جور نار
عشرُ حكايات طريفة احتفظت بها دفاتر التوجيه عبر السّنين
نشرت
قبل 11 شهرفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiriهذه ورقة تُريد لنفسها أن تكون مرِحة صرفة لا غرض من وراء نظمها سوى التّرويح على النفس وتهوئة أيّامنا المُعوزة وتمضية بعض الوقت مع حكايات طريفة.
هذه الحكايات هي من الواقع عشتُها شخصيا ولا مجال فيها للتركيب أو التأليف وأشعر أنه قد يكون من المُفيد تقاسمها معكم…والدليل على طرافتها أن ذاكرتي الهرِمة مازالت تحتفظ بها إلى يوم الناس هذا. وقد حذفت منها بطبيعة الحال الأسماء الحقيقية وكل التفاصيل الغادرة حفاظا على خصوصية أصحابها وتأكيدا على براءة مقصدها.
الحكاية الأولى : تضمن الدولة مقعدا لكل طالب جديد
كان شغفها مثل آلاف التلاميذ التونسيين كبيرا بشعبة الطب وكانت مسيرتها الدراسية متميزة جدا خلال كل المراحل إلا أن مجموعها النهائي خذلها وحال دون تحقيق طموحها الأكبر في تلك السنة… فكتبت مطلبا وضعت فيه كل ما تملك من قوّة تعبير ومن فِطنة وذكاء كذلك، قالت فيه “… كنتُ الأولى دائما منذ السنة الأولى ابتدائي ولولا هفوة صغيرة في اختبار الفيزياء يوم امتحان الباكالوريا لتحصّلتُ على أفضل المعدّلات… أرجو أن تراعوا هذا وأن تُمكّنوني من دراسة الطب حلم حياتي وأنا مستعدّة لأن أجلب معي كرسيّا خاصا أجلس عليه أو حتى أفترش الأرض داخل القسم حتى لا آخذ مقعد طالب آخر…”.
الحكاية الثانية : القيام ببحث سرّي
“…أقسم لكم سيدي الوزير أن لي رغبة ملحة في الصيدلة مع إمكانية الحصول على اختراع brevet إثر البحث الذي سأقوم به في أطروحتي والخاص بنبات برّي تونسي جرّبه والدي بصفة سرية ضد الروماتيزم.” هكذا علّلت إحدى الناجحات في الباكالوريا مطلب إعادة التوجيه الذي تقدّمت به للحصول على شعبة الصيدلة.
الحكاية الثالثة : بين ضحيّة وعُشاها
سي عبد المُعطي قرّر فجأة العودة من ألمانيا بعد أن قضّى فيها سنوات عديدة مع عائلته وكان من أوّل الصعوبات التي واجهتهُ تسجيل أصغر أبنائه (مستوى باكالوريا) بالمعاهد التونسية وتمييزه بإجراءات خاصة جدا تُمكّنه منها وزارة التربية لاجتياز امتحانات باكالوريا رياضيات، خاصة بالنسبة إلى مواد الفلسفة والفرنسية والعربية … وبعد رحلة طويلة تمكّن (فائز) من النجاح في الباكالوريا ولكن بمعدّل متوسط لم يسمح له بالحصول على شعبة “اللغة والآداب الألمانية “، فعاد إليّ مذعورا ورافقته في توجيه ملف خاص إلى وزير التعليم العالي وبقينا في انتظار الرد.
تأخّر ردّ وزارة التعليم العالي نسبيا لكن صديقنا لم يتردّد في التعبير عن انشغاله خاصة مع اقتراب موعد انطلاق السنة الجامعية الجديدة فقال لي : سامحني سي فلان
ça devient vraiment « inquiétable » على خاطر المشاكل هاذي في ألمانيا تتحلّ بين ضحية وعُشاها.
الحكاية الرابعة : الشيميك فيزي
كان السيد “ش” موظفا بمصلحة التجهيز بإحدى المندوبيات الجهوية للتربية وكان مسؤولا عن تزويد مخابر الفيزياء والكيمياء بمستلزمات التجارب والمستحضرات من مجاهر ومحركات مغناطيسية ونماذج للقلب البشري وعدسات بصرية ومعدّات مخبرية… راجعني مُدافعا بشراسة عن ملف إعادة توجيه مدرسي لتلميذة من عائلته وأجهش بالجملة التالية : والله صدقني طول عمرها باهية في les matériels scientifiques وخاصة في الشيميك فيزي لكن هذا العام للأسف تراجعت أعدادها قليلا ونجحت بمعدل متوسط.
الحكاية الخامسة : المعهد الوطني للنخيل بقابس
كنت بصدد تنشيط حصّة إعلامية مع تلاميذ الباكالوريا في أحد معاهد الوطن القبلي وكان يُرافقني مدير تلك المؤسسة. وفجأة قاطعني هذا الأخير مستغلاّ إشارة مني إلى التنافسية الشديدة التي تشهدها بعض شعب التعليم العالي وما يُحتّمه ذلك من ضرورة العمل الجادّ بشكل مبكّر من أجل الحصول على أفضل المعدلات … وتوجّه إلى التلاميذ : ما قاله الأستاذ صحيح لكن هاني باش نزيد نفسّرلكم أكثر، راهو كان ما تخدموش على أرواحكم من توّة يا إمّا ما تنجحوش جِملة وإلا تنجحو بمعدل ضعيف وترصّيلكم تقراو في المعهد الوطني للنخيل بقابس !
أكّدت له بعد انتهاء الحصة أنه لدينا معهد عال للغابات والمراعي بطبرقة لكنه لا يوجد معهد وطني للنخيل بقابس. فردّ عليّ مازحا : أنا متأكد أنهم سيبعثون مثل هذه المؤسسة طال الزمن أم قصر ! فمازحتُه بدوري قائلا “وأنا متأكد مثلك أنهم سيبعثون المعهد العالي للرمّان بتستور قريبا”.
الحكاية السّادسة : تقنيات علوم القضاء
كان لدينا منذ 20 سنة تقريبا شعبة جامعية قصيرة أُطلق عليها تسمية “تقنيات علوم القضاء” وهي شعبة تنتمي إلى مجال الحقوق والعلوم القانونية لكنها كانت مُمَهننة أكثر ويتخرّج منها (نظريا) أعوان المحاكم ومساعدو المحامين وعدول التنفيذ والإشهاد والمترشحون للعمل بمكاتب الاستشارات القانونية، الخ…
بعد انتهاء جميع عمليات التوجيه الجامعي وعند فتح دورة النّقل وإعادة التوجيه، زارني تلميذ تونسي حاصل على الباكالوريا من أحد المعاهد الفرنسية بتونس وكان محتجّا على الشعبة التي تحصّل عليها مُطالبا بتمكينه من شعبة جامعية أخرى بدلا عنها. فسألته عمّا يُزعجه في الاختصاص الذي تحصل عليه والحال أن ذلك هو ما طلبه في الرتبة الأولى على بطاقة اختياراته (بعد مراجعتها في السجل الإلكتروني لباكالوريا ذلك العام)… لم ينفِ كونه عمّر ذلك الاختيار في المقام الأول لكنه أكّد لي أنه لا يُتقن اللغة العربية وبحكم أنه لا توجد ترجمة فرنسية لشعب التعليم العالي “خِلتُ أنكم تقصدون “تقنيات علوم الفضاء” techniques spatiales les وليس علوم القضاء !
الحكاية السّابعة : من الوريد إلى الوريد
هذه مهنٌ رصدتها في مطالب بعض الطلبة المترشحين لدورات إعادة التوجيه :
- مهنة الوالد : عون مخابرات (والمقصود حارس غابات مكلف بالإشعار في حالة نشوب حرائق)
- مهنة الأب : تصليح الدراجات العادية والنارية أحيانا
- الأب تاجر نباتات برية نافعة وغير ضرورية (والمقصود نباتات غير ضارة)
- أبي لا يعمل بصفة مسترسلة وسلوكه مضطرب جدا مرة هكة ومرة هكة ما تعرفش عليه من الوريد الى الوريد.
الحكاية الثامنة : 3 مطالب إعادة توجيه باسم نفس الفتاة
ورد على الإدارة العامة للشؤون الطالبية بوزارة التعليم العالي ذات سنة ثلاثة مطالب إعادة التوجيه باسم نفس الطالبة الجديدة الناجحة في الباكالوريا، وما كان لافتا للانتباه أيضا أن الشعب المطلوبة كانت مختلفة ومتواجدة بجهات مختلفة وأن المطالب كانت مكتوبة بخطوط مختلفة. وبعد التثبّت اتّضح أن المطلب الأول كان من وضع والدها القاطن بالدندان والراغب في إعادة توجيه ابنته إلى كلية الآداب بمنوبة غير بعيد عنه ونِكاية في والدتها المُطلّقة، والمطلب الثاني حبكته والدتها القاطنة بالمنزه والراغبة في إعادة توجيه ابنتها إلى المعهد العالي للغات بحي الخضراء بالقرب من مقر سكناها، والمطلب الثالث من صنع التلميذة نفسها التي أرادت التمرّد عليهما معًا فطلبت شعبة بجامعة المنستير للإفلات من “حبّ لأبويها لم تعد تعرف كيف توزّعه” كما قالت أو ربّما لمُعاقبتهما – حسب رأيي- على ما فعلاه بها.
الحكاية التاسعة : انعدام الثقة في مصداقية الإدارة وضرورة مُراوغتها
تلك ظاهرة حقيقية يتقاسمها الشباب الناجح في الباكالوريا ولمستها شخصيا لدى عدد غير قليل من المترشحين للتوجيه الجامعي، وتتمثل في قولهم بأنه يستحيل على الإدارة التونسية أن تُمكّنك من اختيارك الأوّل حتى وإن كان لك الحقّ في ذلك، وبالتالي هم يلجؤون إلى ما يسمّونه “مُراوغة الإدارة” بوضع الشعبة المرغوب فيها بشدّة في الترتيب الثاني … فيتحصلون أحيانا من سوء حظهم على الاختيار الأول الذي لا يرغبون فيه في الواقع.
الحكاية العاشرة : المُعرّف الوحيد
كان يُطلب من المترشحين لإعادة التوجيه الجامعي ضمن الملفات الاجتماعية، رقم المعرّف الوحيد للأب المنخرط في صندوق الضمان الاجتماعي أو صندوق التقاعد للتأكد من حقيقة الوضع الاجتماعي للعائلة. ففي إحدى المرّات بدلا من وضع رقم أو رمز الانخراط كتب أحد الأولياء :
المعرّف الوحيد : زوجتي.
تصفح أيضا
محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
القدس… بلدية الاحتلال توزع قرارات هدم في سلوان
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
استطلاع
صن نار
- صن نارقبل ساعتين
حسب صحيف أمريكية… شتائم واعتداءات جسدية بين أعضاء فريق ترامب
- ثقافياقبل 3 ساعات
في سهرة البارحة… الصين تفتتح أيام قرطاج المسرحية
- فُرن نارقبل 11 ساعة
السيد معتمد سليمان… ما هكذا تساق الجرارات!!
- منبـ ... نارقبل يومين
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل يومين
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل يومين
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل يومين
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل يومين
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟