جور نار

رسالة إلى اللعوب 2024… بالله عليك لا تفعليها !

نشرت

في

Peut être une image de texte

بالله عليك لا تفعليها…لا تكوني مثل سابقتك…لا تذبحينا من الوريد إلى الوريد…لا تغرقينا في الأحزان من المحيط إلى الخليج…بالله عليك…لا تخدعينا…فنحن اكتوينا في كل الوطن العربي بسنة أولى وباء، ثم سنة ثانية وباء…ثم جاءت في بعض الدول العربية دون غيرها سنة أولى انتقاما ديمقراطيا وتبعتها على “وحدة ونصّ” شقيقتها الكبرى سنة ثانية انتقاما ديمقراطيا…وقد يتواصل الانتقام الديمقراطي لسنته الثالثة في بعض دول العرب…

<strong>محمد الأطرش<strong>

بالله عليك لا تفعليها…لا تقتلينا مرّة أخرى بعد المرّات التي مرّت…فنحن العرب لم نعش سنوات موت وأحزان وقحط وانتقام كما هذه التي نعيشها منذ أن دقّ الوباء بابنا وفتحنا له أبوابنا…ومنذ أن غازلتنا الأحقاد وراودتنا على بعضنا البعض فأدخلناها منازلنا وقلوبنا وسكنت هناك تنخر أجسادنا العربية، العربية…فزهقت منّا مئات الآلاف من الأرواح وترمّلت آلاف النساء وتيتم عشرات الآلاف من الأطفال… وانهمرت أنهار من الدموع…واختلط الوباء بالغباء لينتج ضياعا وقحطا وتصحرا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا في أغلب بلدان العرب…تصحرا لم نعشه قطّ منذ ولدنا…في صحارينا…ودموعا لم تنزل سابقا من مآقينا…

بالله عليك لا تفعليها…فنحن العرب نعشق الخراب…ونتغزّل بالدمار… ونقيم الأفراح حين يموت بعض إخوتنا…ونتلذّذ بوجع بعض إخوتنا حين يصابون بما يؤلمهم وما يسيل دماءهم…ويؤلم عائلاتهم…ويبكي أطفالهم… أتدري سيدتي الفاتنة اللعوب أننا نحن العرب من المحيط إلى الخليج وما بينهما وفي مفارقة غريبة لم يعرفها تاريخ الإنسانية نسعد حين يحزن ويموت ويتألم بعض إخوتنا…أتدري سيدتي التي أطلّت علينا البارحة تبتسم وتغازلنا وتراودنا بكشف عورتها…أتدري أننا نحن العرب نتنفس حقدا…ونعشق أكل لحم بعضنا البعض…ونصفّق للوجع…ونزغرد للألم…

بالله عليك لا تفعليها…أتدرين يا معذبتي، ان قابيل لم يمت إلى ساعتنا هذه بل يقيم بيننا ويتجوّل من بلاد عربية إلى أخرى…أتدرين سيدتي أن هابيل يموت كل يوم في كل مدننا وقرانا من المحيط إلى الخليج …نعم نحن العرب…أعداء بعضنا البعض…فمن المحيط إلى الخليج يقتل بعضنا البعض…ننتقم من بعضنا البعض… ولبعضنا البعض من بعضنا البعض…نسجن بعضنا البعض…ونقصي بعضنا البعض…أتدرين اننا نسعد حين نقتل…وحين نذبح…وحين نقصي… وحين ننتقم…وحين نشمت…أتدرين سيدتي الفاتنة الآتية من رحم سنوات القحط والفقر والخراب والحقد الدفين…أنه يكفي أن ننظر في المرآة لنعرف من يكون عدونا…فنحن أعداء لأنفسنا …وجميعنا عدو جميعنا…

بالله عليك لا تفعليها… أتدرين يا فاتنة السنوات العجاف أننا ومن حقدنا على بعضنا البعض مات ربع سكان مدينة في شرق ليبيا بسبب طوفان جرف البشر والحجر…ولم يترك إلا ما ثقل من الحجر وهرب من البشر…أتدرين أننا ومن فرط سعادتنا للتخلّص والانتقام من بعض “إخوتنا” مات في غزّة، ويموت كل يوم ما لم يمت في كل حروب العرب منذ 48…أتدرين يا ابنة السنوات العجاف اللعوب أنه لم تخرج رصاصة واحدة من أسلحة العرب… كل العرب…في اتجاه عدو العرب…كل العرب، ثم، أتدرين أن سلاح العرب يكفي غذاء لكل العرب لعقدين من الزمن…

بالله عليك لا تفعليها…يا فاتنة سنوات القحط والبقرات العجاف…هلاّ تقبلين هذا العرض منّي أنا المواطن العربي الموجوع بوجع كل العرب…أقول…لا حاجة لي برطل من السكر…ولا بلتر من الحليب… ولا بلتر من زيت الزيتون…ولا حاجة لي برطل من الطحين في زمن الطحين الفاخر…كما لا حاجة لي بمائة غرام من القهوة…أنا في حاجة فقط إلى رطل…رطل واحد فقط …رطل من الحبّ الصافي الخالي من دسم الحقد توزعينه على كل العرب…وعلى الشعوب العربية…وكل حكام العرب…من المحيط…إلى شطّ وخليج العرب…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version