عبد الرزاق الميساوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندَ المساءِ حينَ تخفتُ الأنوارُ، تكبرُ الظّلالْ
وتُغلِقُ الأزهارُ في ارتعاشةٍ أهدابَها
ويُظلمُ الطّريقُ والبريقُ يختفي في قممِ الجبالْ
عند المساءِ الغيمُ أحمرَ العينينِ – فيهما نشيدْ
وفيهما إغراءْ –
يوقِدُ تارةً حريقًا تارةً يفْسخُ ما رسَمْ
ويغمسُ الفرشاةَ من جديدْ
في البركةِ المشدوهةِ الظّمآى إلى حكايا شهرزادْ
كأنّما، منتظرًا خيالها ينتابهُ ارتجافْ
يخشى إذا أتى الظّلامُ الانكشافْ،
عاشقُها المحمومُ شهريارْ…
يا سُهدَ شهريارْ !
يرتجُّ في ضلوعه البركانُ، تدْفقُ الدّماءُ كالصّراخِ في الوهادْ
والصّمتُ يغلي… واحتراقُ اللّيلِ… والزّمانْ
ترنّحت في كفِّه الكأسُ فمادَ… انسكبَا
هلْ من نديمٍ يحتسي ما فاضَ من أوارْ
في قلبِ شهريارْ؟
بين اضطرابِ الطَّرقِ والشّرودِ والرّجاءْ
وظلمةِ المكانِ تحتَ موكبِ الشّموعْ
يهتفُ في خشوعْ:
“سبحانَ شهرزادْ !
… سبحانَها !
كمْ حوّلتْ مجرى الدّماءِ في عروقي… أحيَتِ الفؤادْ !
“سادَ السّكونُ لحظةً… وانتفضتْ ستائرُ الحريرْ
و”كان يا ما كانْ…”
كالطّفلِ أمسى في الهدوءِ شهريارْ
أين العظيمُ مالكُ الأمصارِ والبحارْ
وسيّدُ الزّمانْ؟
…………
لمْ تُنهِ شهرزادُ، فجأةً، كلامَها المباحْ
لم تنتظرْ ديكًا ولا صياحْ
واقتربتْ من طفلها الصّغيرْ
فأطلقتْ إيقاعَها الآهاتُ واللّهاثْ
…وأُسدِلَ السّتارْ