سيّدي الرئيس أعد لي صوتي … فأنت فشلت في كل ما أتيت !
نشرت
قبل 3 سنوات
في
من الواضح ان رئيسنا سلك بنا طريقا قد تذهب بنا إلى المزيد من الخراب والدمار…فمولانا ساكن قرطاج لا يقبل بأن يتراجع عما يريد أن يفعله بالبلاد رغم أنه فشل فشلا ذريعا وغير مسبوق خلال عشرة أشهر لم نتقدّم فيها ولو خطوة واحدة نحو الانفراج بل عدنا إلى الوراء كثيرا، وغرقنا في وحل خلافات وانقسامات لا نعرف كيف ستكون نهايتها…
رغم كل هذا الفشل الذي لا يريد ان يعترف به، فإن ساكن قرطاج يروّج لنجاحات وهمية لم تعرفها تونس قبل جلوسه على كرسي قرطاج … ساكن قرطاج أخفق أن يكون قائدا يجمع الجميع حوله وحول برنامجه وما يريد أن يفعله بالبلاد وللبلاد … والغريب في أمره أنه لا يزال إلى يومنا هذا يعتبر نفسه القائد الملهم الذي هتفت باسمه أكثر من ثلاثة ملايين، والواضح أنه نسي ان كل من هتفوا باسمه تركوه لأنهم لم يهتفوا باسمه حبّا فيه وثقة في ما سيأتيه، بل فعلوا ذلك قطعا للطريق أمام خصمه، فحجم مولانا الانتخابي والسياسي الحقيقي لا يتجاوز أصوات كل الذين فشلوا في تجاوز الدور الأول من الانتخابات الرئاسية…
مولانا لم يدرك حقيقة المكان الذي يجلس فيه اليوم وصُدم بواقع مخالف عمّا كان ينتظره، فأساس القيادة هو أن تكون سباقا لا متفاعلا فقط … ومولانا لم يفعل بل اكتفى بردّ الفعل وصناعة الأعداء والخصوم … فلأول مرّة يعرف العالم رئيسا يشتم شعبه على العلن وفي اغلب الخطب التي ألقاها على مسامعه، ولأول مرّة يعرف العالم رئيسا يخوّن شعبه ويكيل له التهم دون أدلة تثبت ما يقول … ولأول مرّة في تاريخ الأمم والشعوب يعرف العالم رئيسا يطلب ضمنيا من وزيرة عدله سجن خصومه ومن لا يقبلون بما يأتيه … مولانا لم يقرأ أن قيادة أمة أو دولة يلزمها قيادي يسبق الأحداث، ويحسن التصرّف في مواجهة الأزمات، ولا يتعنّت في تشريك كل من هم حوله في إيجاد الحلول اللازمة للخروج من الأزمات … حتى وإن كانوا من خصومه … فهم من شعبه بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة…
فالرئيس الناجح الذي يريد ان يكون صاحب القول الفصل هو من ينجح في توظيف وتشريك كل خصومه وأتباعه لإيجاد الحلول لكل مشكلات بلاده…والرئيس الناجح هو من لا يجلس متعنّتا مفاخرا بحجم من انتخبوه في انتظار حدوث الكارثة…الرئيس الناجح هو من يخطّط ويحلل خطّته ويحدّد هناتها ومواقع الضعف فيها ويتراجع إن لزم الامر وعرف انه على خطأ…الرئيس الناجح هو من يعرف قراءة الأحداث، ويستعد جيّدا للتعامل معها والتكيّف مع الظروف الطارئة، جميع الظروف واستغلال الحلول المتوفّرة والفرص المستجدة للتخلص من الألغام التي تعترض طريقه للوصول إلى أهدافه…والرئيس الذي لا يخطّط لا يمكن أن يكون رئيسا ناجحا بل قد يجلب الخراب لبلاده وشعبه…ورئيسنا اليوم لا يعرف التخطيط ولا يدرك حتى معانيه…
نقطة الضعف الثانية التي يعانيها مولانا ورئيسنا، هو فقدانه للرؤية فرئيسنا وصل إلى حيث يجلس دون رؤية واضحة لما يريد ان يفعله، ولا للأهداف التي يريد تحقيقها…ورئيسنا لا رؤية له ولا هدف له غير الاستحواذ على كل مفاصل الحكم والدولة…وتغيير النظام السياسي والنظام الانتخابي للبقاء على كرسي قرطاج لعهدة ثانية وربما أكثر…رئيسنا لا يريد ان يفكّر معه من هم حوله بل يرى نفسه فوق الجميع واقدر وأذكى من الجميع في إيجاد الحلول، والحال أنه ورّط نفسه ومن معه وكل الشعب، في أزمة قد لا نخرج منها دون خسائر كارثية…رئيسنا نسي أو تناسى “الزوالي”… والمحتاج…نسي العاطل والفقير…نسي اليتيم والمعوق…نسي المظلوم ونسي المهموم…ونسي من ماتوا غرقا في المتوسط هربا ممن حكموا قبله .. وهربا من حكمه اليوم…وخوفا مما قد يحكم به عليهم غدا…رئيسنا لا يفكّر ولم يفكّر في الشعب بل كل همّه هو كيف يتحكّم لوحده في مصير هذا الشعب…هل سمعتموه يوما يتحدّث عن أوجاع الشعب…عن “الزوالي”…عن المحتاج…عن الفاقد للسند…كل همّه دستور جديد…وجمهورية جديدة…وقانون انتخابي جديد…وضرب خصومه…وكل من لهم القدرة في الفوز عليه يوم الامتحان الانتخابي…
هذا هو رئيسنا…لا رؤية سياسية له غير الحكم منفردا…ولا همّ له غير وضع كل السلطات بيديه… رئيسنا نسي أن من هم حوله سيتركونه إن عاجلا أو آجلا…يوم يكتشفون أنه لن يقدّم لهم شيئا غير ضربه للخصوم وإخراجه للنهضة ومن معها من الحكم، فهل سيحقّق الاكتفاء الذاتي من القمح والشعير بإخراج النهضة…وهل سينجح في إلغاء الدعم عن المحروقات بإبعاد ائتلاف الكرامة من الحكم…وهل سيوفّر عشرات الآلاف من مصادر الرزق بعد حلّ مجلس النواب…كل ما أتاه ليس أكثر من تحقيق بعض المكاسب السياسية لشخصه ليس اكثر…وغدا قد يطالبه من سيبقى معه وفيا من أتباعه بإبعاد “الدساترة” يوم يصبحون خطرا على وجوده السياسي في قمّة المشهد…ثم سيطالبونه بحلّ وتفكيك منظومة اتحاد الشغل التي لم ترضخ لما يريده منها …ثم يتركونه لمصيره يوم يدركون انهم أخطؤوا في اختيارهم وفي رهانهم…وأنهم راهنوا على رئيس لم ينجح في أمر واحد من كل ما صرخ ووعد به في حملته الانتخابية وفي خطبه العنقودية الناسفة…
فهل فكّر رئيسنا في كل هذا ام أنساه جلوسه على كرسي قرطاج ما قد يعيشه لو فشل في إصلاح أحوال البلاد والعباد…وهل فكّر في أن تشريك كل مكونات المشهد السياسي سيساعده على تطوير رؤية سياسية وتنموية جديدة وستساعده على تطوير قدراته في قيادة هذه الدولة التي أشرفت على الهلاك…وستوفر له غطاء سياسيا واسعا، وشرعية ومشروعية لكل ما سيقرره…هل فكّر في أن تشريك البقية في صياغة رؤيته سيجعله متأكدا وواثقا من جدواها…وسيغيّر نظرة خصومه عنه وسيدركون حينها أنه رئيس يعرف ما يريد وله رؤية واضحة المعالم والأهداف…
واليوم بعد أن تخلى عنه أكثر من ثلثي مكونات المشهد السياسي هل يعيد رئيسنا حساباته ويتراجع عن أحلامه التي لن تخرجنا من أوضاعنا…ولن تصلح حالنا …ألم يحن الوقت لينام دون أحلام مزعجة…ألم يحن الوقت لينام دون أن يسمع صراخ اليتامى الذين لم يجدوا رغيفا يملؤون به بطونهم…ودون أن يسمع أنين الثكالى وبكاء من فقدوا فلذات أكبادهم في المتوسط، ومن استبشروا خيرا حين جلس على كرسي قرطاج بعد كل الوعود التي قطعها على نفسه بإصلاح حالهم…ألم يحن الوقت لينام دون أن يسمع وجع من باتوا دون مسكن ودون أكل ودون غطاء…ألم يحن الوقت لينام دون أن يسمع صراخ من يصارعون أمواج المتوسط وهم يهربون من جحيم البطالة والإحباط واليأس…وقد خاب أملهم في رئيس لم يفكّر يوما في أوجاعهم…ومأساتهم…
ليعلم رئيسنا أنه ليس من الملائكة، فالملائكة لا يترشحون لانتخابات الأرض ولا يدخنون “الكريستال” ولا يشربون “الكابوسان” ولا يسكنون المنيهلة…وليعلم أيضا أنه فشل…وسيفشل في كل ما سيأتي لو واصل على نفس منهجه اليوم…فنحن أمام رئيس لم يساعد هذا الزمن ليمضي إلى الأمام…بل هو من يشدّه إلى الخلف بما يأتيه…وليعلم أنه قتل الأمل في كل شباب هذه البلاد…واغلق أمامه كل أبواب المستقبل…وكأن حركة التاريخ والحاضر والمستقبل توقفت عنده…وكأنه لم يأت لتحقيق اهداف شعب بل جاء من أجل تحقيق أهدافه…فقط…ولأنه كذلك وأخاف أن يبقى كذلك فإني أطالبه بأن يعيد لي صوتي الذي استفاد منه ليجلس حيث يجلس اليوم… “أعد لي صوتي سيدي الرئيس…”…