امام روتينيّة ما يحدث في بلدي رغم عديد الاشكاليات التي بقيت تترواح بين الركود ومن حين لآخر بعض الومضات امّا لرئيس الدولة وانصاره او لمناوئيه وتكرار نفس المواقف … قلت في نفسي والفضل يعود مرة اخرى للسيّد مارك وفايسبوكه ولـ “غوغل” هذه التحفة المعرفية .. قلت في نفسي لماذا لا اعكف على حدثين هامين وقعا منذ 2011 …
اولهما خدعة الربيع العربي كمشروع صممه الامريكان واذيالهم بدءا من تدمير العراق مرورا بتونس وليبيا ومصر وسوريا وثانيهما الحرب الروسية الاوكرانية ..وتوكّلت على الله وشاهدت اكثر من 250 فيديو تناولت هذه الاحداث بالدراسة والتحليل …وصدقا خلعت جبّة قناعاتي وميولاتي وحاولت جاهدا ان استمع واشاهد كلّ الاراء .وكلّ الاتجاهات ….في الموضوع الاول ركّزت خاصة على ما وقع في مصر وذلك لسبب ستعرفونه لاحقا …استمعت وشاهدت انصار مرسي وشاهدت مسلسل الاختيار في اجزائه الثلاثة ..
استمعت الى انصار الاخوان وفي قنوات عديدة واستمعت الى الذين انشقوا عن الاخوان منذ حكم السادات مرورا بحكم مبارك ووصولا الى فترة تولّي السيسي الحكم …وبعدها عرفت لماذا آزر الامريكان والغرب عموما الاخوان سواء في حكم مرسي او في الحرب ضدّ بشار او في تونس وليبيا …الولايات المتحدة في مشروعها الذي خططت له سنوات قبل ما اسموه الربيع العربي كانت ظاهريا دعامة كبيرة لثورة الشعوب ضدّ حكامها ودعما للديموقراطية _ وهي مثال للنفاق في ذلك ويكفي ان نعود لمواقفها من القضية الكبرى لنا جميعا فلسطين الحبيبة ومؤازرتها لعصابة الصهاينة تلك المغتصبة للارض والعباد والشجر والحجر حتى نعرف نفاقها وخداعنا بلوبانة الديموقراطية التي يردّدها هاكومة الجماعة لحدّ الان …
لبّ القضية انها كانت تهدف لخلق فوضى خلاقة في عديد البلدان العربية تهدف من ورائها إلى تشرذم هذه البلدان خدمة لمصالح اسرائيل وحفاظا على امنها لعقود ..واختيارها للجماعات الاسلامية كان في منتهى الخبث ..لانها درست بعمق تاريخ هذه الجماعات وتاكدت انها الوحيدة القادرة على تحقيق الفوضى الخلاقة ..تاريخ الجماعات الاسلامية هو تاريخ فتن ..وحتى في علاقة مختلف فصائلها بعضها ببعض هي علاقة فوضى دائمة وتكفير واغتيالات . لكأنّ لكلّ فصيل دينه ورسوله وقرآنه .اذن من يضمن للشيطان الاكبر امريكا غير جماعة الاسلام السياسي تحقيق الهدف المنشود ؟؟
مصر ولذلك اخترتها كمثال كانت اهمّ موقع ارتأته امريكا لتثبيت مشروعها من خلال مرسي العياط .. نظرا لاهميتها في المنطقة كاحدى الدول التي يُقرأ لها الف حساب … وفي الحقيقة هذا العيّاط كان مجرّد اسم لتنفيذ ما يمليه مكتب ارشاد الجماعة ..لم تدم حالة ايام العسل لعرس الجماعة في مصر رغم انّ انتخاب العياط كان دستوريا ولا غبار عليه لكن مشكلة الاخوان عبر تاريخهم انهم يقولون ما لا يفعلون وانهم فاشلون في ادارة شؤون البلد خاصة وهم لا يؤمنون بالوطن . بل فقط بالجماعة واغلبهم يعتبرون من هو خارج الجماعة امّا كافر او مرتّد .. كما حدث عندنا ايام انتخابات ما ..عندما خرجت احدى مرشّحات النهضة وعلى شاشة التيلفيزيون وهي تطلب من ائمة الجمعة ان يقولوا ومن على منابرهم لكلّ من لا ينتخب النهضة انّه كافر..
فهمتوني علاش قلت لمارك شكرا على التوثيق؟! ….
وفي نفس السياق وفي مصر هناك من جاء من زعماء ملّة من تلك الملل وبعد حسن البنّا وسيّد قطب _هذا الاخير كان وعلى امتداد 11 سنة من شبابه لا فقط شيوعيا بل ملحدا ..كيف تحوّل الى اخواني (زعمة هداه ربّي او اغراه الكرسيّ ؟؟) اعود لذلك الاخواني الذي خرج على جمهور انصاره و ادّعى انّه المهدي المنتظر … اي نعم …ولا عجب الم يحدث ما ماثله في تونس مع صاحب الخلافة السادسة ؟؟ ..وبدأ الشعب في تململ تجاه اخوان مصر ..وبدأ هدير التململ يكبر يوما بعد يوم …
كانت امريكا في تلك الفترة تطمئن مرارا عديدة العياط وجماعته بانّها لن تتركهم يغرقون …لكن وقع ما لم يكن في الحسبان … انه ظهور السيسي … عبد الفتاح السيسي في البداية هادنهم وترك للاعلام أن يفعل فعله لتعرية هؤلاء … ثم حدث ما اسماه اعداؤه الانقلاب وما اسماه انصاره تصحيح المسار ..ومما لا يذكره الاعلام كثيرا المفاجأة التي ضربت امريكا في الصميم … بل وهو الاهمّ ..امام بيان السيسي بايقاف العمل بالدستور وتنحية العيّاط امريكا قررت التدخلّ عسكريا ولكنّ المفاجأة الاكبر انها رصدت مطاردات روسية تحلّق في اجواء مصر … والاغرب انّ اقمارها الصناعية لم ترصد تلك المطاردات في اقلاعها بل تفاجأت بها فقط لحظة وصولها الى الاجواء المصرية ..وقتها فهمت انّ (اللعب حراش) وتراجعت عن التدخّل ..وهذا يوحي ايضا انّ السيسي تلقّى الضوء الاخضر من روسيا للاطاحة بالاخوان ..
اختم في هذه القضيّة بملاحظتين اعتبرهما هامتين…. اولاهما متى كانت امريكا تدافع عن الاسلام والمسلمين ان لم يكن لغاية في نفسها وهي تفتيت كلّ البلدان المجاورة لاسرائيل وجعلها تتخبط في فتنها خمسين عاما على الاقلّ؟ …الملاحظة الثانية السيسي سواء كنت معه او ضدّه وجّه ضربة قاسمة للاخوان ليس في مصر فقط بل في عديد البلدان الاخرى التي حكموا فيها ..خسارة الاخوان في مصر اضعفت حكم الاخوان ونفوذهم بشكل مذهل في عديد البلدان العربية وما بقي للبعض منهم الا رفع شعار رابعة ..اكيد تذكرتوهم …..
لا جدال في انّ ماحدث في مصر وانطلاقا من فضّ اعتصامي رابعة والنهضة (اعني نهضتهم اي ميدان النهضة المصري) ثم ميدان رابعة ثمّ ما تلا ذلك من عمليات ارهابية وعلى امتداد ثلاث سنوات، خلّف عددا مهولا من القتلى …وهذا مؤلم جدا انسانيا ..لكن الحروب وعبر تاريخها تقاس بنتائجها مهما كان عدد الضحايا ..هو ليس تبريرا لما وقع … ولكن تلك ضريبة الصراعات …وما يدور في الحرب الروسية الاوكرانية حاليا خير دليل على ذلك …
اكهو “شطّبنا” كما تقول نيلّلي وفي رواية اخرى ذوّق وشوّق ..الخميس المقبل ساتناول موضوع هذه الحرب … اختم، لم ادّع يوما انّي خبير او عرّيف في مثل هذه الاحداث كما يدّعي العديد ولكن كلّ ما عبّرت عنه كان من خلال ما استمعت اليه وشاهدته ايضا في فيديوهات عديدة ..وحتى ان عبّرت عن موقف ما فيما ذكرته عن مصر والاخوان او ما ساذكره عن الحرب الروسية الاوكرانية لا يعدو ان يكون مواقف متواضعة قد يكون غثّها اكثر من سمينها …