. نحتفل اليوم الخميس 13 ماي 2021 بعيد الفطر المبارك، الذي يأتي هذه السنة -كما في السنة الفائتة- في ظرف صحّي صعب بسبب إنتشار جائحة كورونا، وفي ظرف إقتصادي خطير بسبب عجز ميزانية الدولة المتزايد على الإيفاء بتعهداتها تجاه مختلف أبواب الإنفاق السنويّة.
ولكن هل كان بالإمكان تحقيق نتائج اقتصاديّة وصحيّة أفضل في ظلّ المشهد السياسي والاجتماعي الراهن؟ قطعًا لا… وألف لا.. فصراعُ الدّيَكة الدّائر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة منذ أشهر سواء مباشرة أو بالوكالة عن طريق عدد منالإعلاميين (مدفوعي الأجر) أو النوّاب من مجلس باردو قد نزل بالعلاقة بينهما إلى حضيض الحضيض، وجعل من المنصِبَينِ الإعتبارِيَينِ في الدولة مُجرّد قوقعَتَين فارغتين لا يُرجى منهما خيرا، وكما إنقاد أنصارُ هذا وذاك في المعركة بين الرجُلين، دخل عدد من قادة الأحزاب على الخطّ للدفاع عن حليفهم ومهاجمة غريمهم… فجماعة النهضة وقلب تونس وإئتلاف الكرامة تمترسوا وراء هشام المشيشي فيما وقف جماعة حركة الشعب والتيّار الديمقراطي وراء قيس سعيّد.. ومثلهما إصطفّ عدد من أساتذة القانون الدستوري وشُرّاحه وراء هذا أو ذاك.
وقد إستغلّت النقابات هذا الوضع المضطرب لكي “تِتحَل في العريض” وتخرج علينا كلّ يوم بشروط ومطالب تبدأ جميعها “بالدفاع عن التونسيين ومنظومة الصحة أو التعليم أو النقل.. إلخ) لتنتهي بزيادة الأجر وخلق مِنح جديدة أو الزيادة في منح قديمة” .. والغريب أنّ أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل سرعان مايُزكّون هذه المطالب ويقفون مع أصحابها طمعا في مساندة النقابات العامّة النافذة للمركزية النقابية في سعيها المحموم لتعديل الفصل العشرين من النظام الداخلي للمنظمة الشغيلة وذلك للبقاء مدة نيابية أخرى.
وبالنسبة للوضع الصحّي فإنّ مجهود الحكومة في الإقناع أو الزجر لِحَمل المواطنين على الإلتزام بتنفيذ قرارات اللجنة العلمية الوطنية في خصوص إرتداء الكمامة أو التباعد، كثيرا ما تذهب سُدى بسبب خرق الأحزاب لهذه التعليمات، مثلما حصل يوم السبت 27 فيفري 2021 حين خرجت مسيرتان حاشدتان، الأولى شارك فيها عشرات الآلاف من أنصار أكبر حزب سياسي بالبلاد حركة “النهضة” ورفعت شعار “الدفاع عن الشرعية والبرلمان”، بينما كانت الثانية من تنظيم حزب “العمال” و”اتحاد القوى الشبابية” ونددت بـ”عبث المنظومة القائمة” خلال السنوات العشر الأخيرة ومسؤوليتها عن الأزمات المختلفة في البلاد،
في حين نظّم الحزب الدستوري الحرّ يوم 7 مارس تظاهرة حاشدة أمام قصر البلدية في مدينة باجة وذلك بعد اجتماع مماثل في مدينة سوسة في إطار ما سُمّي بـ ”ثورة التنوير” إحتجاجا على تردي الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتنديدا بسياسات الحكومة ورئاسة البرلمان.وبالامس الأربعاء 12 ماي حضر راشد الغنّوشي رئيس حركة النهضة مع عدد من قيادات الحركة وعدد من نواب الكتل البرلمانية وجموع ضخمة من المواطنين جنازة النائب المؤسس وعضو مجلس نواب الشعب عن دائرة الكاف، المرحوم مختار اللموشي الذي تُوُفّيَ بعد صراع مع فيروس كورونا وقد دُفن الفقيد بمقبرة بنعنين بمسقط رأسه بولاية الكاف.
وقد حصلت كل هذه المظاهرات والتحركات في تحدّ تامٍ للبروتوكول الصحّي الذي دعا إليه أعضاء اللجنة العلميّة… ولذا، فإنّ وجود قيس سعيّد وهشام المشيشي وراشد الغنوشي في المشهد السياسي التونسي سيكون حجر العثرة أمام تعافي الاقتصاد والقضاء على الوباء… لأنّ هذا الثلاثي المقزّز هو الوباء عينه.