تعيش بلادنا منذ انتخابات 2019 أزمة أعمق من كل الأزمات التي سبقتها…فأزمتنا اليوم أخطر من أية أزمة اقتصادية أو أزمة سياسية أو أزمة اجتماعية…نحن اليوم نعيش مؤامرة حقيقية على الوطن…فاليوم الكل يتآمر على الكل…و الكل يخون الكل…فبعضنا يتآمر مع الغرب على بعضنا…و بعضنا الآخر يختار الشرق ليتآمر على بعضنا… و بعض بعضنا جالس في بيته يشاهد المؤامرة… و بعضنا يموت يوميا و لا نحضر جنازته…و بعضنا يتألم ولا يجد طبيا يداويه…و بعضنا يموت قبل أن يجد سريرا يحضنه…
ألم تمنعنا جرثومة صغيرة لا تُرى من احتضان من نحب…من الضحك في وجه من نحب…ألم تجبرنا على أن نغلق أفواهنا…و بعضنا أغلقها إلى الأبد…ألم تمنعنا من وداع من نحب…من وداع أهلنا…و أحبابنا…و أصدقائنا…ألم نهرب من هذا الكائن القاتل إلى بيوتنا و نختار العُزلة عن العالم …هل نحن من اختار ذلك يا ترى؟؟ لا أظنّ… فالربّ هو من اختار لنا هذا المصير…و الله هو من أدخلنا الكهف كما فعل بأهل الكهف، و الواضح أننا لم نقرأ الدرس الذي أراد الله أن نقرأه… و لم نقرأ حروف الرسالة…ألم يرد الله أن يُعلمنا أننا أضعف من أصغر كائن خلقه…و أننا قد لا نصبح شيئا بعدما كنّا شيئا…فلماذا أدخلنا الله إلى الكهف يا ترى؟؟
ألم يخترع الإنسان الهاتف…و وسائل النقل المتطورة…ألم ترتفع ناطحات السماء إلى السماء…ألم يصل الإنسان إلى القمر…ألم نقض على أخطر الأوبئة…ألم نصنع جميع أنواع أسلحة الدمار…ألم …و ألم…و آلام…هكذا إذن أدخلنا الله إلى الكهف كما جاء في سورة الكهف…فلماذا يا ترى فعل بنا الربّ ذلك؟؟ جميعنا اليوم من أصحاب الكهف…و قد تطول مدّة مكوثنا الكهف…و قد يموت بعضنا في الكهف…و قد يقرّر الله أن نموت جميعا في الكهف…قد يخرج بعضنا من الكهف وحيدا…دون من عاشر…و مع من لعب…دون أمه….و دون والده…و دون إخوته…ألم نقرأ الرسالة…رسالة الربّ…أظنّ أن الله أراد بنا خيرا…لكننا لم نقرأ الرسالة جيدا…و لم نقرأ بين سطور رسالة الربّ…ألا يريد ربّنا بنا خيرا…ألا يريدنا الله أن نعود إلى بعضنا البعض…أن نحتضن بعضنا البعض…أن نعود إلى الجادة…أن ننسى خلافاتنا…أن نتضامن…أن نتكاتف…أن نتذكر الفقير…و المعوز…و المريض…و المظلوم…ألم يرد الله برسالته لنا أن نتصالح قبل فوات الأوان…أن نحبّ أوطاننا…
فما بعد الكهف لن يكون فسحة …قد يكون أضيق من هذا الكهف…و لن يكون أسعد مما كان قبل الكهف….فبعد الكهف سيشتدّ الفقر…و ستعم الخصاصة…و لن نكون كما كنّا…و لن نسعد كثيرا بما سنكون… أظنّ أن الله بعث إلينا برسالة أخرى لم نقرأها جيّدا…ألم يكتشف الأطباء أن فقدان حاسة الشمّ دليل على الإصابة بالكوفيد…أظنّ أن بعضنا إن لم نقل أغلبنا مصاب بالكوفيد…فبعضنا افتقد حاسة شمّ رائحة الوطن…رائحة هذه الأرض التي تحتضن جذوره…ألم يحن الوقت أن نستعيد حاسة الشمّ… لنسعد فعلا برائحة الوطن … معا…