الخميس الماضي كان يوما مؤلما لي حيث تركت ابني طريح الفراش بمستشفى شارل نيكول..ولم اقو على الكتابة ومواصلة الرحلة مع ابناء “بي منور” لذا اطلب منكم المعذرة والعفو…
قلنا….اختلفت مدارسهم الموسيقية وانتماءاتهم الفنية الا انه جمعهم عشق الموشحات التي جادت بها قريحة استاذهم منور زروق… كل نجوم الباجية مروا بجمعية النغم باستثناء المطربة زهيرة سالم …فهي من مواليد 1940 و قد عشقت الغناء من الافراح التي كانت تقام بين الاهل والاحباب..الاغاني الشعبية او قل الفلكلور التونسي بالاعراس و الزردة للاوياء الصالحين كزردة سيدي بوتفاحة وسيدي البشير..وسيدي بن عيسى…
زهيرة لم تلتق بي منور ابدا.. سافرت الى تونس قبل مجيئه للتدريس بباجة، كما اعلمنا رئيس الجمعية حاليا الهاشمي الفرحاني قائلا “زهرة” (و هو اسمها الحقيقي) لم تزر مقر الجمعية رغم معرفتها الجيدة بامكانياتنا الموسيقية…كانت مغرورة رحمها الله…حتى الحفلات التي قدمتها بالمهرجان كانت صحبة مجموعة من تونس..هنا ينتهي حديث الهاشمي…و كل ما اعرفه عن زهرة منذ كنت صغيرا ان امي كانت تأخذني معها الى منزل جارنا خالي عمر… أرى مجموعة من النسوة يضحكن ويتهامسن ويشربن الشاي ..ضجيجهن يملأ البيت فتقول لي امي:” ايجا بوس طاطاك زهرة” ..
لم اكن اعلم بانهما بنات خالات…حتى جاء اليوم الذي ارسلتني فيه جريدة الأخبار لإجراء حوار مع المطربة زهيرة سالم بمنزلها الكائن بالمنزه السادس …وحين وطئت قدماي بهو منزلها ورأتني صعقت و ضربت وجهها قائلة: “ولد هنونة ! اش تعمل هنا؟” قلت لها بان الجريدة كلفتني بإجراء حديث صحفي معك …ابتسمت وكان في ابتسامتها امتعاض…كانت تفضل الحوار مع رئيس التحرير !
المهم..بعد الترحيب الاصطناعي…وشرب القهوة…بدأنا في حوار شحيح جدا باستثناء بعض المعلومات حول بداياتها مع الرشيدية … قالت: انا اعتبر نفسي فنانة مجاهدة كرست حياتي للموسيقى و سرت في طريق كله اشواك حتى حققت هدفي بالصبر والثبات …و استرسلت: بعد ان غادرت مدينتي دخلت للرشيدية حيث صقلت موهبتي وتعلمت فن الإلقاء ومخارج الحروف ودراسة الموازين واداء الموشحات والمقامات و الطبوع …
وعمّن وقفوا بجانبها في بداية الانتشار قالت… اول من ساعدني هو عبد الحميد السلايتي رئيس قسم الموسيقى بالاذاعة التونسية….فقد فتح لي ابواب الشهرة عند المستمعين بعد ان اصدرت شريطي الاول سنة 1960 … كذلك الفنان سيد شطة الذي ساعدني ماديا ومعنويا وفنيا…كما وجدت الدعم من شعراء أمثال منور صمادح واحمد خيرالدين وعبد المجيد بن جدو ومصطفى خريف..و ملحنين كصالح المهدي…محمد التريكي…الشاذلي انور ….محمد رضا…وعبد المجيد بن علجية…( زوجها الاول و ابو ابنتها البكر) … و تضيف:كما اني مدينة لمهدي الاول الاذاعة الوطنية التي جمعتني بالمطربات نعمة وعلية وسلاف…
وعن شهرتها قالت…كنت اول من غنت الفلكلور التونسي بعد تهذيبه من قبل الشاعر رضا الخويني والحان عبد الحميد ساسي….فجاءت اغاني ” العشاقة” …” باطل يا حمة باطل” …” اعطيني شريبة لله ” … وبعدها ولدت اغاني “امي يا امي” ..وانت حبيب العمر….ويامة سامحيني….الحان الهادي الجويني…
غنت لمدينتها باجة….”باجة بلاد المندرة والصابة “..الحان الشاذلي انور…. كما سافرت الى الى فرنسا والجزائر والمغرب وليبيا و مصر التي سجلت بها اغنية “يا بو الشعر العنابي” الحان خالد الامير…وتوطدت علاقتها ببعض المطربات كسميرة توفيق…وصباح…وسعاد محمد…