ما نعيشه اليوم من وهم “الثورة” كشف البرزخ الفاصل بين الكذب على الناس و الكذب على أنفسنا..
الكذب على الناس يحتاج إلى ترخيص “شرعي”في الوقاحة و كثيرا من “قلّة الحياء”…
أما الكذب على أنفسنا فلا يحتاج سوى كتابات ضيقة لأناس يمكنونهم من مساحات واسعة لٱختصار لهج شعب تقطف أحلامه ثمار النجوم في مقالات مسدودة الآفاق و الانعتاق !
أصبح للكذب في هذا البلد ظل و زهر و نوافذ يطلع منها الكلام كما تطلع الدوالي على شرفات المنازل القديمة …
صار إستبلاه الناس نسخة مهترئة من عملة قديمة زال الإنتفاع بها و التصرف فيها…
أصبحت الكتابة عن حال تونس اليوم أشبه مايكون بنهر الجنون لتوفيق الحكيم…
إما أن تشرب منه و تنخرط مع السائد أو أن تمتنع فترمى بالجنون و العته و الخروج عن النص !
ليس بإمكانك يا صاحبي أن تكون غير ذلك !
ليس بإمكانك أن تضحك في وجهك بصفاء تام مادام هؤلاء الساسة يضحكون عليك بإخلاص قاتل !
ليس بإمكانك يا صاحبي أن تقف بمفردك أمام الريح و الأعاصير المدمرة بكل شموخك و وقارك ملء الوقوف !
صار بإمكانك فقط أن تجلس إلى نفسك تتهجد تفاهتك و تسبّح ضآلتك في زمن صار فيه أشباه الثوار صورا عملاقة للإسفاف و الإفلاس !
هكذا نحن مجرد رقم تافه على طاولة تونس الجديدة !
فلن يلومنا أحد بعد اليوم على معاقبة أنفسنا على ما ٱقترفناه في حق أنفسنا !!!