لندن ـ معا
في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية الناتجة عن السياسات التجارية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، بدأت الثقة العالمية بالدولار الأمريكي تتآكل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العملة الأمريكية كعملة احتياطية عالمية.
منذ إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات في الثاني من أفريل، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفضت قيمته بنسبة تقارب 10% منذ بداية العام، مع تسجيل أكثر من نصف هذا الانخفاض خلال الشهر الجاري.
هذا التراجع يُعد غير معتاد، خاصة وأن الدولار كان يُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات.
محللون في “دويتشه بنك” وصفوا الوضع الحالي بأنه “أزمة ثقة في الدولار”، مشيرين إلى أن المستثمرين بدأوا في التشكيك في استقرار العملة الأمريكية على المدى الطويل، خاصة في ظل السياسات الاقتصادية غير المتوقعة.
تاريخيًا، احتفظ الدولار الأمريكي بمكانته كعملة احتياطية عالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث يُستخدم في تسوية معظم المعاملات التجارية الدولية، وتحتفظ به البنوك المركزية كجزء من احتياطياتها. إلا أن السياسات الحالية قد تُعرض هذه المكانة للخطر.
بالإضافة إلى ذلك، أدى تراجع الثقة بالدولار إلى انخفاض الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل أكثر أمانًا، مثل الذهب والسندات الحكومية الأوروبية.
هذا التحول، بحسب خبراء، قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض على الحكومة الأمريكية، مما يُفاقم من العجز المالي.
في هذا السياق، حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من أن السياسات التجارية الحالية قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، مما يُعقد من مهمة البنك المركزي في تحقيق أهدافه المزدوجة المتمثلة في استقرار الأسعار وتحقيق أقصى قدر من التوظيف.
مع استمرار التوترات التجارية وعدم اليقين الاقتصادي، يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع الدولار الأمريكي الحفاظ على مكانته كعملة احتياطية عالمية، أم أن العالم يتجه نحو نظام مالي متعدد الأقطاب؟