كلّ نار

دماء في البرلمان … و حاضنة خاصة للعنف !

ما يحدث في البرلمان و خارجه إنما هو تسخين ممنهج لتسميم الأوضاع أكثر، و استغلالها لأجندات …

نشرت

في

النائبة سامية عبو يغمى عليها في غمار معركة القوارير

في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية و اجتماعية و سياسية لم يسبق لها مثيل نتيجة لسياسة الهواة و لنظام هجين جعل السلطة بثلاث رؤوس متضاربة و متخالفة و متناقضة، نتاجها صراعات متتالية مخجلة و اختيارات ارتجالية متواصلة أثقلت كاهل أغلب أفراد الشعب و جعلته يرزح تحت طائلة الفقر و اليأس و الخوف من المستقبل، كل هذا يتزامن مع برلمان بات يمثل عارا على تونس الحديثة، تونس التي كانت سمعتها النيرة تسبقها إلى كل البلدان و المحافل و المناسبات الدولية.

<strong>نجاة ملايكي<strong>

 هذا البرلمان الذي فاقت تطاحناته و تناقضاته و حجم التباغض و الكره المتفشي بين نوابه كل برلمانات العالم، حتى أصبح الإرهاب يعشش داخله و يسعى رواده إلى تصدير العنف للشارع بإعطائهم المثل السيئ و المبرر المتمثل في من “ينوبك يشبهك”. ففي عدم تتبع الكتلة الدموية الممارسة للعنف الجسدي داخل البرلمان، تشريع اللعنف و موقف واضح من رئيس البرلمان العاجز عن التسيير العادل خارج حساباته السياسوية و انتماءاته الإيديولوجية الضيقة التي لن تجد لها مستقبلا في تونس مهما حاولت.

فإلى حدّ الآن اكتفى رئيس البرلمان الذي عاين الدماء التي سالت بين النواب، بفتح تحقيق لينضاف ذلك إلى جملة التحقيقات التي فتحت بعد الثورة و لم تغلق إلى اليوم …. فقد مثل فتح التحقيقات في الحوادث الكبرى التي رافقت حقبة حكم النهضة، مهزلة من المهازل التي نعيشها منذ عشر سنوات رافقتها محاولات دمار ممنهج لكل مقومات الدولة المدنية الحديثة.

بالأمس القريب مارست هذه الكتلة المارقة  و المحمية من المحاسبة، و التي بات من الواضح أنها فعلا الذراع  المتطرفة العنيفة و “الخفية” لحركة النهضة داخل البرلمان، عنفا كبيرا على كتلة الدستوري الحر … و تهجم رئيسها عديد المرات على رئيسة هذا الحزب و نعتها بأبشع النعوت و بصق في وجهها لا لشيء إلا لصلابتها في الدفاع عن رأيها و كشف العديد من الملفات و معارضتها الشرسة  لسياسات ” النهضة ” و لما  تعتبره يحاك ضد الدولة المدنية من دسائس … و اعتصمت هذه الكتلة أيضا و طالبت بالمحاسبة لكن كتلة العنف و الدم ظلت محمية بل و تعطى لها تبريرات و تحول ممارستها للعنف إلى مجرد تبادل له.

 و لم تجد كتلة الدستوري الحر آنذاك تضامنا مسؤولا لوضع حد للعنف الممارس ضدها داخل البرلمان، و كان دفاعها المستميت عن نفسها و عن مواقفها يسوّق على أنه تطاول و اعتداء و تعطيل لأشغال البرلمان … و هو ما يردّده إلى اليوم رئيس البرلمان في تبريره للعنف الممارس من الائتلاف بما شجع كتلة العربدة على التمادي و المضي قدما نحو كتل أخرى و كل من يخالفها الرأي … و أتى الدور على الكتلة الديمقراطية  التي وقف أغلب أعضائها سابقا و للأسف مكتوفي الأيدي أمام العنف الممارس ضد زملائهم لحسابات سياسية بائدة رغم التلاقي في بعض المواقف ذات الطابع المدني الحداثي.

لقد تطاول رئيس كتلة العنف سابقا على قاض و تهجم عليه و نعته بأبشع النعوت و لم يحاسب إلى اليوم،  كما تطاول أمس على رئيس الدولة في رده على تصريحاته الأخيرة عقب استقباله للكتلة الديمقراطية … و باتت صورته دائما لدى الشعب المتابع للحياة السياسية و البرلمانية لا تمثل سوى شخص عنيف متفوّه بعبارات نابية، يتناثر لعابه هنا و هناك على خصومه، و يمسك به أتباعه و يتشبثون بملابسه حتى لا تفلت لكماته … هذه الصورة المقرفة و المقززة لا تهم رئيس البرلمان الذي يسوقها في إطار الاختلافات و الصراعات الأخرى داخل البرلمان، حتى بات هذا المكان مشرعا للعنف عوض أن يكون مشرعا لقوانين تنقذ البلاد و العباد.

لقد أصبح جليّا أن الحملات التي تخوضها كتلة الشرّ، ترمي إلى أجندة انطلقت في 2012 و كان هدفها الأساسي ضرب مكاسب الدولة المدنية و أساسها مكاسب المرأة التونسية التي  تهجم عليها العفاس عضو هذه الكتلة المتشنج على الدوام ـ و الذي أصبح طبيبا بفضل سياسات بورقيبة رحمه الله و خصوصا منها السياسة التعليمية – في جلسة مناقشة ميزانية وزارة  المرأة … و ذلك أمام صمت مطبق للوزيرة  التي عجزت عن الدفاع عن المرأة التونسية إزاء هذه التهجمات العدوانية بحجة “احترام البرلمان” … و هو لعمري موقف مخجل خصوصا و قد نعت هذا الذي يتحدث عن ” دولتنا و دولتهم” و ” أحكام مجلة الأحوال الشخصية و أحكام رب العالمين”  المرأة التونسية بأبشع النعوت  في خرق واضح للدستور، و هي أرفع شأنا و اجتهادا و وطنية و نفعا و خيرا للبلاد منه و من الانتهازيين الذين أتوا لاختلاس خيرات هذه الأرض عملا بالمثل القائل “ياكلو في الغلة ويسبوا في الملة”

لقد بات من الواضح أن ما يحدث في البرلمان و خارجه من اعتصامات مفتوحة و خصوصا منها المصحوبة بأعمال الشغب و العنف إنما هي تسخين ممنهج لتسميم الأوضاع و استغلالها لأجنداتهم ، خصوصا و قد سبق لرئيس حزب الزيتونة أن صرح  علنا قائلا “نعدكم بأزمات كبيرة و سنحول كل جهات البلاد لكامور” لكن تصريحاته و للأسف مرت مرور الكرام و كأنه لم يقل شيئا.

المحاسبة ضرورية حتى لا يتمادى هؤلاء في مخططاتهم المعادية لدولتنا التي بناها مناضلونا بتضحياتهم و دمائهم الزكية فاليوم دماء في البرلمان و غدا رصاص لا قدر الله.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version