بكى الطّفلُ فيَّ اشتياقا إليهِ
وناداني: “لا تُغلقِ البابَ دون !”
و كان ينافسُه النّهرُ ماءً
و تهطلُ كلُّ السّماواتِ في غيمةٍ واحدهْ
… و عاد إلى بيْدرِ القمحِ حيثُ اليماماتُ
يأتينَ بعدَ الشّروقِ … ليلْقطنَ حَبًّا و حُبًّا
و حين يشاكسُهنَّ يُحلّقن غيرَ بعيدٍ
… يُغافلِنه و يَعُدنَ
فيضحكُ يضحكُ يضحكُ … حتّى المساءِ
… و أضحكُ حتّى جنوني
و ذاك الكتابُ القديمُ
يَفُكُّ حروفَه في لهفةٍ…
بين حرفٍ و حرفٍ … يُطيلُ تساؤلَه في سكونِ
و يَرسُمُ أصعبَ ما في الوجودْ
فتى و فتاةً، يدًا في يدٍ …
بدائرتين و بعضِ خطوطٍ
و قلْبٍ حوى الكوْنَ … أَغرقَ فيه جميعَ الفنونِ
و تسألُ أمُّه ضاحكةً:
“أينها الأرضُ ؟ أين السّماءُ ؟
و لستَ إلهًا أتى معجزاتٍ
و لم يكنِ الكونُ غيرَ حدودٍ تحدُّ حدودْ ؟”
يجيبُ:
“سأرسمُ صوتَ الضّبابِ …
يلامسُ شَعرَ السّنابلِ صُبحًا
و رفرفةً و هواءً تماوجَ بين الخوافي و ريشِ الطّيورْ
و دفءَ الأشعّةِ حين تُلامسُ خدّي
و رقصَ الفراشاتِ بين الزّهورْ
سأرسُمُ حُلمي الذي كلًّ ليلٍ …
يخبّئُ سرَّه عندي”
…………..
بكى الطّفلُ و هو يسائلُني:
“أأنتَ أنا ؟ أم سَرقْتَك منّي ؟”
أجبْتُ:”أنا ………… !!!”