وكأن هذا الوطن المسكين يسعى جهده جريا الى الخلف تجاوبا مع رياح الشر و سوء الحظ التي ضربته في مقتل !! الكورونات متعددة النماذع والاصول و السلالات تجمعت في مملكة واحدة لتنضم الى عرس كورونا قديمة جديدة نسميها البيروقراطية ..
و قد توسعت هذه واتخذت لها مكانة مميزة ففرخت سلالاتها التي تمكنت من كل قطاعات البلاد ..وكأنّ ادارتنا السابقة التي اطنبنا في مدحها واثبتت انها جديرة فعلا بالاحترام قد تم تلقيحها بجرعات كوكتيل جمع بين الجهل و التكلس و الفساد ووضع قدسية العمل و الكفاءة والحزم آخر الطابور … و بما أننا تتحدث عن الطابور، يستوجب علينا ان نتذكر معنى الطابور الخامس الذي كنا نسمع عنه و نحن أطفال. اليوم تعددت الطوابير العاصفة بوطن جميل، اصبح عش طوابير …
في عهد ما قبل انتفاضة 2011، عهد تم توصيفه بالدكتاتورية كانت لنا ادارة عتيدة، ومسؤولون ذوو حضور. و حزم و تسيير و قوة تحليل و زجر واحترام لنواميس القانون و هيبة دولة ..ادارة عتيدة تؤدي خدماتها، قد تخطىء و تصيب لأنها تعمل و تواجه و تتخيل الحلول لكننا اليوم أصبحنا و امسينا كالايتام في مآدب اللئام ونتهامس المقارنة بين ادارة “الدكتاتورية “وادارة ما بعد الانتفاضة… وما كنا نعيشه من مشاعر و نسب رضى بينهما، بين ادارة ماقبل 2011 وادارة تراقص مجمل الكورونات التي ضربت الوطن في مقتل …
ادارة ما بعد ثورة تم تلقيحها و تطعيمها بكل اللقاحات العفنة والافرازات الموبوءة . تم حشرها بكل ضروب الرداءة و التهاون والكسل وحتى التمرد على اعتى القوانين وتم رفس ما تبقى منها من مقومات ادارة تنتظر التاهيل والتطوير ومواكبة تطور العالم ودفع التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد …ادارة الامس جمعت كفاءات من المدارس العليا مثل كفاءات المدرسة الوطنية للادارة لنرى ان كل شيء تبخر اليوم ولم يبق من البناء ألا ظلاله ..
كسل و تهاون و غباء و انقلاب المفاهيم كاستبداد المرؤوس على رئيسه وكانه يمارس عليه عقدا من المازوشتية والسريالية و اشباع نهم ما يسميه الطب النفساني ” عقد الاسم” التي كانت كامنة. فيه ..لا ذنب لقطيع تم حشر ادارة وطنية به ..لا ذنب لكسول أو مهمل وجد مناخه الملائم وجوّه المحبب ضمن جهاز سياسي و اداري متخاذل أمام كل أنواع البلطجة و قطع الطرقات ومجالسة قاطعي موارد الشعب وناهبي خيراته. ولا أحب في ذلك مادمنا نرى نماذج سلالاتهم صلبة السلطات النافذة حتى لاصبح اليوم الموظف المنضبط الذي يحترم نفسه وعمله فيروسا بين جسم من سلالات دفعت بهم منظومة الحكم …
(الحلقة القادمة :نماذج من البيروقراطية. ولماذا تأخر وطن عن الركب ؟ لماذا انهارت جل القطاعات؟؟)