وهْجُ نار

“طوفان الأقصى”… مَنْ ورّطَ مَنْ يا تُرى؟؟

نشرت

في

ما سرّ التوقيت الذي تمّ اختياره لتنفيذ “طوفان الأقصى”؟ هل كان اعتباطيا أم كان مجرّد صدفة جمعت رمزية تاريخ حرب أكتوبر وتاريخ أول اختراق لجدار الخوف من الكيان واجتياز الخطوط الحمراء؟

<strong>محمد الأطرش<strong>

وهل هي الصدفة أيضا التي ارادت أن يكون تاريخ تنفيذ “طوفان الأقصى” قبل الانطلاق في إجراءات التطبيع بين الكيان والمملكة السعودية؟ وهل قدمت المقاومة دون أن تدري هدية للكيان لمحاولة القضاء على آخر عقبة امام توسيع رقعة التطبيع مع من تبقى من الدول العربية؟ وهل ثمة من أوعز للحركة الغزّاوية بتنفيذ الطوفان في هذا التوقيت لغاية في نفسه فانقلب الأمر على عكس ما يريدون وما ينتظرون؟؟ أم أن كل ما في الأمر هو استغلال نتنياهو لما فعلته الحركة الغزّاوية خدمة لمشهده السياسي الذي يعاني من الانقسام؟ فهل يصبح “طوفان الأقصى” مجرّد معركة لكسب الودّ وخلط الأوراق قبل الانتخابات التي ستشهدها ثلاث دول معنية بما يدور في الشرق الأوسط وفي العالم…؟؟

أسئلة عديدة ترافق الأحداث التي تجري اليوم في الشرق الأوسط، فما الذي يجعل الولايات المتحدة تتحرك عسكريا بتلك السرعة لنجدة مدللتها؟ وهل خطر تطوّر الأمر إلى حرب إقليمية في المنطقة وارد، أم أن الأمر مرتبط بالأساس بما يجري بين أوكرانيا وروسيا، خاصة أن أغلب الدول الأوروبية أسرعت لتقديم الدعم كاملا للكيان دون تحفّظ قبل حتى معرفة حقيقة ما جرى ويجري؟ فما الذي يجري بالضبط وهل اختلق الكيان كل تلك القصص الخيالية عن حرق جثث وقطع رؤوس الأطفال بالمستوطنات وغيرها من الروايات الغريبة لتبرير ما هي مُقدمة عليه في قادم الأيام، وقد يكون مخططا له منذ مدّة في مكاتب مظلمة بواشنطن؟ ثم لماذا أسرعت الولايات المتحدة لمجاراة الكيان في خلق الذرائع من خلال ادعائها قتل المقاومين للعديد من الرهائن من الامريكيين ومن جنسيات أخرى مختلفة وتبنيها لرواية إسرائيل عن هجوم السابع من أكتوبر بكامل تفاصيلها وجزئياتها دون التثبّت والتحري في مدى صحتها وصدقية مصادرها؟

والأهمّ من كل هذا لماذا وصل بهم الأمر إلى نزع الجانب السياسي عن حركة هنيّة وإظهارها في صورة مجرّد حركة إرهابية تقطع رؤوس الأطفال وتحرق جثثهم…حركة “داعشية” دموية، ألم يكونوا هم من صنعوا “داعش” وزرعوها في العراق ثم سوريا، وكأني بهم يريدون استجداء دعم الرأي العام العالمي والعربي وتحييد بعض الأصوات العربية التي صفّقت لما أتته الفصائل ليلة السابع من أكتوبر؟ فهل أعطت “الفصائل الغزّاوية” ذرائع القضاء على كل الرافضين والمقاومين للتطبيع انطلاقا من غزّة ووصولا إلى جنوب لبنان لتصبح طريق التطبيع مفتوحة أمام الجميع من المحيط إلى الخليج دون خجل أو خوف من ردود فعل الراي العام والشارع العربي؟

حين نغوص في ما أراد العرب قوله عبر بيان سيئة الذكر الجامعة العربية واستثناء “الحركة الغزّاوية” من كل تواجد في المشهد الفلسطيني، ندرك حقيقة ما يريده الكيان من خلال تمسكه بإبادة شاملة لـــ”الحركة الغزّاوية” وكل الفصائل المرتبطة بها وبما تفعله… فبيان “أبو الغيط” وجماعته ممن وافقوا على ما جاء فيه شدّدوا على “حق الشعب الفلسطيني في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة، على حدود الرابع من جوان 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”، وإطلاق “مفاوضات جادة بين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإسرائيل لتحقيق السلام”. وهذا يعني بالأساس إقصاء كل الفصائل الفلسطينية الأخرى والإبقاء على الفصيل الوحيد الذي قبل بالتطبيع كاملا تناغما مع اتفاقيات أوسلو وأهمّ ما جاء فيها حينها، تأكيد نبذ منظمة التحرير الفلسطينية للإرهاب والعنف من خلال منع المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، فالمقاومة تعتبر عند الكيان إرهابا.

 كما تعهد الجانب الفلسطيني بحذف البنود التي تتعلق بالمقاومة في ميثاقها كالعمل المسلح وتدمير إسرائيل وفي المقابل تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وتعترف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل (على 78% من أراضي فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة). كما نصّت الاتفاقيات على انسحاب إسرائيل من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1.5% من أرض فلسطين وذلك خلال خمس سنوات من تاريخ امضاء الاتفاقيات، ونصّت أيضا على أن تقرّ إسرائيل بحق الفلسطينيين في إقامة حكم ذاتي (حكم ذاتي وليس دولة مستقلة ذات سيادة) والذي أصبح يعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وغزة.

هل يعني ما جاء في بيان سيئة الذكر الجامعة العربية السماح ضمنيا من الدول المشاركة في اجتماعها الطارئ بضرب الفصائل غير المعنية بالبيان وعدم الاعتراف بما تأتيه والحال أنهم صفّقوا جميعا للأمر وهلّلوا له وبه في ساعاته الأولى… فهل أعطت الجامعة العربية ضمنيا الضوء الأخضر لضرب المقاومة وانهاء آخر أهمّ معاقل رفض التطبيع ومقاومته، وهل يدخل الحشد العسكري الأمريكي السريع والهام في ذلك الإطار؟ وهو ما يعني توسيع رقعة التدخل العسكري في قادم الأيام أو الأسابيع لتشمل جنوب لبنان وربما جنوب سوريا أيضا للقضاء نهائيا على كل نفَس رافض للتطبيع وإجباره على القبول بالأمر والانخراط في اتفاقية “ابراهام”… وقد يبدأ الكيان ومن معه في خلق الذرائع التي ستسمح له بغزو جنوب لبنان وجنوب سوريا للقضاء على ما تبقى من فصائل رافضة للتطبيع مع الكيان…

فهل هذا ما يبحث عنه حقّا الكيان؟ وهل أوجدت “الحركة الغزّاوية” للكيان مبررات ما يقع في غزّة وفي أهل غزّة والقطاع عموما؟ وهل يسعى الكيان من خلال الحملات المضللة والمشيطنة والإعلامية الواسعة لما حدث في المستوطنات ومن خلال افتراءات وخلق لروايات وهمية حول عمليات حرق جثث وقطع رؤوس أطفال، لتعبئة وتجنيد وتحويل وجهة الراي العام العالمي والغربي بالخصوص لمجاراتها والوقوف إلى جانبها في ما هي مقدمة عليه، وهل يعني بيان سيئة الذكر الجامعة العربية موافقة ضمنية للحرب المسعورة على غزّة من أجل انهاء وجودها فعليا؟ فماذا يعني طلب الكيان من سكان غزّة مغادرتها فهل هي مُقدمة على إبادة وحشية شاملة قد تستعمل فيها أسلحة غير تقليدية محرمة دوليا؟…

وهنا يمكن الوصول إلى السؤال الأخطر في هذه المرحلة…هل ستضطرّ إيران للتورّط في الحرب لو تمّت مهاجمة جنوب لبنان بغاية القضاء على حزب الله وكل الفصائل المتضامنة معه أم تقرأ المشهد جيدا وتكتفي بالمشاهدة؟ إن وقع ذلك فهذا يعني ان هذه الحرب مخطط لها بكل تفاصيلها وجزئياتها والغاية أكبر من مجرّد القضاء على المعارضين للتطبيع وعلى ما يعرقل عمليات التطبيع ويفشل توسيع اتفاقية “ابراهام”…فهذا يعني ان الولايات المتحدة وحلفاءها يريدون وضع يدهم على كل الشرق الأوسط حفاظا على مصالحهم وتحسبا لما يخطط له التحالف الصيني الروسي ومن معهما وربما خدمة لأجنداتهم الانتخابية القادمة…لكن هل تغامر إيران بدخول الحرب لحماية مصالحها ومصالح المتحالفين معها، خاصة أن روسيا لن تكون قادرة على دعمها إن تمّ حشرها في مستنقع الكيان…كما أن الصين لن تغامر بالدخول في حرب مستنقع، وقد تكتفي بمشاهدة خصومها يتآكلون اقتصاديا وعسكريا…وسياسيا…

خلاصة الأمر…على المواطن العربي أن يسأل سؤالا واحدا قد يخامره بعد ان انكشفت عورته وتلاشت هيبته…فرقعة التطبيع تتوسع كل يوم وأغلب حكام العرب يهرولون نحو التطبيع لنيل رضى من سرق أرضهم وشتت أبناءهم وهتك عرضهم … فالتطبيع أصبح عند بعضهم مجرّد ورقة لكسب الانتخابات…والإبادة أصبحت أيضا ورقة انتخابية يرفعون بها أسهمهم أمام الخصوم والمعارضين…والسؤال هو: لمن يكدّس بعض حكام العرب السلاح منذ عقود في مخازنهم؟ أليس لحماية أرضهم من الكيان أو لردعه إن حاول الاعتداء عليهم؟ أم هو فقط لتأديب بعضهم البعض وضرب شعوبهم؟ لماذا يصرّ بعض حكّام العرب على البقاء حفاة عراة من الكرامة والعزّة وهم يملكون كل ما يمكنهم من حماية أراضيهم وستر عوراتهم؟؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version