في يوم العيد… تعالوا نذبح الحقد من الوريد إلى الوريد !
نشرت
قبل سنة واحدة
في
أعلمنا مفتي الديار التونسية جازاه الله عنّا ألف خير، أننا سنحتفل غدا بعيد الاضحى…والعيد في مفهومه الشامل هو فرح والتقاء الجميع بالجميع…وسعادة الجميع مع الجميع…وضحك الجميع في وجه الجميع…وقد يحتضن الجميع الجميع في بعض البلدان والمجاميع…فهل نحن غدا سنكون كذلك… وسنسعد بالعيد…وسنفرح بالعيد…فهل يكفي أن نذبح خروفا لنسعد بالعيد؟ أم هل يكفي ان يقول مولانا مفتي الديار إنه العيد لنسعد بالعيد...
السعادة والفرح هما لقاء…وبهجة تغمر كل الاسر والعائلات…بهجة لا تستثني غائبا…ولا مريضا…ولا قريبا ولا بعيدا…بهجة نذكر فيها من ماتوا منّا ومن تركونا…نذكر خصالهم …نذكر أفعالهم…وندعو لهم بالرحمة والمغفرة…فهل العيد مجرّد ذبح خروف والاستمتاع بلحمه كما يعيش اغلبنا، أم هو التقاء الحاضر بالغائب وعودة لمشاعر الحبّ والمودة والرحمة لمنازل قد تغيب عنها السعادة وقد يهجرها الفرح لأشهر أو حتى أعوام.؟؟؟ وهل العيد مجرّد خطبة صلاة نستمع فيها إلى ما ينصحنا به الإمام ثم نخرج لا نلقى التحية على جارنا أو حتى على أحد افراد عائلتنا، أم هو تحابب وإخاء ومودّة وإبادة شاملة لمشاعر الحقد والكراهية؟؟
شخصيا أعتبر الأعياد أعياد حبّ فالعيد فرحة…والفرحة حبّ…والعيد فرصة لا تعاد ليجمعنا الحب جميعا…فعيد دون حبّ لا يمكن اعتباره عيدا…فالحبّ هو الذي يجمعنا…فلولا حبّنا لبعضنا البعض وشوقنا لبعضنا البعض لما اجتمعنا في اعيادنا نسعد معا ونفرح سويا، لذلك فكل أعيادنا هي حبّ ودونه لا شيء، هي فقط مراسم وطقوس…أنا لست مع الذين يجعلون يوما خاصا للحب يسمونه عيد الحبّ…فالحياة لا تستقيم دون حبّ فحين يغيب الحبّ تحضر الأحقاد والضغائن والكراهية…وهذا ما نعيشه اليوم ومنذ سنوات خلت…فكيف تسمون غدا عيدا وبعضنا يحقد على بعضنا…وبعضنا يتربّص ببعضنا، وبعضنا يسيء لبعضنا…وبعضنا لا يريد خيرا لبعضنا، وبعضنا يتآمر على بعضنا، وبعضنا يقطع الطريق امام بعضنا، وبعضنا يجتثّ بعضنا، وبعضنا يلفّق التهم لبعضنا، وبعضنا يعرقل عمل بعضنا؟
اسأل كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا فقد بعضه بحرا هاربا من وطن لم يجد له مكانا فيه…؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا من فقره لن يذبح لأبنائه خروفا …وبعضنا الآخر يغلق باب منزله حتى لا يعلم الجيران انه لم ولن يذبح لقلّة ذات يده؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا أطرد من عمله فقط لأنه يختلف سياسيا مع المنظومة الحاكمة؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضنا لا يمكنه العودة إلى وطنه فقط لأنه اغضب بعض من هم حول “السلطان” والسلطان لا يعلم…؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعضهم أحيلوا على التقاعد الوجوبي وهو في عزّ حماسهم للعمل وخدمة الوطن وأهل الوطن؟ كيف يكون غدنا عيدا وبعض مؤسساتنا تتعامل مع موظفيها بشعار “العزري اقوى من سيدو”؟ كيف يكون غدنا عيدا والحقد يملأ صدورنا…كيف؟ كيف يكون غدنا عيدا وأغلب شبابنا ينتظر ما وعدناهم به من شغل وكرامة؟ كيف يكون غدنا عيدا وجيوب أغلب سكان الوطن قاحلة لا مال فيها ولا غذاء…ولا حتى دواء؟
تعالوا لنعيد الحبّ في ولأعيادنا…تعالوا ندخل الحبّ كل منازل والبيوت…تعالوا نشعل نور الحبّ في منازل يسودها ظلام الحقد والكراهية…تعالوا نؤكّد للجميع أننا في تونس قادرون على الحبّ …قادرون على العطاء…والحبّ عطاء…والعطاء حبّ…تعالوا لنقول للجميع اننا لسنا أصناما من الصلصال…وان مشاعرنا لا تزال حيّة رغم حجم الأحقاد الذي غزا البلاد…وسكن صدور العباد…تعالوا…نجمع الجميع حول الجميع…حتى السجناء…كيف لا؟ أتدرون أن حاكم ولاية من ولايات بلاد العمّ سام أبقاه الله ذخرا للفقراء والمساكين والايتام، أقول حاكم ولاية من ولايات العمّ سام زوج الماما أمريكا قرر في أحد الأعياد ان يحتفل كل السجناء وعددهم حينها اكثر من أربعين الف سجين من جميع أصناف السجناء …أعود لأقول قرر أن يحتفلوا بأحد الأعياد في منازلهم مع عائلاتهم…يسعدون مع أطفالهم…يفرحون مع زوجاتهم…يلعبون الورق مع جيرانهم ورفاقهم…فقط بسوار الكتروني في أرجلهم يرافقهم أينما ذهبوا حتى غرف نومهم هو يمارسون بعض طقوس الحبّ خلسة…ولم تسجل حالة هروب او خروج عن النظام إلا في اربع حالات تمّ تطويقها بسرعة…أليس هذا حلاّ للجميع ليسعد الجميع…أهم أكثر منّا إنسانية؟ أهم أكثر منّا ايمانا بصلة الرحم؟ فلم هم يفعلون ونحن لا؟
تعالوا نعود كما ولدنا أبرياء…بمناسبة عيد يجمعنا…تعالوا نجعل كل الناس سعداء…وتعالوا نذبح الحقد من الوريد إلى الوريد…ونقول الحبّ أكبر …الحبّ أكبر…ونسعد بالعيد…