جور نار

سالم حمزة: الأغاني القديمة: نسخوها فمسخوها..

نشرت

في

لما يتقدم بك العمر تشعر أن لصورك القديمة قيمة كبيرة و لو كانت بالأسود و الأبيض.. و لو كان فيها سروالك فضفاضا أو قميصك مرقعا.. لأن نكهة الصورة لما تكون دون روتوش.. فهي تؤرّخ لزمن غير زمننا..

<strong>سالم حمزة<strong>

هكذا هي أفلام الأسود و الأبيض التي يظهر فيها محمد عبد الوهاب يغني بكوستيم يبدو لجيل اليوم غير متجانس مع الموضة.. أو عبد الحليم و قد مشط شعره لليمين دون فريزاج و لا جال.. أو فريد شوقي و هو يلكم الهواء أمام خصمه، إذا بالرجل يتشقلب إلى الخلف مثل بهلوان السيرك، و تنهار معه الكراسي و الطاولات و الرفوف كأن إعصارا عتيّا هوى عليها … و لكن النكهة في تلك الجزئيات و إن بدت غريبة للبعض..

و هكذا هي الأغاني: لما تستمع لأم كلثوم أو صالح عبد الحي أو ابراهيم حمودة زمن الاسطوانة و الصوت هابط طالع و كأن الديسك مجروح.. أو عندما يغني عبد الوهاب و يسهو عن نصب الفعل فيقول (ما أقصر العمر حتى نُضيعُه في النضال.. بدل أن نضيعٓه..) أو عبد الحليم و قد نسي كلمات أغنية (يا مولعين بالسهر.. هنا يغني العندليب..) التي كتبها عبد المجيد بن جدو و غناها أمام المجاهد الأكبر عام 1969 و بقي يردد نفس المقطع حتى تفطنت له الفرقة و أنقذته.. أو علي الرياحي في (مازلت ندهدص في حبك..)

لما تسمع مثل هذه و هؤلاء تستمتع لأنك تعيش مع الأصل موش مع النسخة.. لكن يبدو أن طفرة الإذاعات الخاصة التي غزت البلاد تسير بنا عكس ما سبق.. فقد وقع تغييب الأصل.. ليأخذ مكانه أشباه فنانين شعارهم التمعش من عرق و أتعاب الغير.. يسطون على الجاهز يجمّرونه.. يسخنونه.. و يسجلونه بأسمائهم.. قالك هذا إعادة توزيع.. فإذا بجورج وسوف يرث وردة و أم كلثوم .. و آمنة فاخر تقتات من أم كلثوم و عبد الحليم و نعيمة سميح.. و أيمن لسيق يسطو على كل قديم..

فلم نعد نسمع لا الهادي القلال لا محمد الجموسي لا علية.. و لو سألت أحدهم عن عز الدين إيدير أو محمد العش لقال لك: هذا كوارجي و لاخر مزاودي..

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version