الثورة عموما هي إنهاء لمرحلة اتسمت بالظلم.. بالغبن.. بالفقر.. بالكبت.. و تأسيس لحقبة جديدة -منطقيا- تتنافى ما سبقها من عذابات.. لكن قد تسقط أي ثورة في أيدي أناس لا يؤمنون بضرورة أن يكون القادم أحسن.. فيتلقفونها لمآرب خاصة: لهم أولا ثم لعائلاتهم الحزبية.. و أما الوطن فأمره ببد رب العالمين..
لكن رغم هذا تبقى الثورة ثورة.. ثورة سواء قام بها الشعب بصفة تلقائية أو خططت لها دول أخرى.. سواء أطلق شرارتها الأولى محمد البوعزيزي (اللي اسمو في مضمون الولادة طارق موش محمد..) أو الاتحاد العام التونسي للشغل.. و الثورة في المطلق تفتح أبواب الحريات: فتفكر بحرية و تعبر بحرية و تنتخب بحرية.. لتبقى الثورة براء من هؤلاء العاجزين عن التفكير و التعبير و حسن الاختيار عند الانتخاب..!!
فما ذنبها إذا باع أولئك أصواتهم بأبخس الأثمان فولوا علينا إلي يسوى ولي ما يسواش..!! هذا المهرب و ذاك المتهرب الموجودان بمجلس النواب ليسنا القوانين لي و لك: لم يأتيا من كوكب آخر.. و الذين انتخبوهما هم أنا و أنت.. و الذين سرقوا و كسروا و عرقلوا و دمروا هم بنو وطني و وطنك..
لكن المؤكد أن الثورة لم تشرع يوما للفساد و الإفساد.. الثورة وهبتنا الحرية لكن بعضنا لم يستثمروا اللحظة.. لم يصرفوا الثورة تصريفا صحيحا.. كسلاح مددته لعاقل فحرس به نفسه و عائلته و اصطاد به الغزال و الحجل و الحمام.. و أعطيته لغيره فارتكب به الجرائم.. في الحالتين كان السلاح هو نفسه.. وهو بريء مما تفعلون..
كذلك الثورة: أسمعها تتبرأ مما أوصلنا له البعض من بني جلدتنا.. فالأمر بأيدينا: نحن نوجه الثورة نحو مستقبل أحسن و نحن نحيد بها نحو المجهول أو نحو ديكتاتورية جديدة..