اللعنة على الكورونا أولا التي سجنت الأعمال الثقافية و الفنية و جعلت المبدعين و متابعي أعمالهم يعيشون تحت نظام الإقامة الجبرية مكرهين على استهلاك ما ينتجه المفلسون و أصحاب الوجوه المقصدرة … و اللعنة الثانية على من كرس كل مهجته للقضاء على كل نفس جميل في هذه البلاد و جر شبابها و كهولها إلى صالونات الرعونة و الميوعة و البلادة الذهنية و الذوقية ..
و لعل ما يثير الدهشة حقا أن هذه الموجة صارت بضاعة رائجة و تديرها شبكة هي أشبه بالعصابات … يقدمون المبدع الذي يختارونه على مقاساتهم على أنه صاحب إنجازات و أفضال على الثقافة و الفنون في تونس، فتتأكد منذ الدقائق الأولى أن الضيف بريء مما يزعمون و أنه عقوبة الله بل لا يستوعب أنه استدعي لكي يبهدلوا بحاله و لكي يورطوه في مشاكل و خصومات مجانية … أسئلة معدة مسبقا لا غاية من ورائها سوى دفع الضحية إلى السب و القدح و الذم أو التباكي و التظلم و استدرار عطف و غبينة المشاهدين أو المستمعين …أسلوب يقوم على الوشاية الرخيصة أو هتك الأعراض و النميمة و إعلان ما تفرضه أمانة المجالس …
كل شيء مباح في عمل هؤلاء طالما أن غايتهم تحقيق “البوز” و لو بالتعدي على أناس آخرين … و حتى الضيوف فلهم من الرخص و قلة الهمة ما يجعلهم يشاركون في هذه الولائم الوسخة مقابل كاشي يضاهي وضاعتهم … و من المبكيات أن تجد ضيفا يحاول بين تهمة و أخرى و وشاية و أخرى أن يمرر فكرة عن أعماله أو برامجه فلا يجد غير الصدّ من محاوره ليعيده إلى المستنقع الأول … بل أكثر من ذلك حيث يمنع عليه مدح شخص أو الثناء على أعماله لأن ذلك لا يتلاءم مع الخط التحريري الذي انتهجه جماعة البوتوكس و الكيراتين و جبدان الخدين …
خط تحريري يقوم على التمعش من هموم الناس و على ابتزاز المرضى بأوهام الشهرة …أهذه مشاغل الشباب و هل هذه الطرق هي التي ستساعد الشعب التونسي على الخلاص من حال الكآبة التي اعترته و ملأت فضاءه تلوثا و ضبابية ؟ ما هذه السكيزوفرينيا التي تسمح للمائعين بالتغاضي عن هموم الناس و خاصة الشباب منهم ليحملوهم ‘لى عالم مزيف عائم في التخدير و ترسيخ منطق الانتهازيه و النفاق و قلة المعروف ؟
أهذه بلاد الطررني التي سخر منها علي الدوعاجي؟ يبدو لي ذلك و إن لم تصدقوا فشاهدوا منوعات و حوارات التاسعة و الحوار التونسي ثم اسألوا عن أصل و فصل من يروّجون هذه البضائع الفاسدة و ستفهمون كل شيء