أعطت نخب و طلائع المسار الفلسطيني في الثلاثينات وفي اواخر العشرينات و ضحت بالنفس و النفيس لأجل وطننا فلسطين .و هذه نخبه السياسية الإقطاعية تلعب دورها القيادي و تؤسس اللجنة العربية العليا بقيادة مركزية القطر العربي الفلسطيني دون أن تنسلخ عن امتها أو محيطها العربي … و تعقد اجتماعها القومي العربي الأول في القدس و يكون جوهر الاجتماع وحدة الأمة وحريتها، و مقاومة قيام وطن قومي لليهود في فلسطين وفق وعد بلفور البريطاني عام 1917 ..
و تبرز ثورة يافا المسلحة في عشرينات القرن الماضي والتي امتدت بارجاء فلسطين، ثم تتبعها ثورة البراق 1929التي ساهمت فيها طلائع الشعب و مدنه وقراه.لتصل إلى تحرير المدن و انحسار قوات الجيش البريطاني، وسيطرة الثوار على المدن …و ترسل بريطانيا تعزيزات عسكرية و تشن حملة اعتقالات طالت في ذلك الزمن سبعة آلاف سجين و ثائر فلسطيني.و صادرت أسلحتهم و حرمت عليهم حمل السكاكين و أي شيء حاد، و هدمت أكثر من خمسة آلاف منزل و قامت بحملة اجرام بهدف ترهيب الشعب الفلسطيني و الحد من مقاومته .
في تلك الحملات العدوانية، أعدم المحتل البريطاني العشرات من أبناء شعبنا.. محمد جمجوم و عطاء الزير و حجازي و الشيخ فرحان السعدي الصائم الطاعن بالسن . و قتل الشيخ السوري عز الدين القسام .مشعل نار ثورة فلسطين الكبرى عام 1935.و يتلوها ثورة عام 1936….و حصل أطول اضراب في التاريخ تعبيرا عن تمرد الشعب الفلسطيني وتمنعه و رفضه الانصياع لقوانين المستعمر و محضونته الصهيونية …و التاريخ يذكر أن السيد كاظم الحسيني جد عبدالقادر الحسيني استشهد أثر تعرضه للضرب في مظاهرة ضد السلوك الاستعماري البريطاني بتسريب مهاجرين صهاينة مسلحين إلى التراب الفلسطيني .
و هل ننسى مفتي القدس محمد الحسيني؟ وهل ننسى ابو ديه و القائد العام ابو ابراهيم؟ و هل ننسى عبد الرحيم محمود و الجولاني و اخيرا عبد القادر الحسيني الذي قاتل بشراسة لكن العرب خدعوه بعدم تقديم السلاح؟ و مع بزوغ سواد يوم النكبة كانت طلائع الشعب الفلسطيني تنتمي للأحزاب العربية من قومية إلى إخوانية و غيرها و اكتشفوا عجز و نفاق هذه الأحزاب و توجهوا لتشكيل ألوية فلسطينية خالصة نحو تحرير فلسطين فكانت طلائع القوميين العرب من جورج حبش إلى عبد الناصر تدعم العمل الفدائي…الى ان ظهرت حركة فتح فأعادت للنضال الوطني زخمه و رفعت شعار فلسطينية و عربية و أممية توجه الثورة …..
زجت هذه الطلائع بأنفسها في مقدمة الثوار … فهذا صبري صيدم و ابو عمار و ابو جهاد و ابو يوسف النجار و كمال عدوان و ابو اياد و أحمد جبريل و طلعت يعقوب و نايف حواتمه و ابو العباس و سمير غوشه…و ابو علي مصطفى .. و وديع حداد و غسان كنفاني … و بسام الشكعة و فهد القواسمه و محمد ملحم … و كريم خلف … و الشيخ بيوض التميمي… و ابو علي شاهين … و المئات جنود مجهولون، اعطوا و لم يأخذوا … و هذا كبوتشي و هذه مسيرات فلسطينية و شلال دم لم يتوقف …
و عند عودة السلطة على أنقاض الانتفاضة، تغير كل شيء و حتى المفاهيم تغيرت و تم اختراق الفصائل، و تم احتواء كل قراراتها الوطنية من قوى لا تمت لعقلية الفداء و التضحية بأية صلة …خسرنا التعبئة الوطنية و غيرها من مفاهيم الثورة و القتال …وخسرنا كل ما تمت التضحية لأجله و أصبحنا تتسابق على موقع أو مركز في سلطة اسمها سلطة الحكم الذاتي الإداري لمناطق الأرض المحتلة ..و اصبحوا يحسبون علينا انفاسنا و مجرد تفكيرنا بالعقل الباطن . و فرضوا علينا تغيير مناهج التعليم و مفاهيم تتناقض مع مفاهيمنا الوطنية .
و لهذا كله انخرطت الفصائل في البحث عن مكاسب و منافع و مواقع لها .و كل هذه البضائع أصبحت الآن مستهلكة و منتهية الصلاحية سواء علمانية أو اسلاموية…و الشعب الفلسطيني لن يسلم مقاديره و مصيره لتجار المصالح الشخصية من هنا و هنالك… و أنا اقترح نخبا من الايدي النظيفة التي لم تتلوث بمسارات تطبيعية، و لم تنخرط في منظومة الإفساد والمفسدين … و دون ذلك سيأتي يوم يوقعون فيه تنازلهم عن كل فلسطين مقابل بطاقة عبور لكبار الشخصيات .v.ip. خلصونا….قرفناكم