرنيش ما خلاص انا فاض بيّ وملّيت)… وتختمها بـ(للصبر حدود يا حبيبي)… اردّ كأيّ بشر الفعل، لكنني كنت آخذ قراراتي ودائما باعصاب هادئة في ردّ الفعل…

عندما اسرّت لي زميلتاي باذاعة الشباب بالحوار الذي دار بينهما وبين مديري سي عبدالقادر الله يرحمو… وفهمت انّ حدسي كان في محلّه بالشكّ في نواياه بعد الجلسة الصلحية مع زميلي الصادق بوعبان… تكسّر كأس الصبر… والكأس اذا تكسّر يستحيل لمّ شتاته…. ايقنت ان لا فائدة تُرجى من ايّ صلح بل وقررت ان تكون الحرب معه… اكاهو… وعليّ ان استعدّ لاوزارها… وليضحك كثيرا من يضحك اخيرا… انتهت السهرة الخاصة بتكريمي مع زميلتيّ وكانتا سعيدتين بها شكلا ومضمونا وعدت الى بيتي لاخطّط لحرب فعلية مع مديري…
وفي الصباح الباكر ذهبت لمكتبه… سلّمت عليه وسألته هل استمع الى حصّة التكريم البارحة… اجابني بالايجاب بل وشكرني على كلّ ما قلته في تلك السهرة… سالته باستعباط هل صدر منّي كلام او تعليق في غير محلّه لايّ كان؟.. اجابني: (ابدا ابدا، يخخي انت جديد عليّ نعرفك معلّم) … كنت جالسا فنهضت واقفا امامه واضعا كفّي يديّ على طاولة مكتبه وكأنّي تحوّلت من لاعب وسط ميدان الى مهاجم صريح وقلت له: (انا طول عمري كنت راجل معاك رغم كل الاختلافات والخلافات… ولم اقل في ظهرك كلمة سوء لكن وللاسف الذي حدث امس بينك وبين زميلتيّ في اذاعة الشباب ونُصحك اياهما بتغييري كضيف لهما اكّد بالدليل القاطع انّو بقدر ما انا كنت راجل معاك انت ما كنتش…..)
نعم هي كلمة وقحة ولكنّي قلتها لانّو فاض كاس الصبر… اندهش مديري منّي وانا اتلفّظ لاوّل مرّة بكلمة لا تليق به وقال لي: انت غلطت في حقّي راك.. قلت له: اعرف ذلك وانا جئت اليوم لاثبت لك اني ساعلن الحرب عليك ..ودون هوادة .. وصحّة ليك كان ربحتها وخرجتني قبل التقاعد مثلما قلت ذلك مرات عديدة، اما صحّة ليّ انا زادة كان خرجتك قبل التقاعد… وباش تعرف رجوليتي معاك ثمشي واحد يعلن الحرب على الاخر ويجي ويعلمو بيها ..؟؟ اذن اعتبرني من اليوم عدوّا لك ولكن ثق انّ الحرب بقدر ما ستكون شرسة بقدر ما ستكون من جانبي شريفة بمعنى ـ وربّي شاهد عليّ ـ لن الفّق لك ايّة تهمة لكن سافضح كلّ اعمالك)…
ولم انتظر اجابة منه… غادرت مكتبه وعزمت على التنفيذ… اتّصلت بالعديد من الزملاء الذين تضرروا من تصرفات مديري وسالتهم هل هم مستعدون للادلاء بشهادتهم كتابيا؟؟.. ولبّى العديد منهم طلبي… دون نسياني كتابة تقرير ل بكلّ ما حدث منذ قدومه على رأس اذاعة صفاقس… وللشفافية، كان هنالك ايضا تقرير على غاية من الاهمية وفي ثلاث ورقات كتبته احدى سكريتيراته وبتفاصيل مرعبة بعد ان ذاقت منه الويل… واعتقد انّ ذلك التقرير لعب دورا هاما في قرار اصحاب القرار…
اذن اصبح عندي ملفّ جاهز يحتوي على 30 ورقة ولم افكّر بتاتا في ارساله لا الى رئيس المؤسسة ولا الى ايّ كان… كان هدفي ان ارسله رأسا الى رئيس الدولة دون المرور عبر الرجل النافذ في الاعلام انذاك السيّد عبدالوهاب عبدالله الذي اعلم انه يكنّ لمديري ودّا خاصّا… وهذا يعني اذا يطيح بيه يبعثو لمؤانسة اهل الكهف (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)… وكم هو عدد الكلاب في حاشية الحكّام… لكن كيف يمكن لي ارسال الملفّ على الفاكس الشخصي للرئيس بن علي؟ ووجدت الحلّ (عليّ وعلى هاكة الناقوبة)… الناقوبة هي كنية لزميل يعمل في الصحافة المكتوبة وماشاء الله عليه في اجندا العلاقات… نعم مع الولاة مع الوزراء مع عدد لا يُحصى… تذكّرت وانا ابحث عمن يوصلني الى الفاكس الشخصي لرئيس الدولة…
تذكرت ذلك الناقوبة وتذكرت خاصة يوم زفافه… كنت يومها ممن حضروا حفل زفافه، خاصة انّ علاقتي به كانت من نوع علاقة الاستاذ بتلميذه… اذ هو ومنذ كان طالبا كان من مستمعيّ وعندما بدأ يخربش اولى محاولاته في الكتابة الصحفية مددت له يدي وشجعته … ولكن في اجندا العلاقات تفوّق الناقوبة التلميذ على استاذه… وللامانة حمدت الله على انّ اجندة العلاقات في حياتي سواء العامة او المهنية خلت من مثل اولئك الكبارات، هكذا يسمّونهم… ولكن وحسب ما عشته، قليل منهم من يستحق لقب الكبير…
يوم زفاف ذلك الناقوبة اشار اليّ من بعيد وهو بجانب عروسه كي اتوجّه اليه… توجهت لمنصة العروسين واقتربت منه فهمس في اذني (ماشي نوريك ورقة اقراها ورجعهالي) .. ومدّ اليّ تلغراف تهنئة لزفافه وبامضاء من؟… بامضاء زين العابدين بن علي… رئيس الجمهورية… الم اقل لكم انه باش ناقوبة ..؟؟ اذن عليّ به ليصل الملفّ الى الفاكس الشخصي للرئيس بن علي… بسطت له الفكرة وبكلّ برودة دم ووثوق اجابني: هات الملفّ وغدوة يوصل للرئيس وفي فاكسه الشخصي…
كان ذلك وسط شهر جوان ..ولم يمض يومان حتى هاتفني المرحوم كمال عمران المدير العام للقنوات الاذاعية ليقول لي: (يا سي عبدالكريم الملفّ الذي ارسلته للرئيس بن علي احاله لي شخصيا وكلفني بالقيام بابحاث مدققة مع جميع الاطراف وانت واحد منهم… ما يعزش بيك هذا امر رئاسي وعليّ تنفيذه)… اجبت على الفور: (وعلاش يعزّ بيّ؟.. ونزيد نقلك اكثر ما نسامحكش قدام ربّي اذا تقول فيّ كلمة سمحة ما نستاهلهاش)… وانتهت المكالمة وقام السيد كمال عمران رحمه الله بدوره كما ينبغي مع الجميع وللامانة ليست لي ايّة فكرة عن تقرير السيّد كمال عمران الذي ارسله للرئيس بن علي…
وما ان حلّ الاسبوع الاوّل من شهر جويلية حتى صدر القرار…ق رار رئيس الدولة باقالة السيّد عبدالقادر عقير من مهامه على راس اذاعة صفاقس وتعيين السيد رمضان العليمي خلفا له… يوم صدور القرار ذهبت الى مكتب سي عبدالقادر واقسم بالله دون شعور واحد بالمائة من خبث الشماتة… استقبلتني سكرتيرته زميلتي فاطمة العلوي ورجوتها ان تعلن للسيد عبدالقادر عن قدومي لمقابلته… خرج اليّ مديري الى مكتب السكرتيرة… سلّم عليّ ولم اتركه للضياع وقلت له : (انا ما اتيتك شامتا ولكن اتيتك لاقول لك انّ قرار اقالتك انا عملت عليه وانا الذي ارسلت الى الرئيس ملفا كاملا حول تصرفاتك ويشهد الله اني لم افترِ عليك بتاتا… الآن جئت لاودّعك ولأتمنى لك الصحة ولاقول لك انا مسامحك دنيا وآخرة…
عانقني سي عبدالقادر والدموع في عينيه وقال لي: (انت هو الراجل وانا هو اللي ما كنتش راجل معاك وربي يهلك اصحاب الشرّ)… غادرت المكان وتلك كانت الحلقة الاخيرة مع السيد عبدالقادر عقير رحمه الله وغفر له… سامح الله ايضا الشلّة التي عبثت بالمدير وبمصلحة اذاعة صفاقس وبالعديد من الزملاء… وهذه الفئة ذكرها الله في القرآن بقوله عنها (الملأ) ووُجدت في كل الانظمة عبر التاريخ وستوجد حتى يوم البعث… انها شلّة الهمّازين واللمازين والحاقدين والاشرار وخاصة ذوي القدرات المحدودة فيعوّضون عن ضعفهم وسذاجة تفكيرهم بنصب الفخاخ للاخرين وبكلّ انواع الفخاخ…
انهم احفاد قابيل…
ـ يتبع ـ


حادث سور معهد المزونة… تشييع جنازة أحد التلاميذ الضحايا، وسط احتجاجات شعبية

رئيس أركان جيش الاحتلال… حكومة نتنياهو لا تريد بديلا لحماس!

فرنسا توقف 3 جزائريين… الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا… وتصعيد جديد منتظر

أوكرانيا: هجوم روسي مدمّر على “سومي”… واحتجاج دولي وأمريكي

ردا على مشروع إقامة دولة فلسطينية… “ابن نتنياهو” يشتم ماكرون بألفاظ نابية!
استطلاع
صن نار
- اجتماعياقبل 19 ساعة
حادث سور معهد المزونة… تشييع جنازة أحد التلاميذ الضحايا، وسط احتجاجات شعبية
- صن نارقبل يوم واحد
رئيس أركان جيش الاحتلال… حكومة نتنياهو لا تريد بديلا لحماس!
- صن نارقبل يوم واحد
فرنسا توقف 3 جزائريين… الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا… وتصعيد جديد منتظر
- صن نارقبل يوم واحد
أوكرانيا: هجوم روسي مدمّر على “سومي”… واحتجاج دولي وأمريكي
- صن نارقبل يومين
ردا على مشروع إقامة دولة فلسطينية… “ابن نتنياهو” يشتم ماكرون بألفاظ نابية!
- صن نارقبل يومين
الولايات المتحدة… نحو ترحيل مليون مهاجر، خلال هذا العام
- صن نارقبل يومين
مشروع نووي سعودي… برعاية أمريكية
- ثقافياقبل 3 أيام
الحمامات… انطلاق موسم السياحة بالكرنفال الدولي