غزة: لماذا نجحت هذه الاتفاقية بين المقاومة والكيان… في حين فشلت العشرات على مدى سنة ونصف؟
نشرت
قبل 9 ساعات
في
محمد الزمزاري:
تم اخيرا الوصول إلى وجه من وجوه اتفاق هام بين المقاومة الفلسطينية والكيان المحتل بعد حوالي سنة ونصف السنة من برنامج ممنهج بين أطراف يقودها اتفاق بالقضاء على حماس و التعاطف مع المخطط الصهيوني القاضي علنيا ودون مراوغة على عملية واسعة بتهجير سكان غزة إلى سيناء.
كذلك ينوي الاحتلال بعد ذلك التفرغ لفعل نفس الشيء لسكان الضفة الغربية الأكثر مساحة وسكانا وتؤوى سلطة يقودها الرئيس عباس المتعامل مع الكيان أمنيا والذي عايش لسنوات خلت عمليات ايقافات و قتل و حشر في سجون الاحتلال و مهاجمة منازل و خلعها دون أن يحرك عباس ساكنا بل كان متفاعلا بلا حدود طبقا لما يسميه بـ”الاتفاق الأمني” مع اسرائيل… أما عن غزة فالمواقف التي عبر عنها لم تتجاوز التنديد مثله مثل أي ملاحظ اجنبي او اقل بكثير…
و عودة لمحتوى هذا الاتفاق المبرم رسميا و الذي آثار غضب وزير مالية اسرائيل الأكثر تطرفا ونازية والذي هدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو مع بعض حلفائه الرافضين اي اتفاق مع الفلسطينيين و المنادين بقتلهم جميعا أو تهجيرهم و تجويعهم… وهذا لا يعني ان نتنياهو اقل تطرفا او دموية لكن بعض المعطيات الميدانية و العالمية والداخلية بالأرض المحتلة قد اجبرته على الوصول إلى طريق مسدود:
اولا ان الحرب على غزة قد خبا بريقها اثر تدمير المنازل و المستشفيات وتقتيل الأطفال والمدنيين وفرض التجويع عبر غلق كل منافذ التمويل ومزيد تأزيم الوضع الذي مرت به غزة و شمالها على وجه الخصوص. العامل الثاني هو فشل الهدف المخطط له من الحرب على غزة وهو مخطط كما كنا ذكرنا سابقا يتمثل في القتل والدمار و التجويع لاجبار سكان غزة على الهجرة نحو سيناء وهو هدف افشله الموقف المصري الذي رفض اي تهجير لاراضيه بسيناء. وللحق ورغم ما يعاب على السيسي من مواقف أمام مجازر غزة فإن افشال المخطط الاستراتيجي للكيان والولايات المتحدة الأمريكية و حتى الغرب يحسب له وليس عليه.
ثالثا : ان احد الاسباب الدافعة هي استفحال و توسع المظاهرات داخل الكيان المنادية بابرام صفقة لاعادة المحتجزين والأسرى الصهاينة لدى المقاومة .. لكن في مقابل الدمار والشهداء من سكان غزة فقد افرزت الحرب اخطارا مجددة تجاه رصيد الكيان وهي تنامي المد المعادي وانتشار الدعم العالمي للقضية الفلسطينية و إسقاط ورقة التوت التي كان تغطي اسرائيل ..
إن الاتفاق يتم على مرحلتين تقريبا هما تسريح حوالي 40 اسيرا اسرائيليا من النساء او كبار السن من سجون المقاومة مقابل تسريح 1000 أسير فلسطيني بسجون اسرائيل، بمن فيهم من قام بعمليات مقاومة وقتل لاسرائيليين… يتم هذا في إطار هدنة لبعض اسابيع يقع خلالها انسحاب اولي للجيش الصهيوني من غزة وكذلك من محور “فيلادلفيا” ( المنطقة الفاصلة بين مصر و الكيان) والتي تم حل مشكلتها التي كانت حجر عثرة أمام الوصول إلى اتفاق.
وقد تمثل الحل في نشر الجيش المصري بهذه المنطقة التي تعتبرها اسرائيل مسلكا هاما للمقاومة ومنفذا لتسريب الأسلحة. كذلك احتوى الاتفاق على فتح المعابر لتزويد الفلسطينيين بالأدوية وكل سبل المعاش دون أي أشكال او تعطيل، وعودة السكان إلى شمال غزة حالما يتم إعادة تعمير غزة عبر عديد التمويلات الخليجية او العالمية، واثر الأسابيع التي تغطي فترة الهدنة يتم استكمال اتفاق إنهاء للحرب وتسريح لكامل الأسرى من الجانبين.
ان المقاومة الفلسطينية قد وشحت عل اكفان الضحايا انتصارا استراتيجيا افشل المخطط المديري للكيان و الولايات المتحدة الأمريكية و اثبت مدى تصميم الشعب الفلسطيني على النضال مهما كانت الخسائر و الاوجاع، كما اكدت الأحداث العقلية النازية الصهيونية التى لعبت اخر أوراقها عبر حرب.دموية دامت اكثر من سنة وانه لايمكن القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني.
كل هذه معطيات وافرازات و نتائج لهذه الحرب القاسية لكن يبدو أن اهم عامل لحسم موقف إيجابي تجاه الاتفاق هي بوادر توجه الرئيس الأمريكي الجديد القديم، المسكون بتقليص المساعدات الخارجية لدعم اوكرانيا و اسرائيل، و ايقاف كل نزيف تسببه مصاريف للـ”ناتو”، او لتمويل الحروب على حساب الميزانية الأمريكية.
ورغم ان الحرائق التي شهدتها بعض الولايات الأمريكية لا تبدو ذات تأثير على هذا الاتفاق كما يسوّق له البعض، فإنها ستشجع إصرار الرئيس “ترامب” في توجهه لفرض تخفيض إضافي للمساعدات الخارجية.