لم يكن هدف روسيا أن تقوم باحتلال العاصمة الاوكرانية، و لو كان ذلك من ضمن غاياتها الأساسية. لحشدت له القوة الكفيلة باكتساحها في يوم أو يومين على الاكثر.
ان الهدف من العملية العسكرية الروسية يبقى إتناء اوكرانيا (و لو بقوة السلاح) عن الانضمام الى حلف الناتو و وضع نفسها كموطىء قدم للغرب و الولايات المتحدة كقاعدة حصار عسكري ضد روسيا على غرار الدول الاخرى الواقعة على حدودها مثل رومانيا و بولونيا و ليتوانيا .. و يتجسد البرنامج الروسي قبل كل شيء، في ضرب حصار على أوكرانيا و تدمير ما اختزنه الحلف الأطلسي باراضيها من معدات عسكرية و مخابر بيولوجية موجهة بالأساس ضد روسيا و بلاروسيا، والتحضير الفعلي لحرب هادئة أو نووية أو بيولوجية معها ..
وهذا ما دعا الروس لوضع اولوية الدفاع عن وطنهم و استباق الخطر المنظور الذي تخطط له القوى المعادية و الذي يبدأ باستنزاف الاقتصاد و الحصار الخانق قبل أية مواجهة عسكرية … وهذا ايضا ما دفع بالاطراف الغربية (الناتو) إلى مضاعفة تسليح الجيش الاوكراني، و مساعدته بالاموال الجرارة من كل حدب و صوب و دون حساب أملا في توسيع رقعة الحرب واطالتها لانهاك القدرة العسكرية الروسية و اختبار مدى كفاءتها ميدانيا … و ايضا التجسس على تطور الأسلحة الروسية، و ذلك على يد جيش من أعوان المخابرات المتعددة الجنسية ومن مرتزقة و ضباط يتولون تدريب الجنود الاوكرانيين.
لا يهم الغرب و الولايات المتحدة الامريكية تدمير اكورانيا أو تكدس جثث جنودها، قدر ما يهمهم ضمان بقاء منصاتهم العسكرية والجزء الأكبر من مخططها في حالة نشوب حرب ثالثة و ايضا نشوب نزاع حدود مع احدى دول الناتو بشرق أوروبا …
لقد تبين بكل وضوح ان لعبة احتلال العاصمة الاوكرانية لا تعدو ان تكون خطة تكتيكية عسكرية لا تتجاوز ما تم تحديده لها … ذلك ان الهدف الثاني و المهم ايضا والمترابط مع حرص بوتين على ضمان حماية حدود بلده، هو فرض شلل كامل على شرق اوكرانيا والاعتراف بالمقاطعات القريبة من روسيا و تدمير كل ما حشدته اوكرانيا طوال سنين خلت بالوكالة عن الناتو من ثكنات و مخابىء و تجهيزات و منصات صواريخ و مخابر بيولوجية. …
الآن تسقط ماريوبول وهي من أهم المدن الاوكرانية من حيث الاستعدات العسكرية اولا و باعتبارها أهم منفذ للاجهاز على ما تبقى بشرق اكرانيا من موانى و دفاعات و منافذ اقتصادية …فقد فهم الاخصائيون اليوم ان قصة العجز و التراجع عن دخول العاصمة لم تكن في الواقع إلا تكتيكيا عسكريا.
و لتتويج هذه الخطة يكتفي الروس اليوم بضرب المستودعات و ناقلات الأسلحة القادمة من أوروبا. عبر مسالك سرية يعرفها الروس اكثر من الاوكرانيين… كما تم خلال الايام الأخيرة حصار اعداد كبيرة من المرتزقة الاوروبيين بمدينة ماربول المتحصنين بمخابىء أرضية سرية … و قد خيرت اعداد منهم الاستسلام، فيما بقي عدد ضئيل متمسك بالدفاع في انتظار نزول الالة الجهنمية للقضاء عليهم …