كنّا في ما مضى ننتظر شهر رمضان لنضحك…فقنوات تصريفنا الإعلامي كانت تنتج ما يضحكنا ويخرجنا مما نحن فيه…لكن هل لا يزال الأمر على ما كان عليه أم تغيّرت حالنا؟
هل ثمّة اليوم حقّا ما يضحكنا سواء كان إعلاميا او حتى في حياتنا اليومية؟ هل ثمّة ما يستحق أن نضحك عنه أو منه في تلفزاتنا وفي حياتنا أصلا؟ هناك عمل واحد صاحبنا منذ حوالي العقدين من الزمن، عمل نعرف من خلال عنوانه ماذا أصابنا، “شوفلي حلّ” هو العمل الذي رافقنا منذ أكتوبر 2005 إلى يومنا هذا، كل يوم نشاهد احدى حلقات “شوفلي حلّ” فيضحك بعضنا…ويتألم بعضنا الآخر…والغريب في الأمر أن هذا الشعب الذي يضحك يوميا على “شوفلي حلّ” في حاجة إلى حلّ يخرجه مما هو فيه منذ أكثر من عقد من الزمن… ولم يجده إلى يومنا هذا…
هل يمكن أن نضحك من عمل تلفزي وبطوننا خاوية؟ هل يمكن أن نضحك من عمل تلفزي وشبابنا عاطل عن العمل؟ هل يمكن ان نضحك من عمل تلفزي وشبابنا يأكله الحوت كل يوم؟ هل يمكن أن نضحك من عمل تلفزي ووضعنا الاقتصادي في أسوأ حال منذ الاستقلال؟ هل يمكن أن نضحك من عمل تلفزي والاسعار تحلّق في السماء ورواتبنا أصابها الشلل؟ هل يمكن ان نضحك من عمل تلفزي ونحن لا نعرف ماذا يمكن أن يحصل غدا لنا أو لبعضنا او حتى لأحد منّا؟ هل يمكن ان نضحك من عمل تلفزي ونحن بهذا المنسوب من الحقد والكراهية؟ هل يمكن أن نضحك من عمل تلفزي ولا شيء يثير ضحكنا في هذا البلد؟
لا أحد من هذا الشعب ضحك ملء شدقيه منذ أكثر من اثنتى عشرة سنة ويزيد…فكيف تريدون من هذا الشعب أن يضحك ولا شيء في هذه البلاد يضحكه…حتى رئيس البلاد لم يضحك يوما أمامه… فكيف لهذا الشعب ان يضحك دون رئيسه؟
كلما قرّر هذا الشعب أن يضحك …يحدث شيء يمنعه من ذلك…أو يتذكّر أمرا يمنعه من الضحك…فالفقير يتذكّر فقره وجاره الذي سيدقّ عليه باب منزله غدا يطالبه بمعلوم الكراء …والمريض يتذكّر مرضه والدواء المفقود الذي ينتظر وصوله…والمظلوم يتذكّر “مظلمته” التي ينتظر رفعها منذ أكثر من عشر سنوات …والعاطل يتذكّر وعود كل الحكومات التي تعاقبت على الكذب عليه…على ماذا سنضحك ونحن على هذه الحال من التشتّت والتشظّي…
أليس الضحك تعبيرا عن السعادة…فهل نحن ننعم بالسعادة حتى نضحك كما يضحك بعض سكان هذا العالم؟ لا…نحن نفتقد للسعادة…فنحن أتعس شعوب الأرض منذ سنوات…وطريق السعادة مليئة بقطّاع الطرق الذين يخرجون علينا كل خمس سنوات… نحن أضعنا الطريق إلى السعادة بما فعلناه بأنفسنا… وبما نحمله في صدورنا على بعضنا البعض…فكيف لشعب يتمنى الشرّ لبعضه أن يكون سعيدا؟ وكيف لشعب يسعد بسجن بعضه أن يكون سعيدا؟ وكيف لشعب يصفق للظلم ويباركه ان يكون سعيدا؟ وكيف لشعب أصبح دينه الحقد أن يكون سعيدا؟
خلاصة الأمر…نحن الشعب الذي لن يضحك مستقبلا لأنه أصبح “ضحكة” يضحك عنه ومنه ومن حاله الآخرون…نحن الشعب الذي فقد كل معاني الضحك…نحن الشعب الذي لن يعرف من الضحك غير “الضحك على الذقون”…ذقون بعضه البعض…