جمر نار

رضا عزيز: صراع الغرقى

نشرت

في

بعض الوضعيات تتطلّب الهدوء والسكينة والحكمة للخروج من المأزق لأن كثرة التحرّك والتخبّط لا تزيد الوضع إلا تعقيدا وتجعل النجاة أمرا مستحيلا والخوف كل الخوف أن يتحوّل صراع الرئيس مع رئيس الحكومة إلى صراع غرقى نخسر من وراءه المكاسب القليلة التي جنيناها بعد الثورة.

<strong>رضا عزيز<strong>

الرئيسان غارقان هذا لا يشك فيه عاقلان وكلاهما يبحث عن مخرج دستوري للوضعية … ولو بحثا عن مخرج أخلاقي للأزمة لوجداه بالرجوع إلى رأي بعض الحكماء من خارج محيطيهما المساهمين بامتياز في تعفّن الوضع. فرئيس الحكومة غارق في أزمات عديدة اقتصادية واجتماعية أوقفت شرايين البلاد وجعلت منها جثّة أو تكاد ورئيس الدولة غارق في عالم من الشعارات التي لم تزد الطين إلا بلّة وفي بعض الحالات كانت السبب الرئيسي في تعكّر الأجواء

بل فرضت علينا هذه الشعارات حقيقة أخرى وهي أن النزاهة ونظافة اليد لا تكفيان لتسيير دواليب الدولة بل يبقيان في حاجة ‘لى الحكمة وبعد النظر والصبر عند المصاعب. والخطير في هذه الوضعية أنها قسمت الشعب شطرين مع هذا وضدّ ذاك ونسي الأهم و الذي ينبئ بضياع كل شيء. الشعب يتناسى أن الدولة مهدّدة بالإفلاس في غياب العمل والإنتاج الذي أصبح آخر ما يفكّر فيه المواطن التونسي.

الصراع السياسي غير البريء عن غير قصد أو بفعل فاعل لن يدفع ثمنه الرئيسان قيس والمشيشي بل سيدفع ثمنه الشعب بأجياله المتعاقبة فنحن ومن سيأتي بعدنا حتّى من لم يولد بعد مدين للمؤسّسات البنكية العالمية وللدول المانحة ولمن نطلق عليهم تسمية الأشقّاء والأصدقاء.

ورغم ذلك هناك من ينادي بتحكيم الشارع وينسى أو يتناسى أن تحكيم الشارع قد يؤدي لا قدّر الله إلى صدام شعبي حتى لا أقول حرب أهلية … فمن يقف وراء الخروج إلى الشارع وتحكيم الشارع؟ خاصة إذا عرفنا أن من يحكموننا اليوم أتى بهم الشارع عن طريق انتخابات حرة مستقلّة وضعت شروطها نخبنا السياسية فمن هم المطالبون بتحكيم الشارع وخروج المواطنين مطالبين ومندّدين ومحتجّين؟ لا تذهب بعيدا صديقي فهم الخاسرون في الانتخابات والباحثون عن تموقع جديد بعد أن لفظتهم السلطة. الدولة في مهب الريح ولا وتد يشدّها لتستقرّ.

اتقوا الله في شعب ائتمنكم على مصيره وسلّم لكم رقبته ولن تصلوا إلى إسعاد هذا الشعب الطيّب بالخطب الرنّانة والتعنّت والمغامرات غير محسوبة العواقب. عودوا رشدكم فالطوفان لا يستثني أحدا حتى من يسكنون القصور المشيّدة.

 

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version