جلـ ... منار

صديق اسمه العالَم

نشرت

في

منذ أكثر من 25 سنة جاري الأمريكي قرر أن يترك كاليفورنيا ويهاجر الى ولاية أخرى، وكان في الستين من عمره.سألته: في هذا العمر ستترك اصدقاءك وراءك، وستكون وحيدا في غربتك؟ رد على الفور: بل عندي مئات الأصدقاء هناك الذين لم أقابلهم بعد!

<strong>وفاء سلطان<strong>

ما أجمل أن يعيش الإنسان منفتحا على الكون ومؤمنا أن له أصدقاء في كل أنحاء الأرض. ولأنني تبنيت عقليته منذ يومها وأنا أعيش تجارب غارقة في لغزيتها. كان آخرها تجربة عشتها في رحلتي الأخيرة إلى الساحل الشرقي في أمريكا، ولم أشأ أن أكتب عنها احتراما لخصوصيات أبطالها، رغم أنها كانت من أجمل تجاربي وأكثرها دفئا!

لي صديق على الفيس، مع الزمن ومن خلال الرسائل المبادلة أصبحنا صديقين حميمين.

علي رجل فلسطيني، زوج وأب لستة أطفال، ومن خلفية إسلامية سنيَة، لكنه متحرر من أغلال الأديان.عاش قصة عذاب ونضال لا تصدقها لو رأيتها في الأفلام.

لاختصر القصة، عرف أنني سأزور المدينة التي يسكن بها فأصر بعزم على أن نتقابل. في البداية أحسست بالحرج وخفت من اللقاء مع زوجته، فالنساء بصورة عامة هن الأكثر تعلقا بأغلال الدين.تواعدنا في الفندق. جاء وتعانقنا كأخوة لم يروا بعضهم البعض منذ عقود!

تفاجئت بأنه جلب كل العائلة معه في سيارتين، واصر على أن نركب معه، ورحب بأصدقائنا الذين رافقونا من كاليفورنيا.

جمعتنا طاولة واحدة في مطعم فلسطيني، وراحت الأطباق تملأ الطاولة أمامنا، وأنا مشغولة بالحديث مع السيدة زوجته، حاملة الماجستير من جامعة بغداد، وغصنا في أحاديث لنخرج منها وجهين لعملة واحدة.

لا أعرف سرّ المشاعر الجميلة التي استعمرتني أثناء العشاء. الأولاد أحاطوا خصري وكأنني خالتهم التي لم يروها من سنين،والصغيرة تتوسل خذيني معك أرجوك.

نعم لك اولاد واقارب واحفاد وبنات أخت في مكان ما من هذا العالم، فكن منفتحا على الكون كي تلتقي بهم.

قصة السيد علي وعائلته تجرح شغاف قلبك، لكن نهايتها السعيدة تحلق بك إلى رحاب الله. لقد وجدوا في هذا البلد أيادٍ رحيمة أعادتهم إلى مستوى انسانيتهم. اتفقت مع علي والسيدة زوجته أن استقبل كل ولد من اولاده بعد حصوله على الثانوية العامة للدراسة في جامعات كاليفورنيا، ومع الوقت ينتقلون كلهم وذلك بسبب معاناتهم مع الطقس القاسي هناك، فلمدة ثمانية اشهر الثلوج تغمر المدينة، وطفلان من أطفاله يعانون من الربو. نشتغل الآن على أكبرهم سنا لارا التي نالت الثانوية.

اليوم قرأت بوستا على صفحته يحكي عن لقائنا، فتشجعت أن أكتب عن هذا اللقاء!

أقسم لكم أشعر وكأنني تركت ورائي طفلا من أحشائي، وأحلم بعودته إلى حضني.

عدت وتتملكني رغبة حارقة أن أساعد والدين رائعين للارتقاء بأطفالهم إلى حيث يوجد أولادي الآن.

تجاوزوا أحقادكم، ومهما اختلفتم مع شخص لا تسقطوه دون مستوى انسانيته! لا تدعوا دينا ولا فكرا ولا سببا يحجبكم عن اخوتكم في الإنسانية.

أنت الله عندما تصادق

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version