رسالة شديدة اللهجة لا حقد فيها … إلى رئيس حـــاقد على بعض شعبه !
نشرت
قبل سنتين
في
سيدي الرئيس …
ألم تعِدوا الشعب بأنكم ستنقلونه إلى أجمل وأفضل حال وأنكم ستنسونه كل ما عاشه قبل وصولكم قرطاج؟ قلتم ولم نر شيئا …والواضح أننا لن نرى …
سيدي الرئيسألم تدغدغوا وجدان الشعب بخطاب يقطر “حبّا” ولم نر حبّا بل سقط أغلبنا في جبّ حفره أنصارك واتباعك…سيدي الرئيسألم تعدوا الناس …كل الناس… بأنكم ستعدلون بين الناس… وأنكم لن تظلموا أحدا من الناس… وأنكم جئتم لتوحيد كل الناس…وجمع شتات البلاد وتجميع فرقائها؟ دغدغتم…وبكينا ولم نضحك، لما أتيتموه ولم نسعد به…سيدي الرئيس لا شيء من كل ما وعدتم…وما قلتم…وما صرختم به في خطبكم لمسناه… ولا شيء عشناه …ولا شيء أنسانا ما فات…بل أصبحنا نحنّ للذكريات نحنّ للماضي…وما قبل الماضي…
نعم نحنّ لمن لم يعِدونا كما وعدت…ولم يبشرونا بما بشّرت…نعم لا شيء جديد في حياتنا سيدي، غير انتشار الحقد بين الناس…وانتشار السخط بين الناس…والرغبة الجامحة عند كل الناس في مغادرة هذه البلاد نحو بلاد لا حقد فيها…ولا ظلم فيها…ولا ضغائن فيها…ولا وشاة فيها…ولا تقارير مفبركة فيها…ولا تهم باطلة فيها…ولا شبهات لا شيء منها وفيها…ألا تخاف سيدي الرئيس أن يكرهك هذا الشعب…كل هذا الشعب…ألا تخاف سيدي الرئيس أن يتركك الشعب وحيدا على هذه الأرض الطيبة…؟
سيدي الرئيس…
استمعنا إلى خطابك الأول….قلنا لا بأس…لا يزال الرئيس يعدّ العدّة لتغيير ما بنا وواقعنا…استمعنا إلى خطابك الثاني…فكان نسخة من الأول أكثر تشنجا واكثر صراخا…قلنا لابأس سيكون الخطاب الثالث أجمل وسنسعد بما سيأتي فيه، وسنخرج للاحتفال في الشوارع ونأكل “الكوارع”…جاء الخطاب الثالث فكان أكثر تشنجا…وجاء بالوعيد والتهديد…وأصبح بعضنا خائنا في نظرك…وأصبح نصفنا فاسدا حسب قولك ومن أتاك بقولك…واصبح بعضنا الآخر عميلا في نظرك…ولم نجد الرئيس الذي انتخبناه…ولا الرئيس الذي تمنيناه…ولا الرئيس الذي قطعنا الطريق أمام خصومه من أجل أن نسعد خلال عهدته…
سيدي الرئيس …
لم نسمع يوما في خطبك أملا…ولم نر نورا…ولم نتفاءل خيرا …فهل جئت لتهديدنا … ومعاقبتنا…وتجويعنا…أتعلم أنك لم تخطب يوما فينا عن أوجاعنا ومآسينا…أتعلم أنك لم تذكر يوما كيف ستعالج مشكلاتنا…وكيف ستداوي جراحنا…وكيف ستكون أفضل ممن سبقوك…أتعلم سيدي الرئيس أن كل من سبقوك كانوا أكثر قربا إلينا منك حتى من شتمناه…ومن قلنا فيه ما لم يقله مالك في الخمر…نعم حتى من اسميناه “الطرطور” كان أكثر رحمة بنا منك…رغم حقدنا عليه…ورغم ما أتيناه في حقّه…سيدي الرئيس أتدري أننا نجوع…أي نعم نجوع حقّا…أخَرجْت إلى الناس؟….أقصد الناس الذين لم يصفقوا لك يوما…الناس الذين لم يقتربوا منك يوما…الناس الذين لا يهمهم خطابك…ولا يهمهم حقدك على خصومك…ولا تهمهم رغبتك الجامحة في حكم البلاد سلطانا…ملكا…أميرا…أخرجت يوما تسأل عن حالهم وأحوالهم…أليسوا من رعيتك أم أنك اكتفيت بمن صفقوا لك…ومن نادوا باسمك…ومن قادوا تنسيقيات انتخابك…أنسيت أنك انتخبت رئيسا لكل الشعب…
قل لي سيدي الرئيس هل تحبّ شعبك حقّا…أقصد كل شعبك…أنسيت أنك رئيس كل الناس…وكل الأحزاب …وكل المنظمات…نعم كلهم…حتى من يكرهونك…حتى من يغلقون تلفازهم حين يرونك تخطب…حتى من يغيّرون القناة حين تتحدث للشعب…أتدري أنك رئيس النهضة أيضا…النهضة التي تكرهها ولا تريد بها خيرا…أتدري أنك أيضا رئيس الدساترة… كل الدساترة، أولئك الذين تحقد على تاريخهم وعليهم، لأنهم وحدهم كتبوا تاريخا مشرّفا للبلاد والعباد، فهل ثمة من كتب التاريخ ببعض شعبه فقط؟ التاريخ يكتبه الشعب وقائده…وليس فقط بعض الشعب وزعيمه…أتعلم أنك أيضا رئيس اتحاد الشغل الذي لم يقبل مناشدتك ولم يرضخ لمشيئتك…ألم تمنع من ناشدوا بن علي رحمه الله ليكونوا في تركيبة هيئتك الخاصة للانتخابات؟ ألم تسأل نفسك ماذا تريد من رعيتك…أليست مناشدة…أليست مبايعة ما تريد منّا ومن أتباعك ومن أنصارك…فكيف تمنع من ناشدوا بن علي وتقصيهم…وتفاخر بمن يناشدك ويبايعك…
سيدي الرئيس…
هل فكّرت في الشباب الذين أغرقتهم وعودا…ألا تعلم أنهم يتطلعون لنسيان ماض أوجعهم…أذلهم…جوّعهم…أرهقهم…أحبطهم…أتدري أنهم يتطلعون لمستقبل أجمل بما وعدتهم…وبما استملتهم وبما استقطبتهم…ألم يقاسمك بعضهم سجائر “الكريستال” وبعض الخبز المحشو برقائق التن والسردين وجابوا معك البلاد…وخدعوا العباد من أجلك…فماذا فعلت بهم…وبالعباد؟
سيدي الرئيس …
أعرف أنك قرأت الكثير من الرسائل التي مدحتك…والرسائل التي انتقدتك…والرسائل التي نصحتك…والرسائل التي لامتك…وأعرف أيضا أنهم أخفوا عنك الكثير من الرسائل التي تريد بك وبالبلاد خيرا…تلك التي كهذه الرسالة تقول لك أخطأت…لأنك اسأت الظنّ بشعبك أو بأغلب شعبك…تلك التي تقول لك فشلت ولم تنجح في انجاز وعد واحد مما وعدت…تلك التي تقول لك ما الذي يضمن أنك ستبقى إلى نهاية عهدتك لتنجز ما وعدت ونحن الذين ننتظر ما وعدت…ما الذي يضمن ان ظروف البلاد ستكون أجمل وأنت تحكم…ما الذي يضمن أنك لن تخرج من قصر قرطاج لتصبح غدا معارضا او لاجئا، فقط لأنك فشلت واخطأت في حقّ شعب نسي انتماءاته وأحزابه وخلافاته وأحقاده وانتخبك …نسي من يكون وانتخبك…لم نخسر كل هذا الوقت فقط لأن البعض ملأ صدورنا حقدا على بعضنا البعض…ألا يمكن أن نكون معا…في وطن واحد…من أجل هدف واحد …ألسنا من بلد واحد…ألسنا من شعب واحد…ألا يمكن أن نختلف في الانتماء…ولا نختلف في الأهداف…أليست أهدافنا واحدة…العيش الكريم في وطن واحد…
سيدي الرئيس…
بحثت من خلال كل ما فعلت عن توسيع صلاحياتك…وضيقت من صلاحيات شعبك…بأن جعلت ممن لم يبايعك ولم يناشدك عدوا وخصما وجب ابعاده…وإصدار بطاقة إيداع فيه…سيدي الرئيس، بعض شعبك يجوع وأنت لا تعلم…لأنك بالعرش تحلم…ولأنهم خدعوك…وحوّلوا وجهتك نحو أهدافهم التي لن يحققوها دون أن يخدعوك…سيدي الرئيس…وانا مار من أحد الشوارع الضيقة في وطن أصبح يضيق على شعبه وبشعبه يوما بعد يوم، اعترضتني ثلاث جثث لقطط نحيفة ماتت جوعا…دفنتها لأني انسان…أتعلم سيدي ان الوطن الذي تموت قطط الشوارع فيه…يجوع الشعب فيه…فالقطط تقتات من مزابل الشعب…والشعب حين يجوع لا يترك قمامة تأكل بقاياها القطط…ألا تعلم…أم لم يعلموك؟ اليوم علمت…فأفعل بما علمت وتعلمت…