الديموقراطية اعزّكم الله كما تعلمون هي ومنذ العهد اليوناني تعني سلطة الشعب اي انّ الشعب هو صاحب السلطة الحقيقية في كل قرار يهمّ البلد الّا انّ بين النظري والتطبيقي هنالك بحار بل محيطات شاسعة …
دعونا نبسّط الامور ونتناولها في محيطنا العائلي …لنفترض انّ هناك قرارا عائليا يتناوله الاب و والأم والابناء بشكل ديموقراطي ..يتحاورون يُدلي كلّ طرف برأيه فاذا بهم مختلفون … يمرّون الى التصويت فينتصر الاب وابناؤه لموقفهم وتنهزم الامّ بالمعنى الديموقراطي للكلمة ويتّفق الجميع مثلا على قضاء الغد وهو موضوع الخلاف بحديقة البلفيدير ليلاعب الاطفال القردة ويزهو الاب تباهيا بكاريزما الاسد في حين انّ الأم كانت تودّ قضاء اليوم في الشوبينغ كسائر صويحباتها …
ينام الاطفال فرحين حالمين بيوم بلفيديري ولا في الاحلام …وتنام الام او هي تتظاهر بالنوم ثم تبدأ خططها الجميلة في الغرفة المظلمة مع ربّ العائلة ..وكيف لربّ عائلة لا يُخضع سلطانه للخطط الجميلة …وتهزمه الزوجة بضربة قاضية تزلزل عرش الديموقراطية والديموقراطيين … يقوم الجميع صباحا ويستعد الاطفال ليومهم البلفيديري الموعود ديمقراطيا … يتنحنح الاب ويبسمل ثمّ يعلن لفلذات كبده بالقرار الجديد …
ابنائي الاعزاء طالعت منذ قليل انباء النشرة الجوية والتي تنبئ بيوم ممطر ورياح عاتية سنُرجئ الجولة البلفيديرية ليوم اخر حرصا منّي انا والسلطانة امّكم على صحتكم … ينظر الاطفال الى بعضهم بعضا ثمّ يتكفّل احدهم بالردّ قائلا …نتفهّم موقفك وموقف امّنا السلطانة وكلّما نرجوه ان نراك يوما ما انت ايضا سلطانا …
تلك هي ديموقراطية الغرف المظلمة وكلّ تشابه لما يقع في ديموقراطية تونسنا هو مقصود وليس من وحي الصدفة كما يقول بعض المؤلفين الجبناء ….