ضوْءُ نار

عيد النصر… وبورقيبة الرئيس وليس الكراكوز

نشرت

في

أول أمس الثلاثاء غرّة جوان تاريخ له وقعه الخاص في تاريخ تونس الحديث… حيث عرفت البلاد عودة الزعيم الحبيب بورقيبة من منفاه في مثل ذلك التاريخ من سنة 1955 … وبعيدا عن تأليه الرجل، أعتقد أنه إنسان وطني أحبَّ بلاده وعمل ما في إستطاعته لبنائها بعد خمس وسبعين سنة من الاستعمار الفرنسي…

<strong>محمد الهادي البديري<strong>

وككلّ بشر كانت له محاسنه وسيّئاته، ولكنّ شأنه كزعيم وطني قد كبُر وتعاظم بعد سنوات حكم زين العابدين بن علي وما رافقها من ظلم وكبتٍ للحريات وإطلاق أيادي الطرابلسيّة وحلفائهم للعبث بخيرات البلاد، ثمّ إزداد إسم بورقيبة وزنا وقوّة بعد الثورة وما رافقها من تكاثر الأحزاب التي عملت على نهب خيرات البلاد التي تركها بورقيبة وبن علي في خزينة الدولة وسعت لتقسيم الغنائم على منتسبيها وتوزيع المناصب الأولى في الدولة والمؤسسات العمومية على منخرطيها دون إشتراط شرط الكفاءة.

وبمناسبة “يوم النصر” الذي أُطلق على غرّة جوان في عهد بورقيبة، فإنّه لا يختلف إثنان ممن عايشوا السنوات التي كان فيها الزعيم سليمًا من المرض والخرف وفي كل مداركه الذهنيّة أنّ هذا الأخير كان وطنيّا ومنحازا للشعب ومنتصرا للفقراء أمام أثرياء البلاد وكبار المسؤولين.

ولعلّ هذه الواقعة الطريفة تُبيّن هذه الخصال لدى “المجاهد الاكبر” وقد رواها الدكتور والوزير المرحوم عمر الشاذلي حيث ذكر في مذكّراته أنّه في اواخر السبعينات كانت فرنسا تتكفل بالاربعة الاوائل المتحصلين على شهادة الباكالوريا ليزاولو الدراسة في الطب على نفقة الحكومة الفرنسية، وقد كان ترتيب ابن الدكتور محمد بن اسماعيل الخامس، وبن إسماعيل هو طبيب بورقيبة الخاص والاستاذ الجامعي والاخصائي الشهير في امراض القلب، وكان يرغب ان يكون ابنه من بين الدفعة.

تحدث الدكتور بن إسماعيل الى بورقيبة الذي طلب منه تذكيره بالامر عندما ياتي الموعد مع وزير التعليم العالي وقتها عبد العزيز بن ضياء (رحمهم الله جميعا) ولما استقبل هذا الاخير من لدن بورقيبة كان على علم بالامر ، فقال لبورقيبة: إنّ الاربعة المتفوقين يمتازون بمعدلات عالية جدا في مختلف المواد وان ابن الحكيم هو الخامس… فطلب بورقيبة دخول الحكيم … فدخل عليه وانضم للمجلس…

وفي الاثناء سأل بورقيبة عن اسماء وهوية التلاميذ الاربعة المتفوقين والمرشحين للذهاب الى فرنسا…فقال عبد العزيز بن ضياء: ان الاول من الساحل من ارياف مدينة الجم ويتيم… والثاني من زغوان وهو ابن فلاح بسيط …والثالث من ارياف ولاية صفاقس …وهو من عائلة فقيرة… وابوه عامل في البناء…..والرابع من جندوبة ومن عائلة ريفية ايضا…

هنا التفت بورقيبة وحسم في الامر حيث توحه الى الدكتور بن اسماعيل قائلا: ان ابنك ارقى منهم اجتماعيا..وانت اصبحت دكتورا كبيرا على نفقة والدك…عليك ان تبعث بولدك على نفقتك…اما هؤلاء فهم فقراء معدمون…وليس لهم سوى بورقيبة ليعلمهم…انا ابو هؤلاء …وابو الشعب الكريم…وليس لهم سواي..

هل علمتم الآن لماذا كان الشعب الكريم ولا يزال يحبّ بورقيبة؟ ولماذا لا يمكن لسياسيّي الهانة الذين يحكمون البلاد حاليا أن يبلغوا قدَم الزعيم؟؟ رغم مآخذنا الكثيرة على فترة حكمه وما رافقها من تجاوزات وفترات سوداء.. ولكن تلك مسألة أخرى لن نتحدّث عنها في ذكرى عيد النصر…

رحمك الله “يا سيّد الأسياد… ياحبيبي بورقيبة الغالي… يا مخلّص لبلاد… مُحال نِنسى فضلك من بالي”.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version