اتفهّم جدّا قلق العديد ممّا آلت اليه الاوضاع في تونس منذ 25 جويلية ..سياسيّا اقتصاديا ثقافيا واجتماعيا . واعلاميا . وفي كلّ القطاعات دون استثناء وانا معهم تماما في انّ غدنا وعندما نكتفي بتوصيفة سلميّة هو غد ضبابي جدّا ..وانا معهم وجدّا ايضا بأنّ المؤشرات لا تنبئ بما يتطلّع اليه التونسي من رفاهة وامن وامان وحرّية وكرامة …
لكن اختلف جدّا ومع العديد في مواقف اعتبرها (تجنّن) نظرا إلى تمسّكها بنظريات ومواقف هلامية وبعيدة كلّ البعد عن الواقعيّة ..لنفترض جدلا، رغم انّ الواقع قريب من هذه الفرضية ..لنفترض جدلا انّ رئيس الدولة بيه وعليه وكلّ العيوب فيه … هنا اتساءل وارجوكم التساؤل معي ..من اوصل قيس سعيّد لقرطاج ؟؟ وبعبارة اخرى من اوصلتونس لمثل هذه الاوضاع حتى نجد يوما ما قيس سعيّد يعتلي سدّة الحكم ؟؟ هنا هو اصل الاشكال ..نعم … اذا تجرّدنا من عنادنا ومن مكابرتنا ومن سخفنا ومن التشقشيق السياسي من جهة والنخبوي من جهة اخرى … سنتّفق حتما على انّ ما حدث منذ جانفي 2011 من غورة على انتفاضة الشعب التونسي ومن تحالفات وجرائم واجندات نتج عنها تدمير كلّي لمقوّمات الدولة، هو اصل كلّ العلل وكلّ ما نحن عليه الان بما في ذلك وصول قيس سعيّد للسلطة ..وهذا هو الشيء اللي يجنّن …
.في تقديري هو تماما كمن يدرّس تعليم السيارات وهو جاهل بقواعدها ثمّ نهوي بالفؤوس على من تعلّموا تحت رعايته فنشبع ذلك التليمذ المسكين شتما ومظاهرات واعتصامات .. وهنا ليس فقط ننسى المعلّم بل الادهى اننا ندعمه ونقف معه اذا اشار الواحد منّا الى مسؤوليته في كلّ ما حدث ويحدث بدعوى حقوق الانسان اذا ما قيل له انت هو اصل البلية ..وهذا ما يحدث في تونس منذ 25 جويلية 2021 …
لست هنا لاثمّن باطلا توجهات رئيس الدولة ..فانا عُرف عنّي انّي لست من مناصريه ..انا هنا فقط اقول للعديد سواء في احزاب سياسية معارضة او لجماعة جبهة الخلاص او للعديد ممن هم محمولون على النخبة والفكر النيّر ..انتم من اتيتم بقيس سعيّد ..والجاهل بلغة القانون لا يُعذر بجهله ..وان كان من حقّ الواحد منّا ان يخطئ فانّ الخطأ مباح وهو سمة البشر ..فانّ تأخّر لحظة الوعي بالاوضاع والاسباب وخاصّة بتجار السياسة عليها ان لا تتاخّر ..نحن جميعا في حاجة ماسّة لاعادة خلط الاوراق في رؤانا لما هي عليه تونس الان وخاصة لما ستكون عليه ..ودعوتي يمكن حوصلتها اساسا في نقطتين مفصليتين ..
اولاهما ابعاد كلّ شخص او فصيل ساهم في تخريب تونس منذ 2011 ..هذه الفصيلة عليها ان تستحي وان تعود الى جحورها … ومن حقنا عليها جميعا ومن حقّها هي ايضا ان تخضع لمحاسبة عادلة حتى تكون عبرة لجيل السياسيين القادم ..النقطة المفصلية الثانية تتمثّل في حدّ ادنى لدى النخبة من الوعي بما عاشته تونس في السنوات الاخيرة، للاتعاظ بالاخطاء وبالعمل على فهم وتفكيك تلك الدوامة التي عشناها، والتي هي التي انجبت 25 جويلية وانجبت قيس سعيّد …
هذا لا يعني القبول بالامر الوقع مهما كان رديئا بل وهذا هو الوعي الحقيقي مواصلة النضال من اجل حرية حقيقية، لا حرية الفوضى والتبوريب والسباب والهباب … ومن اجل ديموقراطية حقيقية لا ديموقراطية السراب والخراب على الطريقة الامريكية _ والتي هي في حقيقتها كذب على ذقوننا ومن اجل حقوق انسان لمن يؤمن بحقوق الانسان …و اخيرا من اجل تحقيق صيحة ردّدتها تونس من اقصاها الى ادناها شغل … حرية … كرامة وطنية …
ملحوظة: كعادته في مثل هذا الشهر من كل تقويم قمري، يتغيب الزميل الكبير عبد الكريم قطاطة عن قرائه طوال رمضان الفضيل … أعاده عليكم وعلينا باليمن والبركة والعافية، وعوْدا ميمونا لأخينا كرّومة.