في آخر دورة لمهرجان صفاقس الدولي بسيدي منصور دُعيت لحضور ندوته الصحفية قبل انطلاقه ..واشرف عليها انذاك السيد فاخر الفخفاخ والي صفاقس ..والذي وبعد مغادرته لمنصبه هذا مازالت صفاقس تردّد اغنية نعمة (ما عندي والي) …
اعود لتلك الندوة وتداول العديد من زملاء مهنة المتاعب على طرح الاسئلة الخاصة بالمهرجان في قديمه وحديثه … وطلبت الكلمة والقيت سؤالا بدا للعديد ومن ضمنهم الوالي غريبا بل ربما خارج عن الموضوع في ظاهره، وبالنسبة لي في باطنه وفي تقديري المتواضع اعتبرته وما زلت اعتبره في كلّ ما يحدث ومنذ عهود في صفاقس هو السؤال المفصلي … تنحنحت وسألت متوجّها بحديثي الى والي الجهة .. “السيّد الوالي بعد الترحيب بك على راس الولاية هل تعتقد انّ صفاقس حقّا تنتمي الى الجمهوية التونسيّة ؟؟” وسكت هذه المرة عبدالكريم شهريار عن الكلام المباح ..
السيّد الوالي لم يندهش من سؤالي لاننا نعرف بعضنا بعضا .. وجاء ردّه كاغلب المسؤولين السياسيين وربّما باكثر لباقة قائلا .. لا يخفى على الجميع ما تعانيه صفاقس ومنذ سنوات من تهميش وحقرة وظلم ..ولكن انا متفائل ومعا جميعا سنعمل من اجل التغيير …وحلّ المهرجان بايجابياته وسلبياته ورحل ..وحلّت الكورونا ورحلت وحلّ مسؤولون ورحلوا وبقيت دار لقمان الصفاقسية على حالها … وفي كلّ مرة ويخلف عليها ماحدة الرومي نغنّي بكلّ الم وحسرة _ واعود اعود اعود ولا شيء معي الا كلمات ..
واذا كانت ماجدة الرومي ختمتها بكلمات ليست كالكلمات فانّنا في مدينتنا المنكوبة نعود دائما بكلمات هي نفس الكلمات …وعود وعود وعود …والفعل يجيبو ربّي …هل ينفع ان اذكّر بمشاريع من نوع المترو وتبرورة والمدينة الرياضية…؟؟… هنيئا لاولئك المسؤولين .. يضحكون على ذقوننا ونحن وبكلّ بلاهة نصدّقهم ونواصل اعمالنا بجدّية ويتبوّأ ابناؤنا نتائج الباكالوريا منذ 54 سنة (اكهو بهايم خدمة !) هكذا يقولون عنّا، وكأنّ العمل والجدّية والمساهمة في اقتصاد تونس والكمّ الهائل من مساهمة الصفاقسية في الجباية، اصبحت من سيئاتنا …
امّا اذا تكلّمنا وطالبنا بالعدالة فحدّثوا ولا حرج وتنطلق سهام التافهين والعابثين والخبثاء بوصمنا بالجهوية …والان ايها الجهابذة في التحليل والوصم هذا محدثكم المواطن البسيط يقول لكم “انا جهويّ وافتخر” … الم اقل آلاف المرّات انّ علم الاجتماع يقول انّ الاشباع الوطني لا يتمّ الا بالاشباع الجهوي …اعرف انكم تعرفونها اكثر منّي ولكنّكم تريدون ان تستمعوا فقط لما تريدون الاستماع اليه ..وانا لست هنا لارضائكم ..انا هنا وبعد آخر نكبة ولا اظنها الاخيرة والمتمثلة في تسونامي هجمة اخوتنا من جنوب الصحراء، جئت واحمل بين يديّ علمي المفدّى وبي آلاف الاسئلة التي تعصر مُخيّخي لعلّ اوّلها لماذا صفاقس بالذات ؟؟
البعض يحكي عن سهولة الحرقة من شواطئ صفاقس ولا اظنها اكثر سهولة وقربا من قليبية بعيد الشرّ على اخوتنا في قليبية …والسؤال الاكثر احراجا كيف تجاوز هؤلاء الحدود التونسيّة غربا وجنوبا ؟؟ الاخوة الافارقة من جنوب الصحراء كانت قبلتهم وكعبتهم صفاقس …فهاهم يواصلون الحجّ اليها …ولانّ من طقوس الحجّ رجم الشيطان فانّي كجهوي يدافع عن مدينته اطالب برجم شيطان هذه الكارثة …وليعلم اولئك الصامتون وبعبارة افضل (المتخرمدون) في هذه الدراما انّ العطب والخطر ان حصل .. سيمسّ حتما تونس حتّى ولو مازال البعض يصرّ ون على انّ صفاقس انتماء موجودة فقط على الخريطة…
ما تبقّى فانّ الصفاقسية قادرون على حلّ مشاكلهم بكلّ الوانها …هذه الطائفة هي ليست فقط خارج الجغرافيا بل هي ايضا خارج التاريخ …لهؤلاء اسأل هل عرفتم يوما من يكونون هؤلاء الصفاقسية ..؟؟.. ها انا اقولها شعرا للمرّة الالف .. { بيض صنائعنا .. سود مواقعنا .. خضر مرابعنا .. حمر مواضينا ..} …
هكذا هو تاريخنا وهكذا سيكون حاضرنا ومستقبلنا …زيدوا استبلهونا …