لمْسُ نار
غنجاء عريضي: نحن أبهرنا العالم !
نحن التونسيين أبهرنا العالم فبالثورة خرّبنا بلادنا … قالوا ثورة فهجمنا على المؤسسات و المغازات التي نتغذى منها فحطمناها و نهبناها و بعد الثورة تضاعفت الأسعار و صارت ترتفع من أسبوع إلى آخر و رغم ذلك بقينا نتردد عليها و نقتني منها ما نحتاجه مهما تضخم …
نحن التونسيين أبهرنا العالم نتكلم عن الكرامة و نهتك سترها نتحدث عن محاربة الفساد لكننا نمارسه ندرّس أبناءنا و نبذل لأجلهم كل شيء ليتخرجوا أطباء ثم نقدمهم هدية للدول الأخرى وبعد ذلك نسعى للعلاج في تلك البلدان . نحن شعب نذهب للتداوي في المستشفيات و نؤدب أصحاب القطاع … نحن التونسيين شعب عظيم . نصف رجال الأمن بالطاغوت و نستنجد بهم و نطالب الأمن بالأمن … نحن التونسيين ، لوزاراتنا سيارات فخمة و هي مدينة لشركة الكهرباء والغاز بالملايين . نحن التونسيين نطالب بالعمل و نكثف الإضرابات لنعطل دواليب العمل .
نحن التونسيين أبهرنا العالم فبنينا جدارا في السكة و عطلنا الإنتاج و التصدير لنصبح مستوردين نحن نحب الكلام و نمضغ العلكة نتحدث كثيرا و نعمل قليلا . “نوزّر” الناس بالمئات لنمتعهم بالخدم و السيارات . نعم نحن أبهرنا العالم بثورتنا الفريدة في نوعها . ثورتنا اللتي خربت كل شيء، احتقرت العلم فصار خريجو الجامعات عاملين في الحضائر و البيوت… افقدنا أطفالنا البراءة فصاروا معربدين في الطريق و أصبحوا يتتلمذون لدى قطاع الطرق يتعلمون فنون الاعتداء و الاغتصاب و الافتكاك . نحن أبهرنا العالم فارتفع عندنا منسوب الإجرام و البراكاجات …
نحن التونسيين ندافع عن حقوق الإنسان و نهين الإنسان نندد بالعنف و نحب الحوار و نمارس العنف … نحن ندعو للتقشف و نقيم الندوات و الاجتماعات و السفريات و الانتخابات و نفلس الشركات. نحن نرفض الولاءات ولكن نتزلف لأصحابها من أجل الحصول على الإمتيازات نحن نمنع الرشوة و لكن نتعامل بها نحن ننظم اللجان والهيئات لمجرد الهيئات نحن نسن القوانين و لكن لكي نخرقها …
نحرم الحرام و نمارس الحرام نحن أبهرنا العالم فتخلينا عن كل شيء جميل نحب النظافة لكن لوثنا محيطنا و أخذت عندنا المزابل محل الحدائق . نحن أبهرنا العالم فغنينا للكورونا إحتفلنا بها في الأعراس و تجمعنا و تعانقنا و تباوسنا ضاحكين ساخرين . نحن تحدينا الكورونا و تزاحمنا في الأسواق و أقمنا الحفلات . نحن من نقول ” إمشي بالنية و ارقد في النية ” نحن من نقول ” خليها على الله ” “لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ” .
نحن نحب وطننا و أهلنا و من أجله نغامر بحياتنا فنتجمع على الشواطئ و نتتداول على المثلجات و الكسكروتات و الشيشات. نحن هواة الإضرابات و الاحتجاجات يطالب فيها العاملون و الموظفون بالزيادات و يموت المتخرجون و أصحاب الشهائد العليا جوعا و قهرا . نحن من ندفع بشبابنا إلى البحر لقمة سائغة للحيتان . نحن أبطال حرية التعبير و شبابنا يعبر عن خيبة أمله بحرق نفسه. نطالب بحقوق الإنسان و لا نعطي حق أحد، و لا نعطي بلادنا و لو ربع حقها علينا
. ساستنا يدعون للعمل و لا أحد منهم يعمل، مدارس الآخرين تنجب جوائز نوبل و مدارسنا تفتخر بإتمام السنة الدراسية، مستشفيات العالم توزع اللقاح و مستشفياتنا تنتظر هبة من السماء، ثورات الآخرين نعمة و نور و تقدم، و ثورتنا نقمة و ظلام و ظلامية…. ألم أقل لكم إننا أبهرنا العالم ?