جلـ ... منار

محمد حسنين هيكل: روح جديدة في السينما المصرية *

نشرت

في

أريد أن أسجل أن هناك طلائع روح جديدة في السينما المصرية!

لست من هواة الأفلام.. ولا أنا ناقد سينمائي.. وإنما أحسست بهذه الروح الجديدة وأنا أشاهد فيلما مصريا لأول مرة منذ سنوات!

والفيلم المصري الذي رأيته هذا الأسبوع هو: صراع في الميناء!

<strong>محمد حسنين هيكل<strong>

ولقد رأيت فاتن حمامة بعد أن كبرت.. فإن آخر مرة رأيت فاتن على الشاشة كانت عندما ظهرت مع محمد عبد الوهاب طفلة في فيلمه القديم: دموع الحب.. منذ ما يقارب خمسة عشر عاما!

ولقد دخلت الفيلم مصادفة.. وخرجت منه وفي عزمي ألا أنكر الشهادة.. وأن أقول كلمة حق..

وأنا لم أر فاتن حمامة شخصيا في حياتي..

وكذلك لم أر زوجها.. وبطل فيلمها.. عمر_الشريف.

بل إن رأيي في عمر الشريف من مجرد رؤية صورته في الصحف لا يرضيه كثيرا.. ولو كان لي أمر عليه لأخذته من يده إلى أقرب حلاق وطلبت منه أن يحلق له شوشته التي ينكشها على مقدمة رأسه.. فتوة وشبابا!

وكذلك لا أعرف كاتب القصة أو واضع السيناريو أو مخرج الفيلم..

ولكن الحق أني خرجت معجبا بكل هؤلاء.. بفاتن حمامة التي أدت دورها ممثلة رائعة.. وبعمر الشريف برغم شوشته المنكوشة على رأسه. وبكاتب القصة وواضع السيناريو.. وقبل هؤلاء جميعا.. بمخرج الفيلم.

لم يكن الفيلم كما تعودنا أن نرى دائما قصة بنت الباشا الهاربة مع سائق سيارته..!

ولم يكن الفيلم رقص بطن.

ولم تكن فيه أغان تحشر بين المشاهد والسلام!

إنما كان الفيلم قطعة من صميم الحياة.. قطعة فيها فكرة.. ولها روح. ووراءها هدف..

ولقد خرجت من الفيلم وأنا مؤمن أن الدولة يجيب أن تغير سياستها تجاه السينما المصرية.. ما دامت السينما المصرية قد بدأت تغير اتجاهها أيضا!

لقد كنت حزينا لمأساة السينما المصرية. وأنا أكره أن تضمحل السينما المصرية كفن.. وكصناعة!

ولقد سمعت واحدا من السينمائيين هذا الأسبوع يقول لي:

لماذا لا تعطينا الهيئات الرسمية من التسهيلات ما تعطي من تسهيلات لمخرجي السينما الأجانب الذين يصنعون أفلاما في مصر؟

تصور مثلا مدى التسهيلات التي أخذها هوارد هوكس وهو يخرج قصة بناء الهرم. تصور هذا وتصور بعده تجربة وقعت لي..

كنا نريد تصوير مدخل محكمة مصر في فيلم من الأفلام.. وتقدمنا بطلب إلى رئيس المحكمة..

وبعد أيام أحال رئيس المحكمة الطلب إلى وكيل وزارة العدل..

وبعد أيام أحال وكيل وزارة العدل الطلب إلى وكيل وزارة الداخلية..

وبعد أيام أحال وكيل وزارة الداخلية الطلب إلى إدارة المباحث العامة..

وبعد أيام أحالت إدارة المباحث العامة الطلب إلى وزارة الإرشاد..

ورأت وزارة الإرشاد أن الأمر من اختصاص وزارة العدل ما دام الغرض هو تصوير واجهة المحكمة.

وهكذا أحالت وزارة الإرشاد الطلب إلى وكيل وزارة العدل..

وبعد أيام أحال وكيل وزارة العدل إلى رئيس المحكمة..

وبعد أيام أشر رئيس المحكمة على الطلب بالرفض..!

غير معقول!

“إن طلائع الروح الجديدة في السينما المصرية.. تستحق التشجيع..

دعونا لا نضيع الوقت.. ولا نترك الفرصة للإهمال!”..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هذا المقال نشر في مجلة آخر ساعة، بتاريخ 11 ـ 2 ـ 1956

—فيما بعد تعرف الأستاذ بالفنانة فاتن حمامة، وبالمخرج يوسف شاهين..

فيلم: صراع في الميناء، قصة واخراج: يوسف شاهين، سيناريو: محمد رفعت

فيلم: دموع الحب: مقتبس من رواية “ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون” للكاتب الفرنسي ألفونس كار و قام بتعريبهامصطفى لطفي المنفلوطي، بطولة: محمد عبد الوهاب و نجاة علي، اخراج: محمد كريم..

الصورة تجمع الأستاذ هيكل مع فاتن حمامة وزوجها الدكتور محمد عبد الوهاب، بمزرعة هيكل في برقاش – خريف 2007

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version