جلـ ... منار

طفل على الدوام

نشرت

في

كما هو شهر آب، أستمد من عينيه دفء الحياة والحياة بقربه حياة…هو أول من منحني شرف الأمومة وتوّجني باكليلها…لهذا يبقى مميزا في قربه من شغاف القلب!

<strong>وفاء سلطان<strong>

وجوده يذكّرني بأن الدنيا مازالت بخير، على حد قول جدتي ـ لروحها السلام: (إن خليت خربت). لن تخرب تلك الدنيا مادام يوجد فيها مازن وأمثاله، وسبقى الكون ـ رغم مآسي البشرية ـ بألف خير!… شفاف كالنسمة، رقيق كالجدول، حساس كقطرة الندى، أصفى من الماء وأعطر من الزهر وأكثر بهجة من قوس قزح. يبكي عندما تدمع عين لانسان، ويتألم عندما يهوى طير من السماء!

أحتجّ على ما يبدو لي منه ضعفا،فيرد: اللطف ـ يا أماه ـ ليس ضعفا، بل هو أرقى أشكال القوة.

يزداد احتجاجي: ليس إلى درجة تضع بها الناس أمامك!

فيرد بحزم أشد: مادام الناس من حولي بخير سأكون بخير!!

تعلمت منه أعظم درس أخلاقي في حياتي، الدرس الذي يصرّ على أنه لا يحق لأحد أن يحكم على أحد، وخصوصا إن لم يكن يعرفه عن كثب!

كنت واياه في طريقنا إلى مكان ما، وصلنا إلى تقاطع طرق، وكان الاشارة لنا خضراء، أوقف سيارته وبلمح البصر مد يده من النافذة وأعطى شحادا ورقة نقدية!

صرخت بأعلى صوتي: الطريق لنا، خاطرت بحياتنا لتعطي صريع مخدرات ما يكفيه ليشتري حاجته منها اليوم؟؟

جن جنونه، وراح يرتجف ويصيح: (ماما، من أعطاك الحق لتحكمي على رجل يطلب مساعدة بأنه صريع مخدرات؟)

حاولت أن أهدئ من روعه، وقلت: محافظ المدينة ورجال البوليس دائما يتوسلون للعامة بان لا تعطي هؤلاء أية مساعدة، لأن الحكومة تساعدهم، ولأنهم اختاروا تلك الحياة.

فرد: إن كان 99٪ من هؤلاء الشحادين صرعى مخدرات، قد يكون هو الـ 1٪، فلماذا أضيع على نفسي فرصة أن أساعده بها؟ لا تحكمي على شخص لا تعرفينه!

منذ يومها وحتى تاريخ تلك اللحظة لم أر سائلا واحدا إلا ومددت له يدي، ولسان حالي يقول: أخطأتُ وأصاب مازن!

………

قلتها مرارا وأكرر قولها: (إن الله يتجسد في كل طفل،لكن مع تقدم العمر، وكلما تعلمنا الحقد والغش والأنانية والشيطنة كلما تسلل الله من أرواحنا حتى يرحلنا إلى الأبد ويتركنا في ذروة رذائلنا، إلا من اختار ان يبقى طفلا)

مازن حتى تاريخ اليوم مازال طفلا كما كان في اللحظة التي استنشق فيها نفسه الأول..

مازال متمسكا بالله الذي تجسّد في كل خلية منه، ومازال مجسّدا لله في كل عمل يقوم به!

………

دالاي لاما يقول: (لكي تتبنى دينا لستَ بحاجة إلى معابد ولا إلى فلسفة. القلب هو المعبد، واللطف هو الفلسفة، وهذا باختصار ديني)

لقد ولد مازن ـ كما يولد كل انسان ـ بالفطرة على هذا الدين، لم أمنحه دينا من خياري، فظل على فطرته، يملك قلبا طفوليا مليئا بالحب واللطف!

………

كل عام وأنت بألف خير حبيب قلبي،أنت رسالتي الكونية، وأنا فخورة بأنني منحت الكون رسالة جميلة!

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version