جرت العادة انه ما ان يبدا العد التنازلي لحلول شهر رمضان حتى يشمر كل من موقعه على سواعد الاعداد لاستقباله في افضل حال ممكنة. فلربات البيوت طقوسهن ولرؤوس العائلات حساباتهم وللحكومة ـ ان وجدت ـ تحدياتها، وللعرضيين في الانشطة التجارية مناسبة للتكسب الاضافي واغتنام فرصة تهافت الشهوانيين بالحلال وبالغش وكل واخلاقه .
وثمة قوم من صنف اخر ياخذ من سلوك هذا وذاك ويستعد للميسرة بما يحمله في جعبته من افكار ومشاريع وخدع مما الفنا استهلاكه في رمضان ورمضان فقط . صنف من المستفيدين ممن يمكن ان نصفهم بالمحتكرين للمشهد السمعي البصري طيلة الشهر و الذين لا يسمحون لاي دخيل مهما كانت قدراته ومؤهلاته باختراق الحصون المحيطة بالوليمة السنوية . أما الاطباق فلا تختلف كثيرا عن الاكلات فالشربة عندهم كاميرا كاشي والبريكة مسلسل فكاهي والصحن الدسم مسلسل السهرة و اما الديسير فسهرات ومنوعات وقهقهات وتصفية حسابات .
هذا تقريبا ما الفناه وما يستعد له المنتجون وهذا تحديدا ما يدفعني الى التعبير عن خشيتي وتخوفاتي واحترازاتي . فالبريكة اي الكاميرا كاشي التي اصبحنا نستهلكها بالاكراه وكانها قدر محتوم مثلت وللاسف الشديد ودون احتراز او استثناء كارثة الكوارث ومصيبة المصائب لان مبتكريها او مفبركيها لا يختلفون عن بعض حاملي العاهات النفسية .
انظروا الى الخدع التي تقوم على فكرة ازعاج الضحية او توريطه في وضعية رعب او الزج به لقول او فعل شيء لا يرتضيه لعدوه وكل دلك بدعوى اضحاك الناس ….افكار من نوع ايهام الضحية بانه يمتطي طائرة ايلة للسقوط او يزلزلون الارض تحت اقدامه ليشروه ان ساعة الفناء قد حانت او يحتجزونه في مصعد الموت ويزايدون على الفتك باعصابه ….نعم يسمون هدا نوعا من انواع الضمار وشكلا من اشكال الترفيه على المشاهدين.
و اما السلسلات الفكاهية فحدث ولا حرج حيث تكلف الضحك والتركيز على مواقف عفا عليها الزمن والمستخرجة من النكت المستهلكة او الاستغلال السخيف للشخصيات ذات البلاهة العالية في حوارات لا تنم عن ذكاء من وضعوها بل عن طبع عدواني في نفوسهم يبلغ بهم حد التركيز على العاهات بانواعها وتوظيفها في ابداعهم الركيك.
لكن ما يفيض الكاس حقا فنجده في المسلسلات الرئيسية حيث تجد الكاتب والمخرج والممثلين من نفس قبيلة المنتج اي القناة ويعملون جميعا بمنطق “لا تخرج الصدقة الا بعد ما يتززاو امّالي القناة” . نفس الوجوه من كرونيكورات ومؤثثي فقرات ومقدمة النشرة الجوية وسائق المدير وكاتبته والبعض ممن لا يتركون فرصة لابداء اعجابهم وانبهارهم بباعث القناة .
اما المضمون و هذا ما يهمنا اكثر فانه يدعوك للتساؤل هل هذه هي بلادنا حقا ؟؟ هل توجد في تونس عصابات مدججة بالسلاح لها مخابئ وسيارات رباعية الدفع وسيدات تدير فرق القتل والتعذيب والاحتجاز وتلعب بالمليارات وووووو. اعمال لا تعرف لها راسا ولا تنتهي ابدا فما ان ينتهي المسلسل حتى تبدا الحملات بالدعوة الى توليده بزعم ان العمل حقق نجاحا لا قبله ولا بعده . و في ما يخص السهرات فلا تحتاج الى تفصيل كثير فهي تقوم على قاعدتين الاولى شاكر نفسه يقرئكم السلام والثانية لا يدخل علينا من لا يمتدحنا ويشكر فضلنا عليه.
هذه الحالات وغيرها مما تضيق المساحة بتعداده تجعلني وتجعل الكثيرين مثلي لا يملكون وهم يسمعون عن استعدادات القنوات للبرمجة الرمضانية غير القول….ربنا لا نسالك رد القضاء بل اللطف فيه.