أتابع كعادتي ومثلكم تماما ما يجري على الساحة من احداث … المحلّية منها والعالمية …وبقدر ما يحاول البعض تكوين فكرة عقلانية جليّة وصحّية عمّا يجري بقدر ما اجد العديد منّا لا يمكن وصفهم الاّ بالعقل المريض …وفي المرض عادة نستظهر باجازة مرضيّة قد نلجأ اليها عند الحاجة …. لكن في هذه الحالة يزعم هؤلاء وباصوات عالية صاخبة انّهم هم الاصحّاء هم الحقيقة وما دونهم هم المرضى ان لم يكونوا خونة وعملاء وازلام ….
لنتفق اوّلا ان لا احد يمتلك الحقيقة المطلقة …وانّ العاقل فينا من يستمع اكثر مما يتكلّم وان يؤمن خاصة بحريّة الاخر في التعبير عن آرائه …هل هذا هو واقعنا ؟؟ للاسف واستنادا الى الموضة الجديدة _ حريّة التعبير _ والتي زعم البعض انّها انجاز عظيم تحقّق في تونس بعد 14 جانفي … الواقع مختلف جدا …فحريّة التعبير اصبحت امّا وقاحة وثلب وسباب او حرّية التبعبيع لاكباش جائعة …هذه الطائفة من الاكباش الجائعة لم تفهم بل ليست مستعدّة ان تفهم انّ حرية التعبير هو كسب مشترك او لا تكون …لذلك هم يبعبعون في ايّ حوار دون ان يتركوا الفرصة للاخر حتى بالتعبير عن فقرة …عن جملة …عن نصف جملة … هؤلاء ما آمنوا يوما بعلوّ الحجة ..هؤلاء جماعة علوّ الصّوت .. تماما مرّة اخرى كالاكباش الجائعة …اقول هذا وانا استعرض امامي اصواتهم العالية مكتوبة هذه المرّة في التعليق على احداث الصور الكاريكانورية المسيئة لرسولنا الكريم وما تلاها من ردود افعال …انّ استنكار ما قامت به شارلي ابدو امر لا يُجادل …ولكن ما هو مؤلم ان تكتفي هذه الاصوات بتلك الكارنافالات من التدوينات وعقولهم في اجازة مرضية …اين التنديد العلني الصريح بما وقع في كنيسة نيس …؟ حتى الصمت في مثل هذه الاحداث هو مبايعة ضمنية …خاصة وهي تصدر عن اناس يدّعون الدفاع عن الاسلام وعن رسوله الكريم …هم لم يقرؤوا يوما عن وصايا الرسول لاصحابه ولجنده في ايّة واقعة ؟؟ الم يكن ينهاهم عن عدم المسّ والاعتداء على الاطفال والشيوخ والنساء والرهبان في دير العبادة ؟؟ بعض هذه الاكباش الجائعة وكعادتهم يهللون ويكبّرون لمهديهم المنتظر اوردوغان …وهم لم يفهموا او هم لا يريدون فهم خبايا المعارك السياسية بين اوردوغان والعديد من جيرانه في اوروبا ..اليونان قبرص اذربيدجان والارمن و ليبيا الشقيقة ….وانّه عثماني بالاساس ولا كما يتصوره البعض اسلاميا …هل يعرف هؤلاء انّ 57 في ال 100 من حديد اسرائيل المستورد لبناء الجدران العازلة في الاراضي المحتلة هو من عند تركيا اردوغان …؟.. هل ارسل اوردوغان ارهابيا واحدا من جنده ليقوم بتفجير نفسه في القدس امّ قضايا المسلمين ؟؟.وانا اعرف مسبقا انّ ردود فعل هؤلاء تجاه ما اقول ستكون امّا بالتكذيب لمن مازال يحترم فيّ بعض الذرّات او بالتكفير …متى نفهم جميعا انّ ما وقع في فرنسا بعد الرسوم الكاريكاتورية وبعد احداث نيس رغم بشاعته والتي نندّد بها من هذا الجانب ومن ذاك …هي تحوّلت اعلاميا فيما بعد الى معركة مصالح …ماكرون من اجل كسب اصوات على حساب غريمته ماري لوبان ..واوردوغان من اجل طموحاته العثمانية ليكون له اكثر من قدم في البحر المتوسط …ونحن ؟ ما هي مصالحنا في هذه المعركة ..؟؟ لا شيء ..لا شيء .. لا شيء …انّ مقارعة هذه الدّول لا جدوى منها بالجعجعة والبعبعة والقعقعة …العلم والعمل هما الرافدان لاّي حركة في التاريخ …من لا يملك العلم والعمل اي القوّة لتطوير واقعه لن يكون الا كمن يصرخ في الصحراء …دون مُجيب ….الّا صدى عقله المريض …