هل ستنتهي الازمة التي يعيشها المشهد السياسي قريبا يا ترى؟ هل سيقبل ساكن قرطاج بأن يخسر كامل عهدته في خلافات جانبية لن تحقّق له شيئا مما وعد به من اختاروه ليجلس على كرسي قرطاج؟؟ وهل سيقبل ساكن القصبة بالتفريط في موقعه والاذعان لمشيئة من يريدون إبعاده عن القصبة أم يبحث عن طريق خلاص بالتنازل الجزئي لساكن قرطاج من خلال القبول ببعض شروطه؟؟
وهل ستغامر حركة النهضة ومن معها من الأحزاب الداعمة لحكومة المشيشي بالذهاب بعيدا في دعم ساكن القصبة وتوسيع الهوّة بينهم وبين ساكن قرطاج دون التورّط المباشر في تبعات الحكم وما ستؤول إليه الأوضاع؟أسئلة عديدة، ولا أحد إلى يومنا هذا يمكنه التكهّن بإجابات واضحة وصريحة …فجميع الأطراف تبحث عن مخرج من الأزمة دون التورّط في تبعاتها التي أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس…فمن يا ترى سيتحمّل تبعات كل الفشل الذي تعيشه كامل المنظومة ومن سيغامر بالظهور في صدارة مشهد الفشل وتحمّل تبعاته انتخابيا بعد نهاية العهدة الحالية…؟
ساكن قرطاج والبحث عن مخرج سريع لأوجاعه التي طالت…
تفطّن أخيرا ساكن قرطاج أن تعنته المبالغ فيه ورفضه كل تنازل ولو كان بسيطا للأطراف الأخرى سيكلفه غاليا وسيخسر كل شيء في نهاية المطاف، وقد يصل الأمر إلى توسيع الهوّة بينه وبين جميع من ساندوه في الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية التي جاءت به إلى كرسي قرطاج…
أظهر ساكن قرطاج بعض الليونة في الفترة الأخيرة، ومباشرة بعد المكالمة الهاتفية مع نائبة ساكن البيت الأبيض وبعد زيارته الأخيرة إلى بروكسال ، هذه الليونة وإن لم تكن متواصلة، فإنها تؤكّد أن الرجل بدأ فعلا في دراسة جدوى كل المقترحات التي قد تعرض عليه للخروج من الأزمة، وقد يجد مقترحا يستفيد منه ليخرج في ثوب المنتصر من المأزق الذي ورّط فيه نفسه، أو ورّطّه بعض من هم حوله فيه لغاية في نفس نادية ومن معها… ويعتبر مجرّد قبول ودعوة ساكن القصبة إلى قرطاج دلالة واضحة وكبيرة لتغير في استراتيجية ساكن قرطاج لحلحلة الأزمة التي تورّطت فيها منظومة الحكم الحالية…
والدلالة التي جاءت لتؤكّد التغيير الواضح في منهجية الخروج من المأزق هو التصريح الذي أدلى به الطبوبي عند خروجه من لقاء ساكن قرطاج…فالتفاؤل الكبير الذي جاء في كلمة الطبوبي يؤكّد أن ساكن قرطاج بدأ يبحث فعلا عن حلّ وعلى استعداد لبعض التنازلات المشروطة بتنازلات أخرى من الأطراف المقابلة…وقد يكون ساكن قرطاج اشترط تحويرا جزئيا على التشكيلة الحكومية قبل الموافقة النهائية على الإشراف على حوار وطني يجمع خلاله الجميع حول طاولته …فجميعنا يعلم أن نادية عكاشة تبحث منذ مدّة غير بعيدة عن طريقة للتخلّص من وزير الخارجية …كما أن جميع الأطراف على بينة من أن ساكن قرطاج يبحث عن شخصية أخرى ليجلسها مكان توفيق شرف الدين في وزارة الداخلية تضمن لها حيادا كاملا عن القصور الثلاثة… كما أنه يبحث أيضا عن تحييد المرفق العدلي من خلال شخصية أخرى يقع التوافق حولها، تضمن حيادية هذا المرفق الذي أصبح الشغل الشاغل للجميع في الأشهر الأخيرة…وربما تضاف وزارة أخرى من خارج وزارات السيادة لشروط ساكن قرطاج…فهل خرج الطبوبي من قرطاج حاملا رسالة شروط قيس سعيد إلى ساكن القصبة وساكن باردو وهل يكون هذا التحوير مؤشرا جدّيا لقبول ساكن قرطاج ببقية وزراء التحوير الذي أجراه ساكن القصبة على حكومته وعطّله أداء اليمين…خلاصة ما يريده ساكن قرطاج هو كسب الوقت والإبقاء على فرص تحقيق بعض وعوده قائمة، فدون توافق مع بقية أطراف الحكم لن يحقّق شيئا من وعوده وقد يخرج من عهدته خالي الوفاض سياسيا دون أن يكتب سطرا واحدا في تاريخ هذه البلاد…فماذا يا ترى عن بقية الأطراف؟
ساكن القصبة وفرضية العودة إلى حضن ساكن قرطاج…
أدرك ساكن القصبة أن الردّ على تعنّت ساكن قرطاج بتعنّت آخر من جانبه لن يخرج البلاد من أزمتها ولن يستفيد منه في شيء. فحكومة عرجاء وشلل نصفي في كامل مؤسسات الدولة لن يكون في صالح البلاد ولن يضمن خروجا أكيدا من الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد اقتصاديا وسياسيا…ساكن القصبة يدرك جيّدا أن حزامه البرلماني لن يغامر بلائحة سحب ثقة من حكومته حتى وإن طال عمر المأزق الذي تعيشه البلاد، فجميع الأطراف المساندة لحكومته لا تبحث عن التورّط في تبعات الفشل المعلن لهذه العهدة فكل من سيتورّط في تبعات حكم هذه العهدة سيضمن مكانا في مقبرة انتخابات 2024…كما أن ساكن القصبة يدرك ان أي إعلان سوء نية من طرف حزامه البرلماني ستقابله استقالة سريعة من طرفه تعيد العهدة إلى صاحبها ساكن قرطاج، وهو الأمر الذي لن يرضي بعض مكونات الحزام البرلماني الحالي، فقد تتضرر بعض مصالحه مما قد يفرضه ساكن قرطاج على من سيختاره لتعويض المشيشي إن قرر إبعاده وتعويضه بآخر أكثر ولاء للقصر…لكن الواضح أن المستجدات الأخيرة تؤكّد أن كل الأطراف بدأت تبحث جدّيا عن مخرج للأزمة خوفا من انفجار اجتماعي يأتي على الأخضر واليابس…فالمشيشي سيقبل في قادم الأيام بشروط ساكن قرطاج على أن يبقى على كرسي القصبة، وأن يكون طرفا في اختيار من ستطلب نادية تغييرهم، وعلى أن يقبل ساكن قرطاج أداء يمين بقية وزراء التحوير الحكومي المعطّل، فساكن القصبة يعلم جيدا أن ساكن قرطاج يبحث عن تمرير بعض مشاريع القوانين واقتراح بعض التعديلات في الدستور وأن ذلك يتطلب حزاما برلمانيا واسعا، ودون توافق واسع بين الكتل البرلمانية لن ينجح ساكن قرطاج في تمرير أي من مشاريع قوانينه أو مقترحات تعديله للدستور، وهنا يكمن الدور المناط بساكن القصبة الذي قد يتكفّل بهذا الأمر مع حزامه البرلماني …ضمانا لبقائه على كرسي القصبة وضمانا لتشريك الجميع في تحمّل تبعات القادم…
حركة النهضة وشيخها وما يضمرانه لبقية العهدة…
تدرك النهضة أن إطالة عمر الأزمة والشلل الذي تعيشه البلاد في كل مؤسسات الدولة يمثلان خطرا على السلم الاجتماعية بالبلاد، ويعلم ساكن باردو أن حركته مستهدفة من أغلب الأطراف المكوّنة للمشهد السياسي وأنها قد تكون أكبر الخاسرين لو واصلت تعنّتها ورفضها لكل مقترحات الخروج من الأزمة…لذلك لن تبحث في قادم الأسابيع عن تأزيم الوضع أكثر مما هو عليه اليوم، فالنهضة لن تبحث عن التورّط في الحكم وتحمّل تبعات الفشل التاريخي الذي تعيشه الدولة ولن تعترض عن أي مقترحات للخروج بحلّ للمأزق الحالي لمؤسسات الدولة…لكنها لن تقبل بأن تجلس على الربوة حتى نهاية العهدة فالنهضة تريد ضمانات بعدم النبش في بعض الملفات الخطيرة مقابل تنازلها وقبولها بتوافق شامل بين جميع الأطراف المكوّنة للمشهد الحالي ودون أن تفكّ ارتباطها مع شركائها (الائتلاف وقلب تونس لضمان بقاء الشيخ في مكانه على راس المجلس)، كما أن النهضة قد تذهب بعيدا بتنازلاتها لو قبل ساكن قرطاج ببعض شروطها، فساكن باردو على استعداد تام لفكّ الارتباط مع ساكن القصبة الحالي شريطة أن يشارك في اختيار من سيعوضه…فالشيخ يدرك خطورة المرحلة ويدرك جيّدا أن من سيقود هذه المرحلة ويتحمّل أعباء حكمها سيكون مكانه مقبرة 2024 الانتخابية…ولهذا ولأكثر من هذا سيقبل بأي حوار وطني يخرج حركته من المأزق الحالي ويورّط غيرها في تحمّل تبعات الحكم واسقاطاته السياسية في قادم المحطّات…فلا غرابة أن تقبل بالجلوس حول طاولة واحدة مع التيار وحركة الشعب ولم لا الدستوري الحرّ إن قبلت رئيسته بذلك…فالشيخ يدرك ان توريط خصومه اليوم في الحكم سيمكنه من البقاء في المشهد السياسي القادم…
الاتحاد ونواياه الخفيّة…
هل يبحث الاتحاد فعلا عن حلّ لإخراج البلاد من أزمتها أم يريد شيئا آخر يرضيه …؟ الحرب التي يخوضها الاتحاد من أجل فرض حواره الوطني على الجميع هي بالأساس حرب بقاء لقيادته الحالية ليس أكثر، فالقيادة الحالية للاتحاد لا تبحث عن أي مخرج للأزمة وهي التي تمثّل الجزء الأكبر من أسبابها، بل تبحث عن إطالة عمر بقائها بساحة محمد علي من خلال فرض تعديل للفصل 20 من نظامها الداخلي…ودون النجاح في حوار وطني تشيد به كل الأطراف وتُقنع به الجميع بجدوى بقائها على راس المنظمة الشغيلة لن تقبل قواعدها ببقائها …فالاتحاد سيبحث عن إطالة عمر الحوار بأي طريقة كانت وسيفرض من خلال وجوده بين مؤثثي هذا الحوار تأجيلا لمؤتمر المنظمة…تأجيلا سيسمع للقيادة الحالية بفرض خيار تعديل الفصل الذي يمنعها اليوم من البقاء لعهدة أخرى بمكاتب ساحة محمد علي….وسيعمل الاتحاد على فرض الحوار بكل الوسائل المتاحة له ولقواعده الموالية والراغبة في إطالة عمر قيادتها الحالية بساحة محمد علي…ولا غرابة إن تضاعف عدد الإضرابات والاعتصامات وربما غلق بعض مواقع الإنتاج في قادم الأيام قبل رضوخ الجميع لرغبة قيادة الاتحاد الحالية لحوار وطني تخرج منه مباشرة إلى عهدة أخرى تحقّق من خلالها الكثير من المكاسب لبعض قواعدها وبعض من أعلنوا لها الولاء وبايعوها …وقد يجد الاتحاد في النهضة خير شريك لفرض هذا الحوار فأهداف النهضة تلتقي مرّة أخرى مع أهداف الاتحاد…لكن هل سيقبل الاتحاد وقواعده بتحمّل تبعات فشل سياسي واقتصادي حاد قد يصل بنا إلى حالة الإفلاس…؟؟