جور نار

شعب في حالة سكر…

نشرت

في

ليس تجنيا ولا تجريحا ولا تهجما ولا حتى ظلما لهذا الشعب ما أكتبه اليوم…نحن شعب سقط إلى أسفل…وأصابه الغباء والحمق في مقتل…هذا الشعب رغم ما يعيشه من تعاسة وسوء حال…ورغم ما يعانيه من فقر وخصاصة لم يخرج من سكرته التي عاشها يوم 25 جويلية 2021…

<strong>محمد الأطرش<strong>

رغم الوضع الاقتصادي المنهار…وتواصل انحباس الأمطار…وغلاء الأسعار…وأزمة التعليم…وغلق العديد من مواقع الإنتاج…وفقدان المئات من الأدوية من الصيدليات…وفقدان نصف المواد الأساسية في أغلب أيام الأسبوع…والفواتير الصادمة لشركات الكهرباء والماء غير الصالح للشرب…وفقدان أماكن الانتصاب في الأسواق…وفقدان الرغبة نهائيا في كل أنواع “الانتصاب” لاستفحال وتراكم الاسباب…ورغم عدد الهاربين من جحيم البلاد إلى جحيم غربة لا أحد يعرف متى تنتهي…

رغم كل هذا وأكثر من كل هذا، لا يزال هذا الشعب يعرض علينا حمقه بتصفيقه لدعوة الغنوشي أو أحد أزلام حركة النهضة ومن كان يحكم معها للبحث لدى السلط القضائية…ولا يزال هؤلاء الأغبياء من شعبنا يصابون بخيبة وغثيان عند كل عودة للغنوشي ومن معه إلى منازلهم سالمين بعد البحث والتحقيق معهم…ولا يزال بعض هذا الشعب من الحمقى يسعد ويحمد الله ويصرخ بأعلى صوته “الشعب معاك يا قيسون…الشعب معاك يا قيسون”  على منع الغنوشي أو أحد ازلام النهضة ومن جاورها من السفر…أسأل لماذا يبحث هذا الشعب عن الانتقام من كل من حكموه سابقا دون ترك الأمر إلى القضاء…

نحن اليوم نعيش ما عشناه من إبادة جماعية شاملة لمنظومة الحكم بعد خروج الرئيس الأسبق بن علي رحمه الله إلى مناسك الحج والعمرة، والموت هناك في بلاد الحرمين، رغم الفارق في ما حققته المنظومتين فابن علي لم يترك الشعب في حالة وهن وأزمة بل ترك البلاد في وضع اقتصادي جيّد مقارنة بجميع من جاؤوا بعده، فهؤلاء لم ينجحوا إلى يومنا هذا في الوصول إلى ما حققه بن علي رحمه الله في آخر سنوات حكمه رغم أنها لم تكن السنة الأكثر تحقيقا للنتائج والأرقام، لكن هل استفاد الشعب حينها من سجن قيادات منظومة بن علي ؟ هل استفاد الفقير من سجن اصهار بن علي رحمه الله؟ هل استفادت الأحزاب من حلّ حزب بن علي رحمه الله؟ لا شيء من كل ذلك وقع بل عاش الشعب فتنة ووجعا ومأساة وأزمة لم يعشها سابقا…فالجوع أصبح على الأبواب والإفلاس يدقّ اليوم كل باب…نعم نحن اليوم على شفا هاوية إن لم نكن في قاع الهاوية…

الأغرب من كل هذا هو أن هذا الشعب الغبي لم يتفطّن للخدعة التي يعيشها…فمن أسكرهم يوم 25 جويلية 2021 لا يزال يصبّ لهم الخمر عبر أقداح الإعلام الموالي مع كل حدث يثيرهم ويسعدهم ويفقدهم الوعي ويبعدهم عن الإحساس بوجع المأساة التي يعيشونها مع بقية هذا الشعب “المأزوم”…فكل ما تعيشه البلاد مع سبق الإصرار والترصّد منذ أكثر من سنة، هو الإطالة في حالة اللاوعي التي يعيشها جزء كبير من هذا الشعب، ينتظر رؤية خصومه خلف القضبان او معلّقين بحبل المشنقة كما يصرخ بعضهم هذه الأيام…وسبب إطالة حالة اللاوعي هو فشل السلطة الحاكمة اليوم في إخراج البلاد مما هي فيه…والهدف الأكبر للسلطة هو إلهاء الشعب خوفا من خروجه عليها مطالبا برحيلها بعد إخفاقها في تحقيق كل ما وعدت به منذ يوم 25 جويلية…

شعبنا اليوم فاقد للوعي ويعيش حالة سكر متواصلة منذ أكثر من سنة…وفاقد للعقل ولم يعد يفكّر في ما يمكن أن يصلح به حاله وحال أجياله القادمة، فهمّه الوحيد اصبح كيف ينتقم من خصومه ويبيدهم سياسيا عن آخرهم…ففي اجتماع أحد الأحزاب التي تفاخر بحملها همّ القضيّة الفلسطينية وغيرها من قضايا العرب وضعت معلّقة كتب عليها بالبنط الغليظ “قادمون يا قدس”… ما دخل القدس في اجتماع يخصّ قضايانا الداخلية وما نعيشه من وجع ومأساة فهل اصبحت القدس احدى ولايات البلاد ونحن لا نعلم؟ شعبنا اليوم يكرر الخدعة تلو الأخرى دون خجل ويصدّقها مفاخرا، وينشرها بأسلوب ساذج مقيت، مستخدماً كلاما لا يليق بأحط المستويات، مجترا ما كان ولا يزال يردّده من شعارات واهية وتخاريف من الخيال… هؤلاء الذين يقولون “قادمون يا قدس” يخافون سماع طلق ناري بسيط في أحد الاعراس فكيف لهم أن يذهبوا إلى هناك يحاربون جيشا مدجّجا بالسلاح…

هؤلاء يذكرونني بذلك الإمام الذي كان يخرج علينا طيلة سنوات حكم الرئيس بن علي رحمه الله في ختام كل خطبة جمعة، بدعاء لمدّة ربع ساعة على إسرائيل وخراب اسرائيل واهل إسرائيل ومن يساعد إسرائيل وأم وأخوات وأبناء خالة من يساعد إسرائيل …ولم يقع لإسرائيل شيء من كل الدعاء الذي كان يسرده على مسامعنا إمام الجمعة…خلاصة قولي نحن شعب لم يبق لنا غير الضراط نطلقه حين تنتفخ بطوننا…فمنذ متى كان شعب الضرّاطين قادرا على الخروج من أزمته…والذهاب إلى القدس لتحريرها…؟ وهل رأى الكون سكارى مثلنا؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version