يا حسرة لما كان الإعلام سلطة رابعة: يراقب.. ينقد.. ينصح.. يفضح.. كان بمثابة المعارضة التي تهدي للسياسيين عيوبهم.. لكنها معارضة دون أهداف سياسية: فلا هي تطمح لانتخابات و لا مناصب..
أما اليوم فيبدو أن التحزب طغى على الوطنية و المواطنة.. بعضهم مستعدون لدفع البلاد نحو الأسوإ في سبيل تسجيل هدف لهذا الحزب أو ذاك.. و لعل ما تم ترويجه في اليومين الأخيرين من إشاعات خير دليل.. فالمتمعن في نوعيتها و توقيتها يتأكد أنها لم تكن بريئة.. ففي البداية انشغل الناس بصورة رئيس مجلس النواب وهو يتناول فطور الصباح.. صورة راجت رغم أنها لا تحتاج لفراسة و ذكاء و تمحيص حتى نتأكد أنها مفبركة..
ثم بالله ماذا يهم المواطن المهدد بالكورونا و الفقر من مكونات فطور الغنوشي..!! يأكل كرموس يأكل هندي يأكل بسيسة: هو حر.. لكن من الواضح أن ترويجها كان لغايات.. ثم روّجوا خبر وفاة الحبيب الصيد ربي يطوّل في عمرو.. و لا نتصور أن مختلق هذه الإشاعة اختلقها بكل براءة أو كرها في الحبيب الصيد.. طبعا لغايات قد تتقاطع مع مروجي صورة الغنوشي..
و قبل هذه و تلك روجوا فيديو الجثث في مستشفى الرابطة على أساس أنها في غرفة لجمع الفضلات ليخرج الدكتور حمدون و يكذّب الخبر.. و الغريب أن تقفز وسيلة إعلام بجيشها العرمرم من الصحافيين و الفنيين و المديرين على الخبر/الإشاعة و تردده و تعطيه شرعية.. ففي مخيال التونسي الجريدة و الإذاعة و التلفزة ما يكذبوش..
و لكن يبدو أن هذه المصادر ولات تكذب.. لكن موش كذبة بيضاء.. بل كذبة إثارة..