قامت الدنيا ولم تقعد على تلك الشاحنات التي اطلّت علينا من الشقيقة ليبيا محمّلة بلست ادري ماذا من معونات … وبقدر ما اتفهم الم الصادقين مع تونسهم ونحن الذين تحوّلنا من زمن كنا نؤوي فيه الاصدقاء والاشقاء في بلدنا فنطعمهم من جوع ونسكنهم من خوف ..الى زمن التسوّل على الاخرين وهنا بيت القصيد …
التسوّل ومهما كانت علاقتنا مع الاشقاء وخاصة الاصدقاء فيه مذلّة وفيه (تخربيشلت لكرامتنا) واذا كان الجار للجار رحمة واذا كنّا الصدر الحنون لاشقائنا الليبين ذات سنة، فانه من الطبيعي بعد ان جار علينا الجائرون والظالمون والفاشلون ان يردّوا البعض من الجميل …وحتى ان كانت نوايا الدبيبة وحاشيته تسجيل نقاط سياسية وهذا في عرف الانتهازية السياسية امر متوقع، فانّ نفس هذه الانتهازية السياسية يوم احتضنّا اشقاءنا الليبين وآويناهم كانت موجودة ..
الم يسمح المرحوم قائد السبسي بتسريب الاسلحة بشكل مواز لليبيا …استغرابي فقط مأتاه من بعض انتهازي السياسة او بعض النخب الذين اقاموا الدنيا عند ظهور تلك الشاحنات الليبية وهي تتبختر في اجوائنا الارضية حاملة المعونة لجيرانهم في هذا الزمن الاعرج واعتبار ذلك مسّا من كرامتنا ..اين هؤلاء عندما تدفقت على العديد من انتهازيي السياسة المليارات بل آلاف المليارات من قطر وتركيا لشدّ ازر من يمثلهم اي امراؤهم في تونس ؟؟
لم نسمع لهم ضجيجا ولا استنكارا ..اين الكرامة انذاك ؟؟ ثمّ الم تكن تلك المليارات المهربة سببا في التدمير والخراب الذي اوصلنا اليوم الى شريحة المتسولين ؟؟ من حقّ الوطني الصادق ان يكتب عن شعوره بالمذلّة عندما يرى بلده يمد يدا من فصيلة (يا كريم متاع الله) للّي يسوى واللي ما يسواش ..وعلى الاخرين الذين تمتّعوا بشاحنات جوية وبنكية من المليارات الخليجية ان “يبلّعوا” (وعذرا على هذه الكلمة البذيئة لانّها وحدها الكفيلة بالردّ على قوم الاجرام والبذاءة) ..نحن في عصرٍ المستضعفون فيه كثيرون والطواغيت الجبابرة قلّة …
ورغم هذا للتباين عدديا بين الفئتين لسائل ان يسأل “من ذا الذي يُخضع الكثرة للقلّة ؟” ان ما يُخضعها ضعف الروح وسقوط الهمة وقلة النخوة والتنازل عن الكرامة . …وفي كلّ الحالات ثمن الحرية والكرامة فادح ولكن ثمن الذلّ والمهانة افدح ..
نحن الان وبكلّ الم الدنيا في زمن لا نملك فيه مقومات الكرامة .. لان وجودها يقتضي وجود عقل جاد وسليم ..فهل لنا في جلّ سياسيينا عقل جادّ وسليم .؟؟