قبل أن أنتقل إلى بيتي الجديد بشهرين، عدت مرة إلى البيت لأجد على البوابة علبة كرتون كبيرة كان قد تركها ساعي البريد.العلبة مرسلة لي شخصيا، ومكتوب عليها ” المحتوى قابل للكسر، انتبه عند النقل”.
فتحت العلبة لأرى نبتة طبيعية جميلة جدا،تحمل عدة زهور بيضاء تسر الناظر إليها ويوجد أيضًا كيس بحجم الكف، عليه صورة لزهور من كافة الألوان، وداخل الكيس بذور تلك الأزهار…. حتى تاريخ تلك اللحظة وأنا أتمنى من كل قلبي أن أعرف من أرسلها،إذ لا يوجد أي اسم يشير إلى مرسلها.
أثناء الانتقال إلى البيت الجديد نسيناها لمدة ساعة في السيارة، وكان الطقس حارا جدا،فعدنا لنراها ذابلة تلفظ أنفاسها الأخيرة…تمزق قلبي، فبدأت فورا محاولات انعاشها، يحدوني أمل أن فاعل خير وطالما أراد أن يسعدني ويبقى مجهولا،سيظل خيره مزهرا.
وفعلا، بدأت تنتعش من جديد يرويها الأمل الذي يسربلني، والنية الصافية لصانع الخير …ورغم بطء عملية الانتعاش ظلت تلك النبتة تتصدر زاوية رئيسية في مدخل البيت!
اليوم صباحا فوجئت بزهرة بيضاء تشرئب من النبتة،وتضفي على جو البيت رونقا جديدا وجميلا، فتعززت قناعتي بأن أجمل أشكال الخير،هو ذاك الذي تكون النية منه إسعاد المرسل إليه،وليست معرفة صانعه!
نسيت أن أقول: إن الأزهار التي توالدت من كيس البذور تشرق كل صباح، ومن كل زاوية في حديقتي لتبرهن لي على أن الدنيا مازالت بخير …
طوبى لصانعي الخير الذين لا يهدفون من صناعته إلا أن يشرق في حياة الآخرين،بينما هم يراقبون الفرح من وراء الكواليس