هواة السينما عامة وافلام الخيال العلمي خاصّة يتذكّرون جيّدا شخصية “دراكولا” في افلام الرعب كشخصية سادية هوايتها امتصاص دماء البشر …وعلى عكس ما يعتقد البعض فانّ شخصيّة دراكولا ليست شخصيّة من وحي الخيال السينمائي بل هي وُجدت كحقيقة …
بعض المؤرخين يؤكدون انّ برام ستوكر مؤلّف قصّة دراكولا استلهم الشخصية من انسان حقيقي متعطّش للدماء وهو “فلاد الثالث” امير امارة والشيا (جزء من المجر حاليا، حكمها سنة 1431) … ودراكولا في اللغة الرومانية القديمة تعني ابن التنّين او الشيطان وهو الذي نكّل بالعثمانيين واشتهر خاصة بشغفه باراقة الدماء و تعذيب الاسرى قبل قتلهم …وهنا تعود ذاكرتي الى المسلسل التلفزيوني (الحجاج بن يوسف) داركولا عصره والذي تجاوز عدد من قتلهم الـ100 الف في كلّ حروبه …
في حلقة من حلقات المسلسل وبعد ان قام الحجاج بغزو مكة ورميها بالمنجنيق و بعد قتله عبدالله بن الزبير وتعليق جثّته على اسوار الكعبة، حمل في جرابه رأس عبدالله مقطوعا من جثّته الى وليّ امره عبد الملك بن مروان … ما شدّني في المشهد ..نظرات “دراكولا” بن مروان الى رأس خصمه بكلّ سعادة مصّاص الدماء … وربّما كان يُمنّي نفسه بهديّة افضل من الحجاج ..ربّما كان يكون اكثر غبطة وسعادة لو حمل الحجاج الثقفي كوبا من دم ابن الزبير حتى يثمل به على نخب الانتصار عليه …
يااااااااه هذا جزء من تاريخنا العربي الاسلامي الذي لم يسلم في معظم فتراته من مصاصي الدماء …ويكفي ان نراجع كلّ حقباتنا ومنذ بداية ازمة السقيفة بعد موت الرسول الكريم الى يوم الناس هذا لنفهم انّ النزاع على السلطة بالقوّة لا يمكن الا ان يبشّر بدراكولا جديد ..ولئن لم يقتصر امور السلطة ومصاصي الدماء على العرب والمسلمين ولكم في هولاكو وتيمورلنك وستالين وهتلر وبوش الاب والابن وشارون … فانّ ما يحزّ في انفسنا كمسلمين انّ ديننا السمح الجميل امتطاه زورا وبهتانا آلاف مصاصي الدماء …
دعوني اترك قائمة الاغتيالات بين افراد الاسرة الواحدة في تاريخنا العربي والاسلامي قديما وحديثا من اجل الحكم … واعرّج فقط على قائمة علماء الفكر الذين امّا كفّروهم او اغتالوهم ..وهؤلاء فطاحل في العلم ..عيبهم الوحيد انهم اعملوا العقل لا النقل … ابن حيان .. الفارابي ..ابن سينا …الكندي …ابن رشد …ابن الهيثم …ابن الراوندي … الرازي .. ابن المقفّع ..هذا الاخير قطعوا اجزاء من اطرافه واجبروه على اكلها مشويّة .. هل هنالك كلمة ابلغ من بشاعة ..؟؟…
هم يتذرّعون بالدين كحجة لافعالهم الشنيعة ودائما من اجل السلطة . ان لم تكن سلطة الحكم فهي السلطة الفقهية ….وهنا تكون المعضلة … المنطقي والشرعي والانساني ان يسعى الفرد للسلطة … بل لا معنى لمجتمع دون سلطة وهنا اعني الحزم والعدل وحسن التسيير من اجل الصالح العام ..ولكن فصيلة دراكولا لا تفرّق بين السلطة والتسلّط … والانكى انّ هذه الفئة تعتبر نفسها سفراء او قناصل في دولة الإله ….نعم لم يفهموا يوما انّ الرسول الكريم هو آخر الانبياء وان لا سفير ولا قنصل بعده .. ولم يفهموا امام تسلّطهم وطغيانهم انّ نفس الرسول قال فيه الله عزّ وجلّ (وما محمّد الاّ بشر مثلكم) ..
هذه الفئة وفي زمن ما شككت حتى في فهم الرسول وصحابته للقرآن ليفسّروه بل ليحرّفوه كما يشتهون وتشتهي مصالحهم …اعتبروا انفسهم سفراء فوق العادة في فهم القرآن (هنا اعني الخوارج)… البعض من هذه الفصيلة في هذا الزمن الاعرج ليس فقط يبيح الارهاب بل يعتبره امرا إلهيا مستندين في ذلك على تفسير الآيات (واعدّوا لهم ما استعطتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم)…
نعم يعتبرون في كلمة تُرهبون دعوة صريحة وشفافة للارهاب … بل ويفتون للقتل …وينحرون من لا يدخل ملّتهم كنحر الخرفان … البغدادي وجماعته ودواعشه هنا وهنالك … ويغتالون خصومهم في وضح النهار .. بلعيد والابراهمي ..ويذبحون الجنود وهم يتناولون وجبة افطارهم في رمضان … اليسوا هؤلاء هم احفاد دراكولا .. ؟؟…