جور نار

سنة أولى كِمَامَة…في ظلّ حكم مولانا …

جاءنا مفاخرا بلقب “الفاروق”، ويريد أكثر ممن سبقوه هناك … أن يكون أفضل من ساكن القصر الأول: “الحبيب بورقيبة” …

نشرت

في

قيس سعيد كاريكاتور

ودّعنا بالأمس سنتنا الأولى في ظلّ حكم مولانا قيس سعيّد…مولانا كسب معركة قرطاج بشعار “الشعب يريد”…وقضى سنته الأولى تحت شعار “قيس يريد”…فلا الشعب سعد بسعيد…ولا ابن سعيد سعد بما ومن يريد…فهل أنسانا مولانا أوجاع السنوات العجاف؟ وهل استعاد الشعب ثمن ما ذبحه من خِراف؟

منذ سنة و يوم جاءنا مولانا شاهرا لسانه… مهددا… منددا …وواعدا…مولانا كان يظنّ وكأني به يستمع كثيرا إلى نجاة الصغيرة في رائعة عبد الوهاب “أيظنّ”…أقول مولانا كان يظنّ أنه سيجد كرسيا يجلس عليه ليحكم بيد من حديد وليقول ما يفيد ويعطي الشعب ما يريد… فاصطدم بباب من حديد…”دستورنا الجديد العنيد” لا يترك لمولانا حرية فعل ما يريد…هكذا إذن خاب ظنّ مولانا في تطبيق شعاره “الشعب يريد”…

هل كان مولانا فاقدا للوعي؟؟

المتابع لنشاط مولانا صاحب كرسي قرطاج يدرك من أول وهلة أنه لم يكن على علم بحقيقة ما ينتظره داخل أسوار قصر الرئاسة…فقيس سعيد كان يعلم بأن دستورنا الجديد يحدّ كثيرا من صلاحياته، ولا يسمح له بالتصرّف بأكثر حرية في تفاصيل السلطة التنفيذية، لكنه لم يكن يعلم أنه سيكون مقيّد الحركة دستوريا إلى هذا الحدّ…

<strong>محمد الأطرش<strong>

فكيف يا ترى سيحقّق وعوده لناخبيه؟؟ وكيف سيسجّل اسمه في تاريخ من سكنوا القصر وجلسوا على كرسي مولانا، وكيف سيُنْسي الشعب رائحة بورقيبة التي تملأ المكان والزمان؟؟ فرئيسنا الذي جاءنا مفاخرا بلقب “الفاروق” الذي ناله من بعض أتباعه يريد فعلا أن يأتي ما أتاه الفاروق، ويريد أكثر من جميع من مرّوا من هناك أن يكون أفضل من ساكن القصر الأول “بورقيبة” فصاحبنا مهووس بالزعامة…لكن ما كل ما يتمناه مولانا يدركه…

فدستورنا حررته الأحزاب…ومولانا لا يعترف بالأحزاب…فكان على مولانا أن يعلن الحرب على الأحزاب، فبعد أن مكنته هزيمة النهضة في إيصال مرشحها إلى كرسي القصبة من فرصة مسك السلطة التنفيذية من تلابيبها، حلّ الوباء بالديار…و أجبرنا على لبس الكِمَامَة و”الخمار”… و التزام المنازل و الديار، لنصبح و لمدة ثلاثة أشهر من أهل الكهف…و بدأ حكم مولانا…و كان الخطأ القاتل الأول…رفض مشاركة إحدى أهم الكتل البرلمانية بحجّة فساد صاحبها في حكومة اختار رئيسها مولانا…و تحركّت آلة الخصوم لتسقط حكومة مولانا الأولى بتهمة “تضارب المصالح” …ليختار بعدها من سيرأس حكومته الثانية، و كان الخطأ القاتل الثاني …فساكن قرطاج اختار أحد وزراء حكومته الأولى، فهل سيقبل من اختاره أن يكون الخاسر الأكبر في معركة كسر العظام بين ساكن قصر باردو و ساكن قصر قرطاج؟؟

صاحبنا قرأ درس سلفه جيدا و اختار أن تطول إقامته في “دار الباي” و أقصد القصبة فأرتمى دون تردد في أحضان سكان باردو و اختار “الأحزاب” …فخسر مولانا معركته الثانية…فمولانا لا صوت له في البرلمان…و لا يمكن لمن اختاره أن يشعر في حضنه بالأمان…هكذا خسر ساكن قرطاج كل معاركه الداخلية …فالخارجية لم يعلن معاركها إلى حدّ الساعة…والأمر الوحيد الذي عشناه مع مولانا هو أنه حكم علينا مع من اختارهم بالكِمامة…

خلاصة قولنا

اصطدم قيس سعيد بواقع آخر يختلف عمّا كان ينتظره…فالحكم ليس مجرّد شعارات وخطب رنانة…والحكم ليس وعودا لا يمكن تحقيقها…الحكم واقعية…وقراءة في العمق لمشهد سياسي لا يزال إلى حدّ الساعة يحكمه الأموات…فجزء من هذا الشعب تحكمه صورة بورقيبة…و جزء آخر تحكمه صورة قائد السبسي…و جزء آخر تحكمه صور عبد الناصر…و آخر تحكمه صورة لينين وماركس …وجزء آخر تحكمه صورة سيد قطب وحسن البنا…و كأني ببلادنا أصبحت عاقرا…و لا تنجب الزعماء…

فهل سينجح قيس سعيد في توحيد كل هؤلاء الموتى حوله وتفعيل مصالحة شاملة لا تستثني أحدا ليحكم الأحياء البلاد والعباد….دون كِمَاَمة….ويُخرجنا من كهف دخلناه منذ دخوله قصر قرطاج؟؟ وهل يعود رئيسنا إلى وعيه بعد أن اصطدم بواقع حكم مغاير عمّا كان يراه…في أحلامه؟؟

تعليق واحد

صن نار

Exit mobile version